من حق الاوساط الحاكمة في إيران أن تشعر بما هو أكثر من القلق ذلك ان المرحلة الحالية تشهد أحداث وتطورات جارية تتسم بنمط وسياق مغاير تماما لكل ما قد جرى خلال المراحل السابقة طوال قرابة 40 عاما، وإن التحذيرات الصادرة من جانب قادة ومسٶولين إيرانيين تبين بشكل واضح إن المخاوف في طهران جدية. الطريقة التي تتبعها الادارة الاميركية في التعامل والتعاطي مع إيران، هي اسلوب جديد بالمرة وغير مسبوق. فلأول مرة لا تجد في الاسلوب أي نوع من أنواع الليونة والمرونة وانما هناك مهلات محددة وبعدها يتم إتخاذ خطوات عملية، وبعد الخطوات الموجعة التي إتخذتها وزارة الخزانة الاميركية ضد الحرس الثوري بتصنيفه ضمن قائمة المنظمات الارهابية وكذلك الشروع في تصنيف أحزاب وميليشيات في دول المنطقة من التي تتبع طهران، ضمن قائمة الارهاب، جاءت خطوة موجعة أخرى حيث قرر الرئيس الاميركي وفي سابقة من نوعها بتخفيض شراء النفط من إيران، وهذا ما سيعطي للقادة الايرانيين مدلولا إضافيا جديدا عن الموجة التي ركبتها إدارة ترامب ضد إيران والتي يبدو إنها في طريقها لتصبح أمواجا كالجبال! الحرب الناعمة التي كانت سائدة ضد إيران خلال العقود الماضية من جانب الادارات الاميركية المختلفة، يبدو إن إدارة ترامب لم تعد تعول عليها كثيرا وطفقت في إستخدام نمط حربها الخاصة التي أثارت وتثير عاصفة من الغضب والسخط في طهران لكن الملف فيها إن الاخيرة هي من تقف منتظرة لترى ما ستفعله واشنطن في الخطوة التالية، بمعنى إن إدارة ترامب قد غيرت من طريقة إدارة الصراع ضد إيران وجعلتها أكثر جدية من أي وقت مضى وذلك بعدم السماح لإعطاء زمام المبادرة لإيران كما فعل أوباما. الضرب على الوتر الاقتصادي الايراني، كما يبدو ذالك واضحا لحد الان في ضوء ما قد تم إتخاذه من قرارات وإجراءات أميركية ضد إيران، هو اسلوب كما يبدو له أثره الكبير جدا ليس على الداخل الايراني وانما على مختلف الاصعدة، ومثلما معروف عن الايرانيين طول الصبر والمطاولة، فإن واشنطن تعاملهم بنفس الطريقة التي تكاد أن تكون شبيهة لمن يقف أمام خصمه في منطقة مكشوفة وهو ينتظر أن تتم مباغتته بسيل من الرصاصات القادمة من أي اتجاه كان! الاوضاع أكثر من صعبة في طهران التي تشهد تصاعد المواجهات بين الاجنحة من جانب وتزايد الاحتجاجات الشعبية المقترنة بتصريحات ومواقف للرئيس روحاني يصفها البعض بأنها رمي قناع الاعتدال، ماذا يجري في إيران؟ إنها أحداث وتطورات تٶسس ومن دون أي شك لمرحلة صراع جديدة، حيث لا تمتلك فيها إيران العدة اللازمة لها. منى سالم الجبوري
مشاركة :