علا الأيوبي: الفنان ليس حرا بالمطلق بقلم: عبدالله مكسور

  • 11/26/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

علا الأيوبي: الفنان ليس حرا بالمطلقعلا الأيوبي فنانة تشكيلة سورية تقيم في الولايات المتحدة الأميركية، اشتغلت خلال مشوارها الفني على وضع الوجوه البشرية في مواجهة صادمة مع المتلقي، إنها وجوه تحمل في ملامحها تعابيرَ متناقضة من خلال رسومات الإكرليك على القماش متنوع القياسات، فوجه المرأة عندها كاملٌ إلى جانب أعضاء بشرية أخرى تدع المشاهد يبحث فيها عن الروابط الممكنة لاستكمال الرسالة وحل الشيفرة، في هذا الحوار تدخل العرب عوالم علا الأيوبي الفنية لتتحدث عن الرمزية والواقعية والطموحات في عالم الفن.العرب عبدالله مكسور [نُشر في 2017/11/26، العدد: 10824، ص(15)]فنانة تشكيلية سورية تستحضر الوجوه بملامح متنوعة تعترف الفنانة التشكيلية السورية المقيمة في الولايات المتحدة الأميركية بأنها درَست في كلية العلوم، قسم الرياضيات مصادفة، قبل أن تعود مرةً أخرى إلى جانب عملِها كمعلِّمة لمقاعد الدراسة في معهد الفنون لتحقق التوازن بين محاكمة المنطق والعاطفة، لتصف هذه الموازنة بأنها لعبَت دوراً كبيراً في تطوير اشتغالها الفني. أسأل ضيفتنا عن مراحل ولادة اللوحة من الفكرة حتى النضوج عندها، فهل تعتمد منهجاً معيناً في كل اللوحات أم أنَّ الحالة خاضعة للثيمة التي تشتغل عليها؟ لتقول “إنَّ حالة التطور والنضوج بالفن عامه تشبه الحديث عن الوراثة والجينات، كالفكرة تولد من الأخرى لتستمر عملية التوالد بين الأفكار التي تتزاحم لتنجب خلقاً جديداً يعكس تاريخ الفنان وخلاصة تجاربه”، فالفنان الصادق مع نفسه وفنه كما تراه الأيوبي لا يتقصد حصر ذاته ضمن إطار محدد من خلال اتِّباع أسلوب واحد قصراً لمشاعره، لهذا تعتبر ضيفتنا أن الجهد المتواصل والتفكير والبحث والممارسة التطبيقية هي الكفيلة للوصول إلى منهج الفنان الخاص وتحديد هويته، اللوحة عند علا الأيوبي كما تقول تبدأ بفكرة واضحة معيَّنة ثم تتطور كلياً، هذا التطور مبني على آليات التطبيق والتفريغ للمشاعر بالإضافة إلى كثير من العوامل الأخرى. المرأة فنيا تؤكد علا الأيوبي أن الفنان كما تراه ليس حراً بالمطلق، فهو خاضع أيضاً لجملة من القواعد النابعة من مجتمعه أو المجتمعات الأخرى، وفي هذا الإطار أسألها عن سر اختيارها للمرأة كمشروع فني يوجد بشكل دائم في لوحاتها، بحيث ترسم وجه المرأة بشكل متطابق في كل اللوحات مع اختلاف الرمزية في التعبير، تقول إن ما عاشته في الماضي والحاضر لم يترك للرجل مساحة للوجود في اللوحة، فالرسالة -كما تقول ضيفتنا- للمرأة في كل لوحة هي: انهضي بعد كل انكسار صنعه بكِ الرجل. هذه الرمزية الفائقة التي تظهر في لوحات الأيوبي، تمازَجَت فيها الخطوط مع الألوان وفق منظور يمنح اللوحة أعماقاً عديدة من اتجاهات مختلفة، بالإضافة إلى أن اللوحة تضم في تفصيلاتها لوحات أخرى،”الوجه يضم البيوت والأشجار وغيرها”، تُعلِّق على هذا بالقول “إن المرأة بكل تفاصيلها هي الوطن بحيث استمدت وجهها من تضاريسه وشوارعه وبيوته وأنهاره وعرائش النبات والأزهار فيه”، وتذهب بالقول إن “المرأة أكثر من مجرد وطن فلربما هي حالة عبور بين حياتنا الآن والحياة الأخرى”، هكذا تنقل ضيفتنا القول على لسان الوجه الممتلئ بتفاصيل غريبة تتساءل وتنتظر في اللوحة بخوف وحزن وأمل عن كل ما هو قادم.علا الأيوبي: الغرب يهتم بمعرفة القصص والقيمة الفكرية للعمل أكثر من براعة الفنان في إنجازه الحرفي أو توظيف الفكرة وتطبيقها وتحويلها إلى مادة العمل الفني حبة الرمان الرمزية باعتبارها طريقة للتعبير تظهر عند علا الأيوبي مغلَّفة بمعان وتعابير أكثر عمقاً مما تبدو، تحاول هنا اقتناص لحظة الحركة بالأيدي عند الحديث مثلاً، تلك الحركة التي تحمل معاني عديدة مترافقة مع نبرة الصوت والأداء السلوكي، لكنها في اللوحة وانطلاقاً من دراسة التعبير تظهر غالباً عبارة عن أيدي بيضاء مُحبَّة، أيدي لم تلوِّثها الخطيئة كما تصفها ضيفتنا، لهذا تحتاج علا الأيوبي لمساحات واسعة لتتحدث الأيدي البيضاء في اللوحة وليمتلئ وجه المرأة بتفاصيل الذاكرة، فتستعين أحياناً ببعض الصور كالكولاج اختصاراً مع ألوان الإكرليك الأكثر شفافية من غيرها، كي تصل إلى تحميل وجه المرأة طبقات رسمها الزمن. في الحديث عن ” الرمانة” التي تظهر بألوان مختلفة، مكتملة أو منثورة، أسأل ضيفتنا عن سر اختيارها لهذه الثمرة؟ وما مدى ارتباطها في الأسطورة الشعبية بالحكايات الإنسانية بالفن الذي تقدمه، لتقول “إن الرمان متوفر في دمشق بكميات كبيره لدرجة أنّ أشجاره يزرعها بعضهم في بيوتهم، هي فاكهه الدواء والغذاء كما تصفها، بالإضافة إلى أن الشعراء العرب وصفوها كرمز الأنوثة والجمال وهي في ذات الوقت اسم للقنبلة، وعلى خطِّ موازٍ يبدو عصير الرمان أحمراً كالدم، فهذه الفاكهة تحمل الكثير من المعاني”. في لوحات علا الأيوبي يغيب الجسد بشكل كامل، هناك فقط تفاصيل واضحة للوجوه والأصابع، ساق غير مكتملة، ذراع منقوصة، أسألها عن هذه التقنية التي تسيطر على إنتاجها الفني؟ لتقول إن “التعبير يتركَّز على الجسد، كالإنسان الذي ينظر للوردة ويتجاهل وجود الساق أو الأوراق”، فالمكونات كلها موجودة بحسب ضيفتنا لكنها ليست بأهمية الوجه الذي يمثل جوهر الفكر والشعور بالتعبير، فالمعرفة تنطلق غالباً من النظر في الوجه مباشرة، هذا الوجه يظهر بصيغ متعددة وملامح غير ثابتة هارباً من الحزن الذي يظهر أيضاً في زحمة البحث عن الفرح والجمال، تؤكد الأيوبي أن “الفن مرآةً تعكس الواقع بصورِه المختلفة والمثيرة للجدل”.أعمال الفنانة المقيمة في نيويورك أبهرت نقاد الفن في أميركا جغرافيا العرض يقودنا الحديث هنا عن جغرافية العرض بالنسبة إلى الأعمال، فهل تقيم علا الأيوبي اعتباراً على مستوى المضمون باختلاف مكان العرض بين لبنان أو الكويت أو الولايات المتحدة الأميركية مثلاً، لتقول إن “فهم العمل الفني وتقديره يختلف بين فرد وآخر، فهو يتعلق بالفهم العام ومعرفة شخصية تحتاج إلى ذكاء وإدراك”، وبالتالي فإن ضيفتنا لا ترى المشاهد العربي أقل أو أكثر فهماً من غيره من ثقافات العالم لكنها تؤكد وجود بعض الصعوبات التي واجهتها خلال طرح الثقافة العربية في بلد غربي، حيث يخضع هذا التقديم لاهتمام الغرب بمعرفة القصص والقيمة الفكرية للعمل أكثر من براعة الفنان في إنجازه الحرفي أو توظيف الفكرة وتطبيقها وتحويلها إلى مادة العمل الفني. في هذا الحوار تتحدث الفنانة التشكيلية السورية عن طموحاتها في الفن، لتقول إن “حالة الطموح لا تتوقف بالمطلق بل هي تتطور نظراً للعصر المتسارع”، لهذا تحلم لو امتلكت المعرفة بكل المِهن والعلوم كي تطبِّقها بشكل أو بآخر في أعمال خارج إطار اللوحة، مع إقرارها بأن ذلك ليس سهلاً بأن تكون كل شيء لأجل شيء واحد، فالحياة كما تراها معقَّدة بما يكفي للحد من الطموحات. كاتب من سوريا

مشاركة :