الروائية بشرى أبوشرار تكشف أن الذاكرة سر يسكن داخل كل شخص منا، سواء كان شخصا عاديا أو مبدعا، ومن خلال هذا السر تتكون ملامحنا.العرب أحمد رجب [نُشر في 2017/11/20، العدد: 10818، ص(15)]بشرى أبوشرار: الأدب في حقيقته هو جنس مشاغب بطبيعته تعتبر الروائية الفلسطينية بشرى أبوشرار من أبرز الأصوات السردية اليوم في فلسطين، لما تمثله رواياتها من تناول مختلف للواقع بأسلوب أدبي خاص. في حديث حول عوالمها الأدبية، تؤكد أبوشرار أن الرواية في أفضل نماذجها هي بمثابة سيرة ذاتية للروائي الذي يكتبها، وتقول إن أسماء شخصياتها مثل “حنين” و”شمس“، ترددت وتكررت في عدد من أعمالها الروائية. بالإضافة إلى رواية ”مدن بطعم البارود“ هي تعبير عن هذه الرؤية التي تجعل من حياة الروائي مصدرا للأحداث وللسرد في أعماله الروائية، وتشير إلى أن ما قدمته من أعمال روائية هو بمثابة أماكن تسكنها لذا تأتي نصوصها السردية من الذاكرة. وتقول أبوشرار إن الذاكرة هي رصيد الكاتب الذي يكتب من خلاله، وخصوصا في حالة الكاتب الفلسطيني الذي يحتفظ في ذاكرته بكل تفاصيل طفولته وشبابه في وطنه الذي اضطر إلى مغادرته، بسبب جرائم الاحتلال الصهيوني الذي هجر البشر والحجر، وحيث تتشكل في داخل وجدان وكيان كل كاتب ومبدع فلسطيني قوة ملحة، لأن يغزل خيوط هذه الذاكرة بثوب جديد، وهي ذاكرة كامنة في داخل كل كاتب بصفة عامة وليس الكاتب الفلسطيني فحسب. وتقول الكاتبة “إن الذاكرة سر يسكن داخل كل شخص منا، سواء كان شخصا عاديا أو مبدعا، ومن خلال هذا السر تتكون ملامحنا، وهو السر الذي يلون الدم في عروقنا، حيث تكون هذه الذكريات في بعض الأحيان شبحا يطارد كلّا منا، ولكننا نحاول أن نهرب منه. كما تؤكد على أن من بين هذه الذكريات ما يؤلم روحنا، ومن بينها في نفس الوقت ما تشرق به ذواتنا. لافتة إلى أن حكايتها مع الكتابة من روح ذاكرة المكان، شخوص من زمن يمضي ويذوي نوره”. وتقول بشرى إنها تستمد تفاصيل كل عمل روائي تقوم بكتابته من ذاتها ومن واقعها المعيش، وإن الرواية بالنسبة إليها بمثابة أدراج الخزينة التي يحمل كل درج منها مغاليقه وأسراره وحكايته، وأنها تقدم رواياتها من واقع عذاباتها ومن واقع حالات أنهكت قواها على حد تعبيرها. وحول ما يسمى بالكتابة النسوية، تقول أبوشرار إنها لا تعترف بأن هناك ما يسمى بالكتابة النسوية، لكن توجد كتابة أدبية لا يمكن وصفها بأنها كتابة نسوية أو كتابة ذكورية، حيث لا يمكن وصف ما يكتبه الرجال مثلا بأنها كتابة ذكورية، لكن في كل الأحوال فإن الأدب في حقيقته هو جنس مشاغب بطبيعته، لكن مع الأسف فإن البعض حاول أن يستغل ما يسمى بالكتابة النسوية في أن يقدم نصوصا فجة لا تتناسب مع طبيعة الأدب، مؤكدة في ذلك الصدد على اعتقادها الجازم بأن زمن المدارس الأدبية والأجيال والأزمان التي تقسم الأدب قد انتهى، وأن الإبداع لم يعد يعرف مثل هذا التقسيم الزمني. وتقول أيضا إن الكاتب مخلوق من مشاعر وإحساس مرهف، لذلك فهو يكتب من رحم الوجع والألم الذي يتعرض له في حياته، وليس من قلعة عاجية يعيش فيها بمفرده. وعن روايتها ”أعواد ثقاب”، حيث فصول الرواية ثمان وعشرون عودا بعدد الحروف الهجائية، تقول أبوشرار ”رواية أعواد ثقاب توهجت في قلبي من براءة الدهشة الأولى، رواية الإنسان الفلسطيني المطرود من وطنه، وهو إنسان دائم الترحال، حزن يحاصرني منذ الأعواد الأولى، كما هي أيضا صرخة جائع دخل قفص الاحتضار“. وتؤكد الكاتبة أن ”أعواد ثقاب” تعتبر بالنسبة إليها بوتقة الخروج من عالم القصة القصيرة إلى عالم أكثر اتساعا وهو الكتابة الروائية، والتي تلمست بداياتها في الكتابة من بوابتها، حيث تعتبر أن كل عود تماهى وعالم القصة القصير، وأنه حتى بالنسبة إلى روايتها اللاحقة “شمس”، فقد رأت أن تكرّر فيه الشكل الفني الذي اتبعته في أعواد ثقاب، فشمس تستعيد فيها طفولتها عبر مواقف كل منها يتماهى وعالم القصة القصيرة. وحول ما وصفته بمناخ الشللية الذي يسود حاليا في الوسط الأدبي، تقول أبوشرار “الشللية هي التي باتت تتحكم في قرارات النشر بالعالم العربي وليست المعايير الموضوعية أو النقدية للأعمال التي يتم نشرها أو ترشيحها للنشر”، واصفة ما يحدث في محيط عالم النشر حاليا بأنه حالة من الفوضى العارمة، وأن المشهد الأدبي يعيش حالة من الضبابية، وسط غياب لأي معايير معروفة للانتقاء والاختيار بين النصوص.
مشاركة :