من يسير في طريق الحرمين شرق مدينة جدة، لن يفوته مشاهدة تلك المحطة الضخمة، والتي تتميز بتصميمها الفريد ومساحتها الشاسعة وموقعها الإستراتيجي، والذي خصص لانطلاق قطار الحرمين من مدينة جدة إلى مكة المكرمة، ويعد هذا المشروع أحد أهم مشروعات المؤسسة العامة للسكك الحديدية، والذي سيقوم عند اكتماله بنقل 9000 راكب في الساعة الواحدة، كما يعد المشروع أضخم مشروع نقل عام في الشرق الأوسط وهو أحد المشروعات الحيوية الملحة، وذلك مع زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين وارتفاع أعداد حوادث الطرق، خصوصًا في الطرق السريعة، مما يساهم في المحافظة على الأرواح والممتلكات، كما يعتبر المشروع فريدًا من نوعه بالنظر إلى أنه أول قطار كهربائي سريع يعمل في بيئة منطقة الشرق الأوسط.المشروع كان حلمًا ليس لسكان مدينة جدة فقط بل وجميع حجاج ومعتمري بيت الله الحرام، وقد واجه المشروع العديد من الصعوبات والتحديات والتأخير في الإنجاز والتأجيل في الاطلاق؛ لأسباب مختلفة منها خضوع مكوناته الأساسية لإعادة تصميم لتتوافق مع أجواء هذه المناطق، خصوصًا ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى عوامل الأتربة والغبار، وكذلك مياه السيول والأمطار، كما شهد المشروع مرحلة معقدة تتعلق بالتعويضات ونزع الملكيات، والتي بلغت في مجملها 5150 عقارًا منها 1600 عقار مأهول بالسكان، ولكن مع كل تلك التحديات التي كان من الممكن أن تجهض ذلك الحلم إلا أن القطار كان ينطلق في رحلات تجريبية مختلفة بين جدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ، مما ساهم في رفع سقف الآمال والتطلعات لدى سكان المنطقة بقرب انتهاء المشروع وإطلاقه، وفق الموعد المعلن خلال عام 2018م.بالأمس وفي رحلة تجريبية أخرى للقطار استقل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، ونائب أمير المنطقة الأمير عبدالله بن بندر، والمستشار بالديوان الملكي الأمير بندر بن خالد الفيصل، ومعالي وزير النقل الدكتور نبيل العامودي قطار الحرمين من محطة السليمانية بجدة إلى محطة الرصيفة بمكة المكرمة، وهي خطوة تاريخية بل لعلها كانت حلمًا لكثير من الناس أن يستقل في يوم ما قطارًا ليصل من جدة إلى مكة بل وإلى الحرم الشريف بعيدًا عن الطرق السريعة وزحمة الدخول إلى مكة، خصوصًا في المواسم.فشكرًا جزيلًا لكل من ساهم في هذا الإنجاز، وهكذا هي الأحلام الكبيرة لا تتحقق بسهولة، فلابد من الصعوبات والعقبات، ولكن الهمم الكبيرة والعزيمة القوية والإصرار يصنع المستحيل، ولا تزال هناك العديد من الأحلام كمطار الملك عبدالعزيز الجديد والواجهات البحرية وغيرها من المشروعات التي أعلن عنها، وينتظر الكثيرون تحقيقها في القريب العاجل بإذن الله.
مشاركة :