تحاول الجزائر التكيّف مع تراجع إيرادات النفط والغاز، من طريق خفض الواردات التي استنزفت مواردها الآخذة بالانكماش من العملة الصعبة الضرورية، لدفع ثمن المنتجات المصنعة في الخارج لكنها لا تحقق الكثير من النجاح في ذلك. ويكمن مفتاح جهودها في فرض استصدار تراخيص لاستيراد مجموعة واسعة من المنتجات. لكن نظام الحصول على الرخص تشوبه تعقيدات إدارية، ويؤكد رجال أعمال أن القيود المفروضة على واردات المواد الخام تعرقل الإنتاج المحلي. وقال رئيس الجمعية الجزائرية لمنتجي المشروبات علي حماني إن «هناك مؤشرات جيدة من الحكومة، لكن على أرض الواقع لا يوجد أي تأثير والأمور ليست واضحة». ويشكل النفط والغاز 60 في المئة من موازنة الجزائر. لكن أسعارهما بدأت في الانخفاض عام 2014، ومن المتوقع أن تهبط احتياطات النقد الأجنبي إلى 97 بليون دولار هذه السنة من 193 بليون دولار قبل ثلاث سنوات. وفي مواجهة هذه المشكلة، لا تركز الجزائر على جلب مزيد من العملة الصعبة لكن على خفض الواردات. وهي تفرض قيوداً على 30 شريحة مثل السيارات وبعض منتجات الغذاء والمواد الخام وتستهدف خفضها بمقدار 15 بليون دولار في السنة الجارية. لكن النتائج مخيبة للتوقعات حتى الآن، إذ بلغت قيمة الواردات 38.18 بليون دولار في الشهور العشرة الأولى من السنة، بانخفاض 1.8 في المئة عن الفترة ذاتها من 2016. وزادت واردات الغذاء 4.5 في المئة إلى 7.12 بليون دولار. وقال عضو في الاتحاد الوطني الجزائري للصيادلة طالباً عدم ذكر اسمه، إن «مشاكل الإمداد ناتجة من بطء الإجراءات الإدارية. رخص الاستيراد لا تصدر في الوقت الملائم، ما يمهد لزيادة العجز تدريجياً». وتصدر لجنة شكلتها وزارات عدة رخص الاستيراد، ويؤكد خبراء أنها بطيئة في اتخاذ القرارات. والأسوأ من ذلك، تبيّن الشركات أن الحد من الواردات يجعل من الصعب زيادة الإنتاج المحلي نظراً لنقص المواد الخام في ظل نظام الترخيص الجديد. وقال العربي الغويني مستشار الأعمال وأستاذ الاقتصاد في جامعة الجزائر، إن «سياسة الاستيراد الجديدة فشلت لأنها قرار غير مدروس ورديء صدر من دون إعداد بدائل». وتراجعت واردات الأدوية على سبيل المثال 5.01 في المئة إلى 1.42 بليون دولار في الأشهر التسعة الأولى، ولفت مستوردون إلى أن «القيود أحدثت عجزاً». وأكد معلم في إحدى المدارس وهو يقف أمام إحدى الصيدليات في العاصمة الجزائر، بعدما فشل في العثور على الأدوية التي كتبها له طبيب القلب، أن «المشكلة تؤثر في المنتجات الأساسية (...) إنها كارثة».
مشاركة :