التوازنات السياسية تدفع السلطات الرسمية التونسية إلى الصمت.العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 2017/11/25، العدد: 10823، ص(4)]في مرمى الاتهامات تونس - حرّك قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر، تصنيف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الداعية المثير للجدل يوسف القرضاوي، كيانا إرهابيا، سجالا سياسيا وقانونيا تعيشه تونس منذ السماح لذلك الكيان بفتح فرع له في البلاد في العام 2012 أثناء فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة الإسلامية. وتعالت الأصوات السياسية والدينية التي تُطالب الحكومة بغلق فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتونس، فيما سارعت حركة النهضة الإسلامية التي يحتفظ عدد من قادتها بعضوية الاتحاد، إلى محاولة النأي بنفسها والتنصل من علاقاتها به. ونفت الحركة الإسلامية في بيان لها، وجود علاقة لرئيسها راشد الغنوشي بالقائمة الصادرة عن الدول التي صنفت أفرادا ومنظمات على لائحة الإرهاب، وذلك في إشارة إلى القرار الصادر عن السعودية والإمارات والبحرين ومصر. ورغم أن الموقع الرسمي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على شبكة الإنترنت مازال يضع صورة الغنوشي إلى جانب أعضاء مجلس أمناء هذا الاتحاد، فإن حركة النهضة اعتبرت أن “الزجّ باسم الغنوشي في هذا المجال هو محاولة يائسة لتشويه فكره”. وأعربت في بيانها، عن استغرابها من “إقحام الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ضمن مثل هذه القائمة”.لطفي الشندرلي: تصنيف اتحاد القرضاوي كيانا إرهابيا قرار شجاع جاء في توقيت مفصلي ووصف الشيخ الزيتوني لطفي الشندرلي رئيس المركز الدولي لحوار الحضارات والأديان والتعايش السلمي، قرار الدول الأربع، تصنيف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كيانا إرهابيا، بالقرار الشجاع الذي جاء في توقيت مفصلي. وقال لـ”العرب”، إن الشعوب العربية والإسلامية تضررت كثيرا من هذا الاتحاد الذي قدّم صورة مُشوّهة عن الإسلام بدعمه التنظيمات والجماعات المُتطرفة، وبتشجيعه الشباب على التوجه إلى بؤر التوتر، والانضمام إلى الحركات الإرهابية. وأصدرت الدول الأربع المقاطعة لقطر، الخميس بيانا صنّفت فيه “كيانا إرهابيا” كل من “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” و”المجلس الإسلامي العالمي”، إلى جانب إدراج 11 شخصية إسلامية جديدة ضمن “قائمة الإرهاب”. ودعا الشندرلي في المقابل، السلطات التونسية إلى غلق فرع هذا الاتحاد في تونس، قائلا” أطالب الحكومة بالتحرك السريع لغلق فرع تونس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لأننا قاسينا من فكر الذين يقفون خلف هذا الاتحاد، ومن مواقفهم وفتاويهم المُتطرفة”. وتجد السلطات التونسية نفسها في موقف مُحرج على الأصعدة السياسية والدبلوماسية والأمنية، وهو ما يُفسر صمتها إزاء القرار، رغم أن الجدل حول هذا الموضوع لم يتوقف منذ افتتاح فرع للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في تونس في العام 2012. وبدا الموقف التونسي إزاء هذا الموضوع مُرتبكا منذ تصاعد الخلافات بين الدول الأربع وقطر، حتى أنه في نهاية شهر أكتوبر الماضي، ترددت أنباء مفادها أنّ السلطات التونسية قد تكون طلبت من المشرفين على فرع الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين بتونس تقليص نشاط الفرع. وتوقّع مراقبون حينئذ أن يكون هذا الطلب مُقدمة لغلق هذا الفرع الذي اتخذ مقرا له بشارع خيرالدين باشا بوسط تونس العاصمة، والذي أثارت نشاطاته، وخاصة منها الندوات الفكرية التي نظمها، استياء العديد من القوى السياسية والأكاديمية التي حذرت من خطورتها على أمن البلاد. ورغم أن السلطات التونسية سبق لها أن أكدت عزمها على التصدي لكل التنظيمات والجمعيات والكيانات مشبوهة التمويل والأهداف، إلا أنها لم تتخذ لغاية الآن أي إجراء علني رسمي ضد هذا الفرع. ودفع الموقف المُتردد، الدبلوماسي التونسي السابق عبدالله العبيدي إلى القول لـ”العرب”، إن طبيعة التوازنات السياسية الراهنة التي تلعب فيها حركة النهضة الإسلامية دورا كبيرا، “تجعل الحكومة مُكبّلة، وغير قادرة على اتخاذ قرار حاسم بشأن هذا الملف”. ووصف ملف فرع تونس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بـ”المُعقّد” بسبب تشابكه بمصالح تونس الاقتصادية في علاقة بقطر، وكذلك أيضا بتركيا. ويُشاطر هذا الرأي الأكاديمي التونسي خالد عبيد، الذي قال لـ”العرب”، إن هذا الملف يجعل السلطات التونسية في “حرج سياسي ودبلوماسي واقتصادي”، ذلك أنه إذا أخذت بقرار الدول الأربع التي صنّفت الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كيانا إرهابيا، وطبقته على فرع الاتحاد بتونس، ستخسر دعم قطر، وإذا لم تأخذ به ستهتز علاقاتها بالسعودية ومصر والإمارات والبحرين”. وأعرب عن اعتقاده بان تونس “ستحاول التعاطي مع هذا الملف على أساس مراعاة التوازنات الإقليمية، وحجم مصالحها دون أن تُضحي بعلاقاتها مع قطر أو غيرها من الدول الداعمة لها”.
مشاركة :