خلطت خطوة رئيس الحكومة سعد الحريري بالاستقالة التحالفات السياسية القائمة وصدعت جبهات كانت حتى الأمس القريب متينة وصلبة. ولعل أكثر تحالف تأثّر سلباً برياح الاستقالة هو حزب «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»، إذ كثر الحديث في الصالونات «المستقبلية» عن كلام سلبي نقله رئيس «القوات» سمير جعجع إلى الرياض عن أداء الحريري في الحكومة، وهو ما كان له وقعٌ لدى مركز القرار في الرياض. وأقر وزير الداخلية نهاد المشنوق، مساء أمس الأول، بأن ثمة «ندوبات أصابت العلاقة مع معراب خلال الفترة الماضية»، مضيفاً: «القول إن العلاقة ممتازة وجبّارة وعظيمة وفظيعة ولم يَحدث شيء، غير صحيح». وإذ أشار إلى أن «هذه المسألة ستعالج بالحوار بين الطرفين»، لفتت مصادر متابعة إلى «لقاء يفترض أن يجمع في الأيام القليلة المقبلة الحريري وجعجع، سيكون مفصلياً، فإما يرمّم هيكل العلاقة بين الفريقين، فيرصّان الصفوف مجدداً ويخوضان الانتخابات جنباً إلى جنب، انطلاقاً من المبادئ السيادية، التي جمعتهما منذ عام 2005، أو يؤسس جعجع لتموضع سياسي جديد، قد يعلن بموجبه استقالة وزرائه من الحكومة». عون إلى ذلك، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، «أننا تمكنا من تجاوز الأزمة، واستطعنا إعادة الأمور إلى طبيعتها في فترة قصيرة نتيجة الوحدة الوطنية». ودعا خلال استقباله وفداً من «الليونز» أمس، إلى «عدم الخوف، فما من أزمات إلا وستحل وفق مصلحة لبنان، ولن يؤثر علينا أحد في كل ما يتعلق بسيادتنا واستقلالنا طالما نحن نغلب مصلحة لبنان على ما عداها من مصالح». وشدد عون على أن «عيد الاستقلال هذا العام كان عيداً حقيقياً»، موضحاً أنه «لم يعد هناك من هو قادر على التأثير علينا بما يهدد استقلالنا وسيادتنا». وقال: «اطمئنوا لقد بات لدينا وطن يتعامل مع غيره من الدول، من باب المساواة والندية وليس من باب الخضوع». وختم: «لا تخافوا، معنا لا أزمات، وكل شيء يحل لمصلحة لبنان». الحريري في السياق، شدَّد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على أنّ «خيار التريّث يتيح في مكان ما فرصة لجميع الأفرقاء السياسيين للتأكّد من أنّ النأي بالنفس عن كل ما يحصل من حولنا هو السياسة الأساسية التي تحمي لبنان من أيّ مشاكل في المنطقة»، مؤكداً أن «هذا الخيار هو لمصلحة البلد». وقال الحريري، خلال استقباله مساء أمس الأول، في «بيت الوسط» مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان: «علينا أن نتحاور جميعاً لكي نصل إلى برّ الأمان ونحافظ على سلامة هذا البلد وسلامة اللبنانيين، وعلى علاقاتنا مع كل الدول العربية الشقيقة التي لديها الحق أيضاً في أن تحافظ على أمنها. ونحن نريد أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية». المشنوق في الأثناء، أكد الوزير المشنوق: «أننا لم ننته من الأزمة، وهي مفتوحة لكن تصرّف لبنان الرسمي... ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب يتصرفون على قاعدة احتواء الأزمة التي هي خارجية في الدرجة الأولى»، مشيراً إلى أن «الرئيس عون أقرب إلى الشراكة مع الرئيس الحريري في كيفية تداول موضوع النأي بالنفس في المرحلة المقبلة». ورأى المشنوق، في حديث تلفزيوني مساء أمس الأول، أن «الرئيس عون يتمتع بالمسؤولية تجاه الاستقرار وهذا عهده ولم يمض سنة بعد عليه وهو يهمه الحفاظ على الأمن والاستقرار بالشراكة مع الحريري». وتابع: «نعوّل على استراتيجية دفاعية يكون فيها سلاح حزب الله موجهاً ضد إسرائيل فقط وليس أي دولة عربية»، مؤكداً ان «التريّث لا يعني إلغاء مضمون الاستقالة لأن لبنان لا يستطيع أن يتحمّل مسألة تمدد حزب الله خارج لبنان». ورفض رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، الإملاء الإيراني، الذي جاء على لسان قائد الحرس الثوري محمد الجعفري. وقال جنبلاط في تغريدة عبر «تويتر»، إنه «كما استهجن اللبنانيون الطريقة غير المألوفة في التعاطي مع الشيخ سعد، من بعض الأوساط السعودية، نرفض هذا الإملاء الإيراني على لسان محمد الجعفري قائد الحرس الثوري»، الذي تضمن أن سلاح «حزب الله» غير قابل للتفاوض.
مشاركة :