فيلم A Bad Moms Christmas يصل إلى دور العرض بعد 15 شهراً فقط من عرض الجزء الأول الذي حقق نجاحاً كبيراً غير متوقع، وبلغت إيراداته 184 مليون دولار مقابل ميزانية لم تتجاوز 20 مليوناً. المفاجأة الأكبر أن ذلك الفيلم زاحم عمالقة «مارفل» و«دي سي» صيف العام الماضي مثل «سوسايد سكواد» و«إكس من: أبوكاليبس». 15 شهراً فقط تفصل بين الجزأين الأول والثاني من الفيلم. ولعل القارئ يتذكر كيف شهد أغسطس 2016 مفاجأة أخرى في فيلم Don’t Breathe، الذي حقق كذلك نجاحاً منقطع النظير بالنسبة لفيلم بميزانية منخفضة طرح في الصالات مع «أمهات سيئات» في عز الصيف وزحمة الأبطال الخارقين. «كريسماس الأمهات السيئات» يدق مسماراً آخر في نعش الكوميديا، فعندما نرى أن الفيلم جلب أمهات الأمهات يتضح لنا ضعف الفكرة. وعندما نرى أن الفيلم يتخذ من الكريسماس عذراً لوجوده، نعلم أن العذر قبيح، خصوصاً لو نظرنا إلى جدول أفلام الكريسماس، سنلحظ وجود فيلم آخر غير ضروري هو Daddy’s Home 2، وهو بالضبط مثل أمهات سيئات، لكن عن آباء وآبائهم! في نهاية الجزء الأول من «أمهات سيئات» تعلمت كل أمٍّ التمرد على تحديات حياتها مع زوجها، فتركن بيوتهن وخرجن للاحتفال والثمالة قبل العودة إلى جادة الصواب، وتبيان أهمية موازنة حياة كل واحدة منهن بين المسؤولية والترفيه، وكيف تمكنت كل واحدة منهن من رد الاعتبار لنفسها بعد استغلالهن من قبل أزواجهن وأصدقائهن. الآن، بما أن ما سبق نهاية الجزء الأول، فما الحاجة إلى جزء ثانٍ؟ ألم تتعلم الأمهات شيئاً من أخطاء الماضي؟ هل عدن أمهات سيئات من جديد؟ أم إن الفكرة عن أمهات الأمهات؟ لو كانت إجابتا السؤالين الأخيرين نعم، فلماذا نهتم؟ 6 أيام القصة تبدأ من ستة أيام قبل الكريسماس، أيمي (الأوكرانية الأميركية ميلا كونيس) وكيكي (كريستين بيل) وكارلا (كاثرين هان) يرغبن في الاحتفال بالكريسماس، لكن هناك زائرة متوقعة وغير متوقعة لكل واحدة منهن. روث (كريستين برانسكي) والدة أيمي عنصرية مسيطرة، وتنتقد كل ما تراه أمامها. في الوقت نفسه، كيكي المرهقة من أعباء الحياة مع زوجها وأطفالها الأربعة تزين المنزل بشجرة الكريسماس لتفاجأ بوالدتها ساندي (شيريل هاينز) تزورها قبل الموعد المحدد بثلاثة أيام، وتخطط للإقامة معها ثلاثة أسابيع. ساندي تحب كيكي كثيراً لدرجة أنها تلبس ملابس مطبوعاً عليها صورة كيكي في أيام مراهقتها؛ ما يتسبب في إحراج الأخيرة. أما كارلا، فإن علاقتها مختلفة مع والدتها آيسس (سوزان ساراندون) التي تصل في حافلة سياحية، إذ تفرح كارلا بوجود والدتها، وترحب بإقامتها معها. تبدأ معاناة كل أم مع والدتها حيث إن روث مبذرة جداً وتحب المظاهر، بينما ابنتها أيمي تريد احتفال كريسماس متواضعاً. والدة كيكي تحب ابنتها إلى درجة عدم وضع أي اعتبار للخصوصية، فنراها لا تتردد في الجلوس في غرفة نوم كيكي وزوجها في اللحظات الخاصة جداً! أمّا والدة كارلا فتعاني مشكلة الإدمان على الكحول والقمار، ولا تزور ابنتها إلا عندما تحتاج إلى المال. تسلية بالأجر برانسكي ممثلة قديرة تستطيع تأدية دورها التافه هنا وهي نائمة، وهاينز ضائعة، أما ساراندون فمثل برانسكي جاءت للتسلية وقبض الأجر. الفيلم بلا فكرة ولا هدف ويتبع الجزء الأول، إذ تضجر كل أم من أمها، كما ضجرت كل واحدة من زوجها في الجزء الأول، وبعد الضجر يقلن «تباً لهذا الوضع» معلنات تمردهن، والذهاب للاحتفال والثمالة! هذا هو الفيلم. إلا أن التمرد هنا أضعف وغير مقنع لسبب واحد أن البطلات غير مقتنعات بجدوى التكرار، لكن عندما يكون هناك أجر للتكرار، فما المانع! هناك مشهد حواري طويل لأيمي ووالدتها في كنيسة في شيكاغو تتخلله دموع يمتد ربما لخمس دقائق (نعم، بإمكانك العبث بهاتفك الذكي خلاله لو شئت)، ولا نعلم كيف يتحاور شخصان كل هذه المدة أثناء قداس ديني ليلة الكريسماس، وما الذي يفعله القسيس أثناء الحوار؟ ولماذا لا يطردهما؟! وعندما تشير الساعة إلى 12 صباحاً تتذكر أيمي ووالدتها أنه الكريسماس فتقولان: «علينا إنقاذ الكريسماس»، فتخرجان من وسط القداس! وتنطلقان إلى البيت لتزيينه! سؤال للكاتبين المخرجين سكوت مور وجون لوكاس: ما أهمية مشهد الكنيسة؟ ثم إن مشاجرة أيمي مع والدتها قبل تصالحهما بحاجة إلى إعداد نفسي كثير، وليس دقيقتين فقط قتلت كل ما تبقى للفيلم من نبرة! مشهد لساندي تشم رائحة شعر ابنتها كيكي من شدة تعلقها بها! هل هذا المشهد لإثبات الحب الشديد بين أم وابنتها أو لإثبات أن هذه الأم شخصية مضطربة، وبحاجة إلى مساعدة طبيب نفسي؟! تشويه رخيص أمٌّ عنصرية تعامل رفيق ابنتها كخادم لأنه ليس من العرق الأبيض، وأمٌّ تختبئ في غرفة ابنتها لمشاهدة لحظات خاصة، وأمٌّ مدمنة كحول وقمار وترقص في حانة! هل هؤلاء أمهات سيئات أم تشويه رخيص مبالغ فيه لإضحاك الجمهور بنكات لا تضحك. أمٌّ أيمي تحديداً عبارة عن وحش عنصري، وهناك تعمد من كتاب الفيلم لإعطائها أفضل النكات، لكن ليس هناك مبرر للسخرية الشديدة من الأعراق الأخرى. لا مانع من إلقاء نكات تلميحية في السياق الكوميدي. لكن الغريب أن الفيلم يريد إضحاكنا بنكات شخصية وقحة تتعامل مع الأعراق الأخرى كقذارة. والد أيمي (بيتر غالاغر)، كأنه شخصية من فيلم صامت! رغم أن أيمي تبرر صمته بأن والدتها مسيطرة عليه. لكن ذلك لا يبرر تلك الابتسامات البلهاء على وجهه دون أن ينبس ببنت شفة، الأغرب أنه يختفي لفترات طويلة ويعود فجأة! ولا نفهم سبب عودته؛ ربما ليكون مكملاً لديكور الخلفية! من شدة انعدام المنطق في الفيلم عندما نرى حدثاً من المفترض أن يكون والد أيمي قد حضره، لكننا لا نراه بالطبع، لأنه إما مختفٍ أو أن الكاتبين المخرجين نسيا الاتصال به ليحضر التصوير (أو ربما كان في غرفة تبديل الملابس لا نعلم)، المهم بعد الحدث يظهر الوالد في المشهد فجأة كأنه شبح ليقول لابنته: «لقد سمعت بما حصل»! السؤال المهم هو: كيف علم بما حصل وهو مختفٍ لأكثر من نصف الفيلم؟ لكن فلنتجاهل السؤال بما أنه على الأقل نطق! تكرار يقتل خلايا المخ من شدة تورط الكاتبين المخرجين في هذا الفيلم التافه، ورغبتهما المكشوفة في إطالة مدته نراهما يلجآن إلى لقطات المونتاج بالصورة بطيئة الحركة أو ما يسمى Slow motion، كلما خرجت الشخصيات للاحتفال والثمالة، التي تكررت ربما لـ10 مرات، ومع كل تكرار تقتل مزيداً من خلايا المخ! هذا الفيلم سيّئ ولا يستحق دقيقة من وقتكم الثمين.
مشاركة :