كيفية تمكُّن القتلة من تنفيذ جريمتهم بهذه السهولة؟ الإندبندنت تطرح تساؤلاً حول المنفذ الحقيقي لمذبحة الروضة

  • 11/25/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تُثبت مجزرة مسجد سيناء أمس الجمعة، 24 نوفمبر/تشرين الثاني، ما كان يشك فيه كثيرون على مدار أشهر في مصر، وهو أنَّ تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" -حتى وإن لم يعلن مسؤوليته عن الهجوم صراحةً بعد- يسيطر على شبه الجزيرة، مستهدفاً المزيد من ضباط وأفراد شرطة نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحسب ما كتب الصحفي البريطاني روبرت فيسك في مقاله المنشور بصحيفة البريطانية. وبالتالي -كما يقول فيسك- يثبت ذلك أنَّ الهزيمة التكتيكية للتنظيم في العراق وسوريا لا تعني لداعش سوى مجرد تغييرٍ في الموقع. ويوضح الكاتب البريطاني، المقيم في بيروت والذي غطَّى عدة حروب ونزاعات بالشرق الأوسط على مدار 40 عاماً ويعمل حالياً مراسلاً لصحيفة الإندبندنت لمنطقة الشرق الأوسط، أنه لن يؤدي "سقوط" سيناء -وصولاً ربما إلى مدينة شرم الشيخ الواقعة جنوبي سيناء التي يُفترَض أنها منتجع سياحي "آمن"- في قبضة التنظيم، سوى إلى مزيدٍ من التقويض لمزاعم السيسي الطائشة عقب الانقلاب، بأنَّه سيُنهي "الإرهاب" في مصر. ويؤكد فيسك أن هذه المعركة المزعومة قد أدَّت إلى سجن 60 ألف معتقل سياسي مصري، يُزعَم أنَّهم "إرهابيون"، لكن كثيراً منهم شباب صغار أغضبتهم الديكتاتورية الفعلية للسيسي، وأيضاً إلى وقوع عددٍ غير مُحدَّد من حالات القتل والإخفاء القسري. لكن العالم، كالمعتاد، انخرط أمس في إرسال التعازي في الضحايا الأبرياء لأعداء السيسي. وبالفعل أُغفِل ضحايا النظام فيما كان حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ورئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، وحشدٌ من القادة الغربيين الآخرين يدينون عملية القتل الجماعي "الشريرة والجبانة" لـ305 مصلين على الأقل، بمسجد الروضة غرب العريش. يضيف الكاتب البريطاني في مقاله: "في الاجتماع الطارئ للحكومة برئاسة السيسي بعد الهجوم، وهناك الكثير والكثير من هذه الاجتماعات الحكومية "الطارئة" في القاهرة هذه الأيام، بالتأكيد طُرِحت أسئلةٌ حول كيفية تمكُّن القتلة، باستخدام العبوات الناسفة وإطلاق النار، من قتل عددٍ كبير كهذا من المدنيين، بينهم عدد ليس بقليل تجمعه بقوات الأمن علاقات جيدة". هل فعلها النظام؟ ويتساءل فيسك: "هل يُحتمَل أن يكون هذا الهجوم "عملية داخلية" جرى التخطيط لها داخل أجهزة الدولة؟ هذا هو السؤال الذي كان يجب طرحه منذ وقائع القتل الأخيرة في سيناء، التي خلَّفت بحسب الإحصاءات الرسمية 30 قتيلاً -رغم أنَّ العدد الحقيقي للقتلى قد يكون أكبر من ذلك بكثير- والتي كان من بينها كمين استهدف أكثر من 10 من القادة الكبار في الشرطة والجيش، كان يُفترَض أنَّهم هم من ينصبون كميناً لداعش". ويتابع الكاتب في مقاله قائلاً: "هذا على الأرجح هو العنصر الأخطر في التمرُّد الحالي بسيناء، الذي حصد أرواح آلاف آخرين، بينهم أقباط من الأقلية المسيحية في مصر وجنود وأفراد شرطة. وعلى مدار أكثر من عام، كان الجيش المصري يستخدم الضربات الجوية ضد المتمردين، وهو النمط الذي يشبه كثيراً بداية الحرب الأهلية السورية". ويكشف فيسك عن أن السيسي أرسل قبل عامين رجاله الأمنيين ليناقشوا مع حكومة السوريين كيفية التعامل مع الخصوم. ويتساءل مجدداً: "لكن مَن يدري متى ستجري دعوة السلطات السورية لإرسال ضباطها من أجل إسداء المشورة للمصريين؟". بالنسبة للغرب -بحسب المقال- تُبدِّد الزيادة في انتشار الأعمال المرتبطة بداعش في سيناء بطبيعة الحال كل تلك المزاعم الصادرة من إيران، وأيضاً الأميركيين والبريطانيين بأنَّ التنظيم انهزم. ومن الواضح أنَّ مصر هي الهدف التالي. فمنذ الهجمات على كنائس في القاهرة والإسكندرية ومدن أخرى غربي نهر النيل، بات واضحاً أنَّ داعش بالفعل قد "عَبَر النهر". فأنت لست آمناً في سيناء، لكنَّك أيضاً لست بمأمنٍ في القاهرة. وغنيٌّ عن القول -وفقاً لفيسك- فإنَّ مصر ستحظى الآن بوقتٍ تحصل فيه على الدعم العسكري الغربي بسهولةٍ أكثر من ذي قبل، وستتكرَّر بلا شك رحلة التسوُّق العسكرية التي قام بها السيسي إلى فرنسا هذا الشهر. وستجعل زيادة التسليح للجيش المصري أقوى، وبالتالي ستشعر حكومة السيسي بجرأةٍ أكثر في القبض على خصومها السياسيين أو تعذيبهم. وبالتأكيد يعلم داعش أنَّ شعبية السيسي تتراجع بصورةٍ متزايدة في مصر: فوعوده بالانتعاش الاقتصادي بعد فترةٍ من التقشف أثبتت حتى الآن كذبها. والانتخابات، كما يقولون، تلوح في الأفق. الشيء الوحيد الذي تملكه السلطات المصرية في صفها هو أنَّ وسائل الإعلام مُنِعَت فعلياً من تغطية الحرب في سيناء. وبالتالي فإنَّ أعداد الوفيات، التي ربما تفوق الأرقام المعلنة بمراحل، باتت بصورة كبيرة لا يجري الإعلان عنها أو ينفيها الجيش باعتبارها "معلومات خاطئة". ويختم مقاله بالتأكيد على أن مذبحة سيناء كانت الأكثر دموية في الحرب الدائرة حالياً ضد الحكومة في القاهرة، لكنها لن تكون الأخيرة.

مشاركة :