د. علي توفيق الصادق * قال المناضل نيلسون مانديلا في يوليو/ تموز عام 2003 في خطاب له في القبة السماوية في جوهانسبرج: «التعليم هو السلاح الأقوى الذي نستطيع أن نستعمله لتغيير العالم»، وقال كوان تشونك في القرن السابع الميلادي: «إذا خططت لسنة ازرع رزاً، وإذا خططت لعشر سنوات ازرع شجرة، ولكن إذا خططت لمئة سنة فعلم الأطفال». وفي تقرير عن التنمية في العالم 2018 بعنوان «التعلم لتحقيق الدور الموعود من التعليم» الذي أصدره البنك الدولي في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، يبرز التعليم كأداة فعالة في محاربة الفقر وقهره والتخلص منه. والسؤال هو لماذا وكيف؟. وحسب تقرير التنمية المستدامة لعام 2017 الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة في 20 يوليو 2017 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، فإن عدد فقراء العالم تراجع ولكن ما زال نحو 767 مليون شخص يعيشون في حرمان شديد وبأقل من دولارين في اليوم (1.9 دولار).نذكر في هذا السياق أن عدد أهداف التنمية المستدامة المرسومة لعام 2030 هو سبعة عشر هدفاً على رأسها هدف القضاء على الفقر ورابعها التعليم الجيد.تقرير التنمية في العالم 2018، يقول أن كل سنة دراسية إضافية ترفع دخل الرجال والنساء ما بين 8% و11% على مستوى البلدان مرتفعة الدخل؛ وبين 5%و11% في بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وبين 8% و11% في بلدان شرق آسيا والمحيط الهادئ. وتبين «الدراسات التجريبية» على مجموعة متنوعة من البلدان (مثل هندوراس، وإندونيسيا، والفلبين، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة)، أن التعليم يؤدي حقاً إلى زيادة الدخل. وترتبط زيادة التعليم أيضا بالتمتع بحياة أطول وأكثر صحة، كما أن له فوائد دائمة للأفراد والمجتمع ككل. صحيح أن كل سنة دراسية إضافية ترفع دخل الرجال والنساء، ولكن البنك الدولي يحذر من «أزمة في التعليم» في قطاع التعليم على مستوى العالم ويدعو إلى زيادة قياس مستوى التعلُّم والتحرك بناء على الأدلة. وأفاد التقرير أن الالتحاق بالمدارس بدون تعلُّم لا يمثل فقط فرصة إنمائية ضائعة، بل يشكل أيضا ظلما عظيما للأطفال والشباب في مختلف أنحاء العالم. ويرى التقرير أنه بدون تعلُّم، سيفشل التعليم في الوفاء بالوعد المنتظر منه بإنهاء الفقر المدقع وخلق الفرص وتحقيق الرخاء للجميع. واقع الحال يشير إلى أن ملايين الأطفال لا يستطيعون القراءة أو الكتابة أو إجراء العمليات الحسابية البسيطة الأساسية. ويقرر البنك الدولي أن أزمة التعلُّم تؤدي إلى اتساع الفجوات الاجتماعية بدلاً من تضييقها.ويرى رئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم، إن أزمة التعلُّم ما هي إلا أزمة أخلاقية واقتصادية لأن المعروف أن التعليم يؤهل الشباب عندما يُقدَّم تقديما جيدا للحصول على وظائف وأجور أفضل، وصحة جيدة، وحياة بلا فقر. ويحفز التعليم الابتكار ويدعّم المؤسسات ويعزز التماسك الاجتماعي. لكن هذه المنافع من التعليم تتوقف على التعلُّم وبدونه يمثل الالتحاق بالمدارس فرصة ضائعة. حبذا لو تبنت مؤسسة أو أكثر من المؤسسات العربية الضالعة بمجال التعليم لإعداد تقرير «مؤشرات ودرجات التعلم في البلدان العربية» لكي نحدد نقاط القوة لدعمها ونقاط الضعف لمعالجتها. * مستشار اقتصادي
مشاركة :