يتوقع خبراء الصحة أن يكون تطبيق «الضريبة الانتقائية» في دولة الإمارات عاملاً حاسماً في خفض تعاطي التبغ لدى نسبة كبيرة من المدخنين ومن مستويات مختلفة، وأيضاً في تجنب وقوع أكثر من نـــصف الوفـــيات المرتبطة بالتدخين تقريباً. ووفق توقعاتهم، ستؤدي «الضريبة الانتقائية» على التبغ إلى خفض أعداد المدخنين في الإمارات بنسبة 40%، أي ما يعادل 443 ألف شخص من أصل مليون و107 آلاف مدخن في الدولة سيقلعون عن التدخين خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، كما يتوقع أن تنخفض نسبة الوفيات المرتبطة بالتبغ إلى أكثر من النصف بما يعادل 700 حالة وفاة سنوية من أصل 1400 حالة وفاة كانت تسجل سنوياً في الدولة. ويستند الخبراء في تحليل هذه النتائج إلى دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية، تفيد بأن زيادة الضرائب على أسعار التبغ بنسبة 10% تقلل استهلاك التبغ بنسبة 4% في الدول الغنـــية، وبنسبة تصل إلى 8% في معـــظم الدول الفــقيرة والنامية، وأن رفع أسعار التبغ بنسبة 70% من شأنه الإســهام في تجنب وقــــوع نحو ربع الوفيات المرتبطة بالتبغ بين المدخنين في الوقت الحاضر. وقدّرت الجمعية الأميركية للسرطان لعام 2016 التكلفة الاقتصادية الإجمالية السنوية للتدخين في الإمارات بنحو 569.2 مليون دولار (2.094 مليار درهم)، 30% منها صرفت تكلفةً مباشرة للتدخين، وهي نفقات الرعاية الصحية المرتبطة بمضاعفات التدخين، مثل الإقامة في المستشفيات وصرف الأدوية والفحوص والأشعة وغيرها، في حين تؤول غالبية هذه التكلفة غير المباشرة (70%) إلى الإنتاجية المفقودة بسبب الوفيات، مشيرةً إلى أن التكلفة الاقتصـادية الإجماليـــة للتدخين على الصعيد العالمي بلغت تريليوني دولار عام 2016، وهو ما يعادل نحو 2% من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي، إضافة إلى نحو 7.2 ملايين وفاة، منها 900 ألف وفاة حــدثت نتيـــجة ما يُعرف بالتدخين السلبي. وكشف تقرير الجمعية أن الإيرادات المجمعة لأكبر 6 شركات تبغ في العالم، التي تنتج 85% من جمــيع السجائر المستهلكة في العالم، بلغت ما قيمته 342 مليار دولار أميركي، وهو ما يعادل 97% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لدولة الإمارات. أمراض قاتلة وقد عانت دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، على مدى العقود الخمسة الماضية، مشكلة التدخين، وما نتج عنها من أمراض قلبية وتنفسية وأمراض سرطانية، كلّفتها مليارات الدراهم كنفقات علاجية ورعاية صحية للمدخنين، وفي الوقت نفسه، ظلت شركات التبغ، خلال نصف قرن، تروّج لمنتجاتها القاتلة، في ظل غياب القوانين والتشريعات الرادعة، وحققت أرباحاً فلكية، وخلّفت واقعاً مريراً يشير إلى تحول نحو ربع السكان إلى مدخنين، نصفهم من طلبة المدارس، وفق استطلاعات ودراسات محلية ودولية. ومع ارتفاع معدلات التدخين وزيادة استهلاك منتجات التبغ في الآونة الأخيرة بالدولة، نتيجة الحملات الترويجية والإعلانية الضخمة التي دأبت شركات التبغ العالمية بمختلف جنسياتها على تنظيمها، حتى وصلت في فترة الثمانينيات والتسعينيات إلى رعاية الأحداث الرياضية والصحية! بذلت السلطات الصحية ووزارة الصحة ووقاية المجتمع جهوداً كبيرة في مكافحة التدخين، خاصة بعد انضمام الدولة إلى الاتفاقية الإطارية الدولية لمكافحة التبغ في 4 يونيو 2004، والمصادقة عليها في 7 نوفمبر 2005، ومن ثم إصدار القانون رقم (15) لسنة 2009 الخاص بمكافحة التبغ الذي أصبح معمولاً به اعتباراً من فبراير 2010. كارثة عالمية وأكد الدكتور وائل المحميد، استشاري أمراض القلب في أبوظبي، أن الضريبة الانتقائية التي نفذتها الإمارات ودول مجلس التعاون على جميع منتجات التبغ بنسبة 100%، جاءت رداً طبيعياً لتزايد معدلات التدخين بين جميع فئات المجتمع، وكان لا بد من تطبيق إجراءات فورية وحاسمة لمحاصرة انتشار تلك الآفة والحد من استفحالها، خاصةً بين الشباب، لافتاً إلى أن فرض الضرائب يعد أفضل وسيلة واقعية تؤدي بمفردها إلى دفع من يتعاطون التبغ إلى الإقلاع عنه، وإلى حماية الأطفال والمراهقين من البدء في التدخين. وقال إن التدخين بجميع أشكاله وأنواعه يعد كارثة صحية عالمية، تترك معاناة كبيرة من الأمراض للملايين، وتكلّف الحكومات مليارات الدولارات سنوياً لعلاج المضاعفات الناتجة عنه، مثل السرطانات المختلفة، خاصة سرطان الرئة وأمراض القلب والأوعية الدموية والنفاخ الرئوي وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى والأعصاب. ودعا الدكتور المحميد دول العالم إلى فرض ضريبة كبرى على منتجات التبغ أسوةً بدولة الإمارات، محذراً من أنه في حال عدم اتخاذ إجراءات فورية لمحاصرة انتشار التبغ، فإن دراسات عالمية حديثة توقعت أن يموت مليار شخص خلال القرن الحادي والعشرين من جراء الأمراض التي يسببها التدخين، وأكدت أن التدخين قضى فعلياً على نحو 100 مليون مدخن خلال القرن الماضي، 80% منهم كانوا من الدول النامية والفقيرة. ولفت الدكتور وائل المحميد إلى دراسة لمنظمة الصحة العالمية تشير إلى أن الحكومات في جميع أنحاء العالم تجمع كل عام أموالاً من الضرائب المفروضة على التبغ بقيمة تفوق ما تنفقه على جهود مكافحة التبغ بنحو 500 مرة، مؤكداً أن الضرائب تعد من أكثر استراتيجيات المكافحة فعالية، مما يوفر مصدراً للتمويل المستدام يمكّن الدول من الإنفاق على الرعاية الصحية، وتجويد طرائق التوعية وأساليبها، والتثقيف ضد هذه الآفة. سرطان الرئة بدورها، أشارت الدكتورة ياسمين ماهر، استشارية ورئيسة قسم الأشعة والمديرة الطبية التنفيذية في مستشفى ميديور في العين، إلى أن سرطان الرئة أكثر أنواع السرطانات المسببة للوفاة من بين كل أنواع السرطان، وشكّل 11.6% من حالات الوفاة بسبب السرطان في إمارة أبوظبي في عام 2014، وهو - وفق تقديرات صحية عالمية - المسؤول الأول عن 9 من كل 10 حالات إصابة بسرطان الرئة، لاحتوائه على أكثر من 7 آلاف مادة كيميائية، منها 69 مسببة للسرطان. وقالت إن استهلاك التبغ يتراجع في الكثير من دول العالم، خاصة أوروبا، ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى القيود المفروضة على تسويقه واستهلاكه، وهو الأمر الذي دفع صناعة التبغ إلى تحويل جهودها إلى دول الشرق الأوسط والدول النامية، حيث الأسواق الكبيرة والمتنامية والقيود الأقل على تسويق التبغ، وتتجه شركات التبغ الكبرى بصفة خاصة إلى الشباب والنساء، باعتبارهم مستهلكين محتملين للتبغ، إذ تعُد فئـــتي الشباب والنساء فرصة تسويقية كبيرة. ويؤكد الأطباء أن الهدف الأساسي من فرض الضريبة على منتجات التبغ في الدولة جعلها بصورة تدريجية أعلى تكلفة بحيث لا يتحملها المستهلك، وهذا يعني أهمية رفع الضرائب بصورة دورية على منتجات التدخين، لضمان زيادة الأسعار الحقيقية بمعدل أسرع من معدل قدرة المستهلك الشرائية، وكذلك زيادة معدلات الضرائب المفروضة على جميع منتجات التبغ، بما فيها المنتجات الأكثر رواجاً من حيث التدخين، فضلاً عن المنتجات الأدنى تكلفة. قبول جيد ويعتقد الدكتور ياسين الشحات، المدير الطبي التنفيذي في «مستشفى برجيل»، أن الضرائب المفروضة على التبغ عموماً تحظى بالقبول الجيد من قِبل الجمهور، وأيضاً من قِبل المدخنين أنفسهم، لأنها تخاطب الضمير في نفس المدخن بأنه يمارس سلوكاً خاطئاً يجب تصحيحه، وتزيد العائدات الحكومية في خزينة الدولة، كما أن تخصيص عائدات الضرائب لتمويل برامج مكافحة التبغ وسائر البرامج الصحية والاجتماعية المهمة يعزز شعبيتها أكثر فأكثر. وأوضح أن فرض ضريبة كبيرة على منتجات التبغ من قِبل حكومة الإمارات وبعض دول مجلس التعاون يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الإمارات ودول مجلس التعاون خطت خطوات كبيرة في الطريق الصحيح لاستئصال هذه الآفة التي لم يسلم منها أحد، وأنها استخدمت السلاح الأقوى في معركة مكافحة التدخين. مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تبعث أيضاً برسالة ضمنية إلى المواطنين، بأن صحتهم تأتي ضمن الأولويات التي تحرص عليها الحكومة، فيما تخبر تلك الرسالة العالم بأن دولة الإمارات التي كانت من أوائل الدول التي وقّعت على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ في عام 2004، وهي ملتزمة وجادة في تنفيذ بنود الاتفاقية للحفاظ على صحة أبنائها. أمراض القلب من جانبه، شدد الدكتور يوهانس بوناتي، رئيس معهد القلب والأوعية الدموية في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، على أن التدخين من بين عوامل الخطر الرئيسة للإصابة بأمراض القلب، وأن نسبة انتشار التدخين في الإمارات ما زالت مرتفعة، في الوقت الذي تصنّف فيه معدلات التدخين لدى الرجال في العالم العربي من بين أعلى النسب في العالم. وأضاف أنه من المؤكد أن الكثير من المرضى يصابون بأمراض القلب نتيجة التدخين، وأن خفض نسبة المدخنين يمكن أن يسهم في تقليص معدلات الإصابة بهذه الأمراض. وعلى هذا الصعيد أيضاً، يوفر مستشفى كليفلاند كلينك - أبوظبي برنامجاً رائداً للإقلاع عن التدخين. شركات التبغ العالمية متواطئة في التهريب تدعي شركات التبغ أن تطبيق الضريبة الانتقائية على منتجات التبغ بنسبة 100% في الإمارات ودول الخليج قد يفتح نافذة إلى زيادة الاتجار غير المشروع لمنتجات التبغ التي ارتفعت حدتها أخيراً مع دخول جماعات متشددة على خط الاتجار غير المشروع في التبغ لتمويل نشاطاتها. إلا أن تقرير لشبكة «يورومونيتور الدولية» أظهر أدلة واضحة تشير إلى التدخل المباشر وغير المباشر لشركات التبغ العالمية في تهريب السجائر وهي موثقة في المستندات الداخلية لشركات التبغ واعترافاتها الشخصية وأحكام المحاكم والتي تؤكد تواطؤ شركات التبغ في تهريب السجائر إلى دول الشرق الأوسط، حيث استفادت تجارة التبغ غير المشروعة من ضعف رقابة الدول والاضطرابات السياسية المستمرة في الشرق الأوسط. وذكر التقرير أن حصة التجارة غير المشروعة في إجمالي استهلاك السجائر في دولة الإمارات العربية المتحدة تبلغ أكثر من 20% ولفت إلى أن السجائر تمثل منتجاً شديد الجاذبية للمهربين، ولأن الضرائب تشكل نسبة كبيرة من السعر فإن التهرب من الضرائب عن طريق تحويل منتجات التبغ إلى السوق غير المشروع (حيث لا تخضع المبيعات للضرائب) يحقق هامش ربح معتبراً للمــــهربين ويؤدي توافر السجائر منخفضة الثمن إلى زيادة الاستهلاك وبالتالي ازدياد خــــطر ارتفاع عدد الوفيات بسبب التبغ في المستقبل. وينجم عن التجارة غير المشروعة للتبغ أضرار وخيمة على الصحة العمومية، كما أنها بشقيها - التهريب والتزييف - تحرم الحكومات من عائدات تقدر بنحو 40-50 مليار دولار سنوياً وفق منظمة الصحة العالمية. 23% يعد المدواخ الأكثر انتشاراً بين المواطنين مقارنة بأنواع التبغ الأخرى، فيما أظهرت بيانات برنامج الفحص والمشورة قبل الزواج للعام 2015، أن 23% من الذين أجروا الفحص كانوا مدخنين، وأن تدخين السجائر أكثر أنواع التبغ انتشاراً بينهم، كما تشير دائرة الصحة في أبو ظبي إلى أن 90% من المصابين بمرض الانسداد الرئوي المزمن من الذين يترددون على العيادات الخارجية والمستشفيات هم من المدخنين. فعالية يؤكد الدكتور أوليج تشيستنوف المدير العام المساعد لدائرة الأمراض غير السارية والصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية أن حكومات عديدة تتخذ إجراءات لمكافحة التبغ، بدءاً من حظر الإعلان والتسويق إلى استحداث فكرة التعبئة البسيطة لمنتجات التبغ، ومنع التدخين في أماكن العمل والأماكن العامة.ولف إلى دراسة أُجريت في عام 2016، أشارت إلى أن الإيرادات السنوية من الضرائب على السجائر على صعيد العالم، يمكن أن تزيد بنسبة 47% أي 140 مليار دولار أميركي، وإذا ما رفعت البلدان الضريبة بنحو 0.80 دولار على كل علبة وفضلاً عن ذلك، فإن هذه الزيادة في الضريبة ستؤدي إلى زيادة سعر التجزئة للسجائر بنسبة 42%. 7.8 كشفت إحدى شركات صناعة التبغ العالمية العاملة في الإمارات عن أن حجم سوق السجائر في الإمارات بلغ 6.24 مليارات سيجارة سنوياً، إضافة إلى 1.64 مليار سيجارة دخلت الدولة عبر التهريب، ما يصل بسوق السجائر في الدولة إلى 7.88 مليارات سيجارة سنوياً. ووفقاً للمعلومات الواردة من مجتمع الجمارك العالمية فإن الإتجار غير المشروع بمنتجات التبغ مسؤول عن سيجارة واحدة من بين كل 10 سجائر تستهلك عالمياً، أي حوالي 600 مليار سيجارة مزيفة سنوياً، وتشير تقديرات المفوضية الأوروبية إلى أن تكاليف الإتجار غير المشروع بالسجائر في الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء تزيد على 10 مليارات يورو سنوياً كإيرادات ضريبية وجمركية مهدرة، فيما يمثل الإتجار غير المشروع بمنتجات التبغ مصدر قلق عالمي بالغ من جوانب عدة، منها الصحية والقانونية والاقتصادية. أعباء كشف تقرير دولي للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية حول العبء الصحي لاستخدامات التبغ في الدول العربية أن أكثر من ربع سكان الإمارات (28.5%) مدخنون منهم 1.7 % من الإناث. وأضاف أن النسبة المئوية لمن يتعاطون منتجات التبغ الأخرى مثل الشيشة والمدواخ في الدولة وصلت بين الذكور إلى 27.2% وبين الإناث 2.4%، مشيراً إلى أن نسبة الطلبة الذين يدخنون السجائر وتتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة بلغت 8% بينما بلغت النسبة لمن يتعاطون منتجات التبغ الأخرى حوالي 28.8% من الطلاب، وتوقع التقرير أن يبدأ 12.5 % من الطلاب الذين لم يدخنوا من قبل بالتدخين إذا استمر الوضع الحالي كما هو عليه. «صحة أبوظبي»: 90 % من سرطانات الرئة تعود للتبغ أعلنت دائرة الصحة في أبوظبي أن حوالي 90٪ من سرطانات الرئة ناجمة عن تعاطي التبغ وأن التدخين هو السبب الرئيسي لـ 9 من كل 10 إصابات بسرطان الرئة، وبالمقابل هناك 3٪ من حالات سرطان الرئة نتجت عن التعرض السلبي أو غير المباشر للدخان وذلك لدى غير المدخنين (التدخين السلبي). وأكدت أن التبغ هو أحد أكثر الأسباب المؤدية للوفاة عالمياً والتي يمكن الوقاية منها، وأن استخدام التبغ يؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض التي تؤثر على القلب والكبد والرئتين، كما أن التدخين يعد عاملاً خطراً رئيسياً للنوبات القلبية والسكتات الدماغية ومرض الانسداد الرئوي المزمن والسرطان فضلاً عن التسبب في أمراض الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم. وأشارت دائرة الصحة عيادات الإقلاع عن التدخين متواجدة في 15 مركزاً صحياً في إمارة أبو ظبي. تأكيد دولي متجدد على سياسات مكافحة التبغ أفاد المكتب الإقليمي لشرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط بأن هناك تأكيداً دولياً متجدداً على سياسات واستراتيجيات الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ من خلال تضمين الأهداف التنموية التي تم تبنيها عام 2015 هدفاً خاصاً بضرورة التطبيق الكامل للاتفاقية الإطارية، وهذا يؤكد أن التوصيات التي تنادي بها المنظمة الدولية هي الاتجاه الصحيح لمكافحة التبغ، حيث تنادي بضرورة زيادة الرسوم الضريبية على كافة منتجات التبغ. وهو ما تركز عليه المنظمة حالياً في تعاونها مع دول الإقليم، حيث إنها السياسة الوحيدة التي لو طبقت بالشكل المتكامل الذي توصي به المنظمة ستؤدي لخفض أعداد المدخنين إضافة إلى المنع الكامل للتدخين في الأماكن العامة المغلقة دون تخصيص مكان داخلها للمدخنين ووضع تحذيرات صحية كبيرة على كل عبوات التبغ والمنع الكامل للدعاية والرعاية والترويج والإعلان عن منتجات التدخين بكل صورها وأشكالها المباشرة وغير المباشرة وتوفير خدمات الإقلاع للمدخنين ومساعدتهم. وأوضح أن إقليم شرق المتوسط الذي يضم 22 دولة عربية بجانب إيران وباكستان وأفغانستان مازال يعاني من ارتفاع نسب المدخنين فيه، فهو الثاني في أعلى معدلات استهلاك التبغ بين أقاليم المنظمة الستة. التبغ العائق الرئيسي أمام التنمية المستدامة ركزت حملة اليوم العالمي للامتناع عن التبغ لعام 2017 على التنمية وأكدت هناك صلة وثيقة بين تعاطي منتجات التبغ، ومكافحة التبغ والتنمية المستدامة، مؤكدة أن أضرار التبغ تتعدى الضرر الصحي فالتبغ يؤثر على الأمن الغذائي، والمساواة بين الجنسين وفرص التعليم والنمو الاقتصادي ويضر بالبيئة. وسلطت الحملة الضوء على أن سياسات مكافحة التبغ هي محفزات للنمو الاقتصادي والتنمية، ودعت دول العالم إلى إعطاء الأولوية لتسريع مكافحة التبغ وتسريعها في جهودها الرامية إلى تحقيق أهدافها الإنمائية كما ركز برنامج بحوث السياسات الاقتصادية والصحية التابع للجمعية الأميركية للسرطان، في أحدث البحوث المتعلقة بالتكاليف الاقتصادية لتدخين التبغ على زراعة التبغ كقضية إنمائية عالمية، ودراسة تعقيدات العلاقة بين التبغ والفقر. وتؤكد الدكتورة مارجريت تشان مدير عام منظمة الصحة العالمية السابق إنه باتباع تدابير قوية لمكافحة التبغ، تستطيع الحكومات حماية مستقبل بلدانها عن طريق حماية مَن يتعاطون التبغ ومَن لا يتعاطونه من تلك المنتجات القاتلة، وجَني إيرادات لتمويل الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية، وحماية بيئاتها من الويلات التي يتسبب فيها التبغ. تقرير 7 آلاف مادة كيميائية سامة للبيئة يخلفها التبغ أظهر أول تقرير من نوعه تصدره منظمة الصحة العالمية بعنوان التبغ وأثره البيئي إلى أثر هذا المنتج على الطبيعة، وأشار إلى أن نفايات التبغ تحتوي على أكثر من 7000 مادة كيميائية سامة تؤدي إلى تسمم البيئة، منها المواد التي تصيب الإنسان بالسرطان فيما تساهم انبعاثات دخان التبغ في تلويث البيئة بآلاف الأطنان من المواد التي تصيب الإنسان بالسرطان والمواد السمية وغازات الدفيئة وتمثل نفايات التبغ كذلك أكبر أنواع القمامة عدداً على الصعيد العالمي ويجري التخلص في البيئة من عدد يصل إلى 10 مليارات سيجارة من إجمالي 15 مليار سيجارة التي تباع يومياً. حيث تشكل أعقاب السجائر 30-40٪ من مجموع المواد التي تجمع في عمليات التنظيف في المناطق الساحلية والحضرية كما ينتج عن استهلاك السجائر في جميع أنحاء العالم ما يصل إلى 680 مليون طن من النفايات سنوياً. 1.1 مليون مدخن في الإمارات كشف تقرير حديث لجمعية السرطان الأميركية والمؤسسة العالمية لصحة الرئة لعام 2017 أن عدد المدخنين في الإمارات تجاوز في العام الماضي مليوناً و107 آلاف مدخن، منهم 57 ألف سيدة و16 ألفاً و600 طفل. وأكد أنه على الرغم من أن عدد الرجال الذين يموتون في دولة الإمارات بسبب التدخين يقل عن المتوسط في البلدان الأخرى ذات الدخل المرتفع، فإن عدد الرجال الذين يموتون بسبب التبغ يبلغ 26 رجلاً كل أسبوع، وهو ما يعادل 13% من إجمالي الوفيات السنوية، مما يستدعي اتخاذ إجراءات من جانب صانعي السياسات. وأشار إلى أن الحكومات، في ظل انتشار آفة التدخين، لن تتمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة الرامية إلى الحد من الوفيات المبكرة الناتجة عن الأمراض المزمنة بنسبة الثلث بحلول عام 2030، وستفوت الحــكومات فرصة تحقيق هدف خطة عمل منظمة الصحة العالمية الخاصة بالأمــــراض المزمنة، التي ترمي إلى تخفيض معدل انتشار تعاطي التبغ بنسبة 30% بحلول عام 2025. وقال الدكتور نيجار نرجس، مدير برنامج أبحاث السياسات الاقتصادية والصحية في الجمعية الأميركية للسرطان، «إن التكلفة الاقتصادية للتدخين تعادل نحو 2% من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي»، ولاحظ الدكتور نرجس أن البلدان النامية تتحمل عبئاً كبيراً من التكلفة، بنحو 40% من إجمالي الحصة، وهذا رقم مذهل بالنظر إلى القيمة المفقودة للموارد التي يمكن تخصيصها لقطاعات إنتاجية أخرى في الاقتصاد، مثل التعليم والرعاية الصحية والتكنولوجيا والتصنيع. مضاعفة الضريبة على السجائر الرديئة أكد الدكتور صالح فهد العثمان، نائب المدير التنفيذي للمركز الخليجي لمكافحة السرطان، ضرورة إعادة النظر في قانون الضريبة الانتقائية في الإمارات ودول مجلس التعاون، بحيث يتم فرض الضريبة الانتقائية بشكل متوازن بين الأنواع المختلفة لمنتجات التبغ. وأكد أن فرض الضريبة الانتقائية يجب أن يقوم على تصنيف وتحديد أسعار منتجات التبغ في الأسواق، ويتم فرض الضريبة على أساس السعر الذي تباع به، بحيث تطبّق بنسبة 100% على المنتجات المرتفعة السعر، وبنسبة 200 إلى 500% على المنتجات الأقل سعراً، حتى تتم الاستفادة القصوى من هذه الضريبة، لا سيما فيما يتعلق بدفع المدخنين إلى الإقلاع عن المدخنين وإنقاذ النشء والمراهقين من آفة التدخين. ولفت الدكتور العثمان إلى التحول الكبير الذي طرأ على اتجاهات المدخنين بعد فرض الضريبة، من ترك منتجات التبغ المرتفعة السعر إلى منتجات رخيصة ورديئة أكثر خطورة من منتجات التبغ العالمية المعروفة، لما تحتويه على مواد كيماوية وقطران ونيكوتين أعلى من المنتجات مرتفعة السعر. وأوضح أن هناك أنواعاً معينة من السجائر الرديئة كانت تباع بدرهمين أو ثلاثة دراهم، وبعد تطبيق الضريبة الانتقائية عليها أصبحت تباع بأربعة دراهم أو ستة دراهم، في الوقت الذي تباع فيه منتجات الشركات الكبرى بعشرين و22 درهماً، وهو الأمر الذي جعل العديد من المدخنين يتحولون إلى شراء المنتجات الرديئة. «الصحة»: مراكز لاستيعاب زيادة المقلعين عن التبغ قالت الدكتورة وداد الميدور، مديرة إدارة الرعاية الصحية الأولية، مديرة البرنامج الوطني لمكافحة التدخين في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، إن وزارة الصحة ووقاية المجتمع سوف تستثمر فرصة تطبيق الضريبة على التبغ لتنفيذ مبادرات جديدة ذكية، للتوعية والتثقيف من أخطار تعاطي التبغ، وتوسيع نطاق ومراكز مساعدة المدخنين للإقلاع عنه. نظراً إلى الزيادة المتوقعة لأعداد المقلعين عن التدخين، وكذلك تسخير التكنولوجيا الحديثة في الوصول إلى كل أفراد المجتمع، ورفع الوعي لديهم عن مخــــاطر التدخين بطرائق مبتكرة، مؤكدةً أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع مســتمرة في تنفيذ خططها الاستراتيجية في محاربة التبغ بكل صوره وأشكاله. وقالت: إن تطبيق «الضريبة الانتقائية» على منتجات التبغ في دولة الإمارات يعد نجاحاً كبيراً لجهود مكافحة التدخين.
مشاركة :