مدرسة «فان كليف آند آربلز»... فن وتاريخ ومجوهرات

  • 11/25/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

حطت مدرسة «L’ÉCOLE فان كليف آند آربلز» الفرنسية رحالها في دبي لثلاثة أسابيع، قدّمت خلالها عدداً من دوراتها في التاريخ الفني للمجوهرات وعالم الأحجار الكريمة وعالم الدراية (الحرفية والخبرات)، إضافة إلى إقامة معرضين حول المجوهرات الإماراتية التقليدية، ومعرض آخر لمجوهرات من مجموعة مقتنٍ إماراتي. على مدى نهار كامل تعرفت على المدرسة وأقسامها، كما أُتيحت لي فرصة لحضور ورشة بعنوان: «التعرف على مكونات قلب ساعة ميكانيكية» والتي أشرف عليها اثنان من معلمي «ليكول فان كليف». الورشة امتدت 3 ساعات، وكان عدد الحضور فيها محدوداً (7 أشخاص)، أمام كل منا الجزء الداخلي من ساعة يدوية وأدوات يستخدمها كل صانعي الساعات من الملقاط الدقيق، إلى العدسة المكبرة التي تلتف حول الرأس وتثبت على العين، والمفكات مختلفة الأحجام. كانت المهمة أمامنا، وحسب عنوان الورشة، هي تفكيك وتركيب البناء الداخلي للساعة. تبدأ المعلمة الدرس بشرح القطع الداخلية للساعة وتركيبها، ثم تعرج إلى خطوات محددة لفك أجزائها، بينما يدور صانع الساعات أمير لطيف على كل منا للتأكد من إلمام كل طالب بالخطوة المطلوب إتمامها. بعض الحاضرين كانت لهم خبرة بصياغة المجوهرات، ولكن البعض الآخر كان هناك بدافع الرغبة في المعرفة. يجب القول: إن المهمة معقدة جداً، لإتمام كل خطوة لا بد من التركيز التام وثبات حركة اليد، يتوقف أمير أمام طاولتي ثم يتناول الملقاط الدقيق والمفك لتحريك بعض التروس الدقيقة بمهارة وخفة يد بارعة مع هدوء وثبات، أعبر له عن دهشتي وإعجابي بالدقة المتناهية ويجيبني بهدوء «أتمنى أن أكون كذلك بعد 20 عاماً قضيتها في المهنة». جارتي تبدو ملمة أكثر بالخطوات المختلفة، يتابع عملها أمير ويقول مبتسماً «إنها أفضل مني!». أسألها إنْ كانت تعمل في المجال، وتجيب بأنها تعمل في «ليكول فان كليف» في باريس، وأنها كانت تحضر الدورات المختلفة بحكم عملها، ولكنها أحبت أن تجلس في مقعد الطالب لأول مرة. يمضي الوقت والطلاب مشغولون بفك كل أجزاء الساعة أمامهم، ثم يعودون بعد ذلك لتركيب كل تلك القطع مرة أخرى متّبعين إرشادات مارين وأمير. صانع الساعات... حب وصبر بعد نهاية الورشة أسأل أمير عن عمله في مجال الساعات وفي المدرسة، يقول: «بعد أن تخرجت في المدرسة عام 1997 التحقتُ بمدرسة لصناعات الساعات في جنيف، وبعد تخرجي هناك عملت مع شركة (روليكس) لـ6 أعوام، ثم بعدها انتقلت للعمل في (فان كليف آند آربلز) حيث أدرب صناع الساعات في الدار». ما الذي يحتاج إليه صانع الساعات في «درا فان كليف» من حيث التدريب والمؤهلات؟ يقول: «بدايةً يجب أن يكونوا صناع ساعات مؤهلين لديهم أكثر من 4 سنوات من الخبرة، مثل ما فعلت أنا، فقد تعلمت في مدرسة صناعة الساعات في جنيف لمدة 4 أعوام، وبعد التخرج تحتاج إلى سنوات من العمل والخبرة لتصبح صانع ساعات جيداً». ماذا يلزم الشخص أيضاً ليكون صانع ساعات ماهراً؟ يجيب: «العاطفة والصبر، أقول دائماً إذا أردت أن تكون صانع ساعات يجب أن تتحلى بشيئين: تحتاج إلى أن يكون لديك حب للصناعة وأيضاً الصبر لتقضي ساعات طويلة جالساً تقوم بنفس الحركات. أيضاً يجب أن تكون لديك ذاكرة جيدة، فما يفعله الطلاب في هذه الورشة القصيرة جزء ضئيل جداً من العملية كلها، فإذا كنت صانع ساعات محترفاً فهناك تفاصيل معقدة جداً مثل أن تجد نفسك تعمل في 500 قطعة في الوقت نفسه». ويضيف أن «صانع الساعات أيضاً يجب أن يتمتع بذاكرة بصرية حادة لتذكُّر القطع وأماكنها». وأضيف من ناحيتي «بالطبع يجب أن تكون ملماً ولديك يدان ثابتتان لذلك، ليس كما نفعله هنا اليوم»، فيجيب بلطف: «لقد قمتي بعمل جيد هنا رغم أنها المرة الأولى لكِ». المدرسة حلت بدبي لـ3 أسابيع فقط وهي المرة الأولى لها في المنطقة، ومن جولاتها السابقة -كما يقول أمير- حلت في اليابان وهونغ كونغ ونيويورك. أسأله: «ما انطباعاتك عن الورشة ودبي؟ يقول: الناس هنا لطيفون جداً ويريدون التعلم ويريدون معرفة التفاصيل خلف تلك العقارب والتروس». ورش المجوهرات والأحجار الكريمة أترك الورشة لمرافقة ماري فالانيه ديلوم، رئيسة «ليكول للفنون والمجوهرات»، في جولة على الأقسام المختلفة للمدرسة تبدأها بالقاعة، حيث تقام ورشة علم الأحجار الكريمة، ثم نمرّ على ورشة الساعات وورشة للرسم وأخيراً ورشة لصياغة المجوهرات. في ورشة عالم الأحجار الكريمة، تشرح لنا إحدى المعلمات أن المدرسة تقدم من خلال الورشة أكثر من موضوع منها: التعريف بعالم الأحجار الكريمة (الماسات أحجار استثنائية: التاريخ والأساطير - الماسة، استثنائية ما بين الأحجار الكريمة). تقول: «جاءنا طلاب لديهم بعض الخبرة في مجال المجوهرات واستمتعوا بها، وإن كانت كل الدورات والورش التي نقدمها تستهدف أشخاصاً دون خبرة معينة في المجال». وتشرح مصدر المجوهرات والفروق بين القطع المختلفة، ويمارس الطلاب مستخدمين المكبر والملقاط عبر نماذج من المجوهرات الثمينة وغيرها: «نشرح للطلبة نوعية الحجر ومصدره والفروق بين التقطيعات المختلفة للحجر». في الورش خزانات عرض لمجموعة من الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة الخام، تشير إليها وتقول: «نحن محظوظون لأن متحف الأحجار الكريمة في باريس أعارنا بعض القطع نعرضها هنا». معارض مجوهرات ولآلئ وفي الجولة نمر على معرض خاص يقام في «ليكول فان كليف» بعنوان: المجوهرات الفاخرة بعيون أصحاب الأذواق العالية. يستضيف هذا المعرض مجموعة من المجوهرات الفاخرة التابعة لمقتنيات أحد هواة جمع التحف في منطقة الشرق الأوسط. وتضم المجوهرات المعروضة قطعاً نفيسة تنتمي إلى حقبة فن «آرت ديكو»، وصولاً إلى قطع عصرية تحمل توقيع مصممين معروفين من فرنسا وإيطاليا وأميركا، إلى جانب قطع مجوهرات مجهولة المنشأ. هناك أيضاً معرض بعنوان «اللآلئ والمجوهرات في منطقة الخليج»، يقام بالشراكة بين مدرسة L’ÉCOLE «فان كليف آند آربلز» ومؤسسة «كالتشرال إنجينيرينغ»، زوّاره غرضهم استكشاف تاريخ اللآلئ والمجوهرات في منطقة الخليج ومقومات جمالها وأساليب تصنيعها بالإضافة إلى حرفية جلب أحجار اللآلئ الطبيعية من أعماق البحار. ونمضي لآخر معرض بعنوان «زينة إماراتية: ملموسة وغير ملموسة». وتقول ماري فالانيه ديلوم: «هذا المعرض مؤثر جداً فقد تبرع ملاك بعض المجوهرات بقصص من عائلاتهم وكتابتها. هناك أرشيف ضخم بهذه القصص، ولدينا أيضاً صور فوتوغرافية ونماذج من البراقع الإماراتية». يقدم هذا المعرض، المقام بالتعاون مع مشروع «لئلا ننسى»، مجموعة من قطع الزينة الإماراتية التي تتيح للزوّار فرصة ثمينة لاستكشاف أعماق جماليات الهوية الإماراتية وملامحها الأصيلة والحياة الثقافية من خلال مقتنيات التزيّن. ويضم المعرض أدوات زينة ملموسة من بينها الملابس والبرقع والمجوهرات والإكسسوارات والأحذية، إلى جانب أدوات زينة غير ملموسة مثل الحنّاء والكحل والعطور ومواد التجميل وكذلك جهاز العروس وأدوات العناية بالأظافر والشعر.

مشاركة :