شهدت مدينة جدة السعودية منذ ساعات فجر أمس وحتى نهاية اليوم أمطاراً رعدية، تركزت غزارتها على اجزائها الشمالية والغربية. وفي مشهد أصبح يتكرر سنوياً، تسببت الأمطار الغزيرة في غرق شوارع عدة، ومقار جهات حكومية ومستشفيات ومراكز صحية وعدد كبير من المنازل جراء السيول، فيما انطلقت صافرات الإنذار في المحافظة على أثر اشتداد الحالة المطرية التي تشهدها المناطق الغربية من المملكة. وحولت الأمطار الشوارع الرئيسة في جدة إلى مجرى سيول، وأغلقت الطرق، وتحولت أنفاق المدينة إلى بحيرات مائية. وأعلنت الهيئة العامة للأرصاد وحمايه البيئة أن كميات الأمطار التي هطلت على جدة تتراوح بين ٢٥ و٣٥ ملم في الوقت الذي أكد مدير مركز التميز لأبحاث التغير المناخي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور منصور المزروعي، أن كمية الأمطار التي هطلت حتى الآن في مرصد جامعة الملك عبدالعزيز هي 56.9 مليمتر. وأعلن مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة تأخر أربع رحلات مجدولة صباح أمس، إذ صرح المتحدث الرسمي للمطار تركى الذيب إلى «الحياة» بأن سبب تأخر الرحلات الأربع هو تأخر وصول بعض المسافرين وقادة طائرات إلى المطار، بسبب إغلاق بعض الطرق. وأشار الذيب إلى أن عمل مركز الأرصاد ما زال مستمراً في استقبال وإرسال التقارير المناخية، من دون خلل، عبر أجهزة بديلة، حتى إصلاح العطل. ورصد طيران الأمن من على ارتفاع 500 قدم المناطق المتضررة من الأمطار التي هطلت على جدة، لتظهر صور وزعها طيران الأمن توزع معظم الأضرار على المناطق الشمالية والشمالية الشرقية والغربية من مدينة جدة. وأعلن مركز الأزمات في إمارة مكة المكرمة عن إغلاق عدد من الأنفاق لارتفاع منسوب المياه، فيما تابع أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل الحالة المطرية عبر مركز الأزمات والكوارث في إمارة مكة، كما نشرت الإمارة عبر حسابها على «تويتر» صوراً لأمير المنطقة في مركبته يتابع الحالة المطرية في عدد من شوارع مكة المكرمة. وورد إلى مركز التحكم والتوجيه في الدفاع المدني بمدينة جدة ١٤٢٥ بلاغاً، تباينت بين حالات احتجاز وتماس كهربائي، وحالات فردية، باشر الدفاع المدني منها ٢٥٠ بلاغ تماس كهربائي، وعمليات إنقاذ ٤٠٠ حالة احتجاز داخل مركبات ومنازل. وتم إنقاذ شخصين بوادي تمايا، ووردت الدفاع المدني خمس حالات من صعق كهربائي باشرته وتسلمته الجهات ذات الاختصاص، منها حالتا وفاة إحداها لطفل. وأعلنت المديرية العامة للدفاع المدني أن مراكز التحكم والتوجيه في مناطق مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وتبوك والجوف استقبلت من مساء أول من أمس (الإثنين) وحتى صباح أمس 1989 بلاغاً منها 1425 في مكة المكرمة و542 في المدينة المنورة و16 في تبوك و6 في الجوف، جراء الأمطار التي هطلت على تلك المناطق. وأوضح المركز الإعلامي في الدفاع المدني أنه تم إنقاذ 481 محتجزاً منهم 400 في مكة المكرمة، و54 في المدينة المنورة، و19 في تبوك، و8 في الجوف، مشيراً إلى أن غالبية الاحتجازات كانت داخل المركبات، إذ بلغ عدد المركبات التي تم إخراجها 41 مركبة، كما تم إخلاء وإيواء 10 أسر. ودعا المركز المواطنين والمقيمين إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم البقاء في مواقع جريان السيول والأودية. ولم تغب المشاهد الإنسانية عن المشهد، إذ أعاد آسيوي (فيليبيني الجنسية) أنقذ مُسناً علقت سيارته وسط مياه الأمطار في جدة أمس، إلى الأذهان صورة البطل الباكستاني فرمان، الذي توفي غرقاً في سيول جدة عام 2009 بعد نجاحه في إنقاذ 14 شخصاً من الغرق. ووثق مواطن عبر مقطع فيديو قصير المشهد، حين كان رجال الدفاع المدني يحاولون إيصال سترة النجاة للمسن برميها إليه، فيما قفز الفيليبيني عائماً وسط المياه، ووصل إلى المسن وحمله، وأوصله إلى سيارة الإنقاذ في الجهة المقابلة من الشارع الغارق بمياه الأمطار. ووجّه وزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بفتح تحقيق عاجل مع رجلي الدفاع المدني اللذين تباطآ في إنقاذ المسن المحتجز. واعتذر الدفاع المدني السعودي عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، لعدم سرعة تفاعل عناصره في التعامل مع تلك الحالة التي علق فيها مواطن بسيارته وسط السيول. وأكدت أن مثل تلك التصرفات فردية، ولا تمثل ما يقوم به رجال الدفاع المدني من تضحيات وأعمال إنسانية كبيرة. وحظيت بطولة المنقذ الفيليبيني بإشادات واسعة لمغردين على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مطالبين بتكريمه على عمله البطولي والشهم. إلى ذلك، حذّر المتحدث الرسمي للهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني من استمرار الأمطار حتى مساء اليوم. وكانت هيئة الأرصاد أشارت إلى أن محافظات جدة وعسفان وخليص وبحرة حتى مكة المكرمة والطائف، ستشهد هطول أمطار رعدية من متوسطة إلى غزيرة، قد تؤدي إلى جريان السيول، وتُصحب بنشاط في الرياح السطحية. وعلقت الدراسة أمس، في عدد من المحافظات السعودية بناءً على تحذيرات الدفاع المدني وهيئة الأرصاد وحماية البيئة.
مشاركة :