جودة الحياة / هل الحب أعمى...؟! - ثقافة

  • 11/20/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يسري بين كثير من الناس المقولة الأفلاطونية «الحب أعمى» حتى أصبحت هذه المقولة وكأنها قانون غير قابل للجدل أو لاحتمالات الخطأ والصواب، وترسخت هذه المقولة من خلال ملاحظة بعض الأفراد لنماذج من الأزواج أو الأحباب والأصدقاء، فنرى كثيراً من البشر يبهرهم ويثير استغرابهم مظهر زوجين لا يرون فيهما ما يمكن أن يجمعهما أو يربط بينهما، آخذين بالمظاهر فقط دون الدخول في أعماق هذين الزوجين أو معرفة ما يجمع بينهما. وللصراحة نقول ان العلاقة بين البشر عموماً والزوجين خصوصاً، لا تعتمد على الإعجاب بالشكل فقط، بل تمتد إلى جوهر هؤلاء الأشخاص ونفسياتهم وميولهم ورغباتهم أيضاً. قد تبدأ العلاقة إعجاباً بالشكل، ولكن هذه العلاقة لن يكتب لها الاستمرار والرسوخ ما لم تتعزز بالانسجام الروحي وتلبية رغبات واحتياجات الشريك. كل منا يبحث عن من يؤمن له الراحة والطمأنينة من خلال بحثه عن الصديق أو الشريك الذي يشعرنا بالراحة ويمنحنا الاطمئنان، حيث تتلاقى الأرواح قبل الأجساد، وتتكامل فيها النظرة إلى الحياة والمستقبل لهذين الزوجين. إننا نرى بعيوننا ظاهر الأشياء، ولكن عيون القلوب ترى ما تخفي النفوس وتشعر بما في القلوب، لذلك فليس كل ما نراه يعبر عن حقيقة الأمور وصدق المشاعر. قد تبدأ العلاقات بين الناس من خلال الانطباع الأول عند اللقاء، ولكن استمرارية هذه العلاقات تحتاج إلى توافق وانسجام بين الشركاء، بحيث يقدم كل شريك للآخر ما يحتاجه ويخدم اهتماماته النفسية والمادية. أما في حال اقتصر الإعجاب على الشكل، ولم يدعم بما يخدم استمرار هذه العلاقات من تلبية لحاجات الشريك، فالفشل سيكون خاتمة هذه العلاقة. ولكن عندما يسود الحب نتعامى عن هفوات وزلات من نحب وهذا تفسير لما يذاع عن الحب. ومن هنا نرى أن مقولة «الحب أعمى» هي انعكاس لظاهر الأشياء وليس لحقيقتها، لذلك فالحب ليس أعمى، وإنما العمى هو في التفسير القاصر لما نراه من ظاهر الأشياء. والحب الحقيقي هو الحب الواعي ذي الأسس والقواعد المبنية على التفاهم والحوار وإشباع الحاجات النفسية لكل منهما والتعامي أحياناً عن بعض الزلات والهفوات والأخطاء الصغيرة. لقد خلقنا مختلفين لتتلون الحياة بجميع ألوان البشر، لا لتكون ذات لون واحد فتفقد بهجتها ورونقها. فمن المستحيل على العقل والمنطق والدراسات الموضوعية وكذلك الحقائق العلمية أن تؤيد هذه المقولة، وحتى المعتقدات والأديان لا تبشر بمثل هذه النظريات، بل هي أقرب ما تكون إلى الطرح الفكاهي المتظارف المنتشر بين الناس، حتى أصبحت وكأنها نظرية علمية، إضافة لانتقاصها لرجاحة عقل الأزواج وحسن اختياراتهم، وتدخل في إرادتهم وتوجهاتهم ومشاعرهم. ونختم بالقول ان النظرة للحب كما النظرة لكثير من القضايا هي قضية نسبية ترتبط بالأشخاص وحاجاتهم، وكما يختلف البشر ومتطلباتهم وتطلعاتهم تختلف نظرتهم إلى أمور الحب والارتباط. * مستشار جودة الحياة Twitter: t_almutairi Instagram: t_almutairii talmutairi@hotmail.com

مشاركة :