ألعاب الفيديو تتحول إلى قراءة أفكار البشرألعاب الفيديو تدخل عصرا تكنولوجيا جديدا يتيح للاعبين منصات مختلفة، منها ما يتيح التحكم في سير اللعبة عبر التفكير دون استخدام العضلات أو الأعصاب أو الفأرة، وهو ما يبشر بتكنولوجيا مطورة تمكن من التحكم في المستقبل بأطراف اصطناعية والتواصل مع أشخاص يعانون من إعاقات مختلفة، ومنها ما يعالج مرضى التوحد.العرب [نُشر في 2017/11/27، العدد: 10825، ص(12)]التفكير لاعب بديل باريس – طور باحثون فرنسيون لعبة فيديو جديدة تتيح بلورة طاقات جديدة لدماغ الإنسان، حيث يقضي لاعب جالس أمام شاشته على كائنات فضائية من دون استخدام جهاز تحكم يدوي أو فأرة كمبيوتر لكن بالاعتماد حصرا على أفكاره. وفي ظل إقبال العلماء على تطوير شخصيات لألعاب الفيديو، قد تتيح التكنولوجيا المطورة حاليا التحكم مستقبلا بأطراف اصطناعية والتواصل مع أشخاص مشلولين أو عاجزين عن الكلام وحتى التحكم بكرسي نقال. وهذا كله يحصل بواسطة التفكير. وأوضح ماركو كونجيلو باحث في مختبرات الصورة والكلام والإشارات التلقائية في غرونوبل (وسط شرق فرنسا)، حيث جرى تصميم اللعبة التي أطلقت عليها تسمية “براين إنفايدرز”، أن “الذكاء الاصطناعي يتيح تفكيك رموز نية وأفكار الفرد انطلاقا من بيانات مجمعة بواسطة تخطيط موجات الدماغ ويحولها إلى أوامر”. ويرى اللاعب في هذه اللعبة كائنات فضائية مستوحاة من لعبة “سبايس إنفايدرز” (غزاة الفضاء) الشهيرة وهي ترسل أنوارا خاطفة. وتحت تأثير هذا الوميض، يرسل دماغ اللاعب تلقائيا موجة دماغية مسماة “بي 300” تعرف بانتقالها في القشرة المخية بعد كل تنبيه سواء أكان بصريا أو سمعيا أو حسيا. ومن خلال تحليل البيانات المتأتية من تخطيط موجات الدماغ لدى اللاعب، تحدد الأنظمة الحسابية أي كائن فضائي أرسل الوميض قبل أن ينتج الدماغ هذه الموجة ويمكّن عندها الأمر بإتلافها. وتندرج هذه اللعبة في إطار أشغال تقام منذ سنوات على “واجهة الدماغ عبر الكمبيوتر” ‘بي سي أي’، مع أنظمة معلوماتية تتيح التفاعل مع آلة بواسطة التفكير من دون استخدام العضلات أو الأعصاب. وتعود أولى التجارب على البشر إلى الثمانينات، غير أن واجهات الدماغ عبر الكمبيوتر هذه لا تزال في مرحلة التطوير نظرا إلى الصعوبات في معالجة الإشارة الكهربائية المرسلة من الدماغ. وفسر كونجيلو أن “الإشارة ‘بي 300” ضعيفة جدا وضائعة وسط كل مصادر الضجيج الأخرى التي ينتجها الدماغ والعينان والفك”. وكانت شبكة فيسبوك أعلنت في أبريل الماضي أنها ستنشئ في خلال عامين نظاما قادرا على “قراءة” الدماغ لرصد الكلمات التي يريد شخص ما التلفظ بها بهدف تسجيلها بشكل متزامن على جهاز كمبيوتر بسرعة مئة كلمة في الدقيقة. وأعلن الملياردير إيلون ماسك مؤسس شركة سبايس إكس للصناعات الفضائية ومصنّع السيارات الكهربائية تيسلا، انطلاقه في مشروع واجهة كمبيوتر تلحظ وضع أقطاب كهربائية صغيرة في الدماغ قادرة على نقل أفكار أو إدخالها، والهدف من هذه العملية يكمن في تعزيز قدرات الدماغ.إقبال العلماء على تطوير شخصيات ألعاب الفيديو، قد يتيح مستقبلا التواصل مع أشخاص مشلولين ونجح علماء في مركز للبحوث في سويسرا، في فبراير 2017، في التواصل مع مرضى يعانون شللا كاملا من خلال واجهة كمبيوتر دماغية تقيس مستويات الأكسجين في الدماغ. وهذه الطريقة تتيح لهم معرفة ما إذا كان المرضى يجيبون بـ”نعم” أم “كلا” على سلسلة من الأسئلة. ولجأ مطورو براين إنفايدرز لتفكيك رسائل الدماغ إلى تقنية غير هجومية تستخدم فيها خوذة لتخطيط موجات الدماغ “إي إي جي”. وترصد الخوذة بالاستعانة بالأقطاب الكهربائية الموضوعة على فروة الرأس، النشاط الكهربائي للدماغ وإرسال موجات بي 300. وتعتبر الخوذات الطبية هي الأكثر فعالية غير أن كلفتها باهظة. كما يفتح وصول خوذات إي إي جي الباب لتطوير أكبر “للواجهات عبر الكمبيوتر الدماغية”. وبالإضافة إلى سعرها الأرخص (بضعة مئات من الدولارات)، هذه الخوذات تتميز بالقدرة على تشغيلها من دون أسلاك وعلى البطارية كما أنها لا تستدعي استخدام مادة هلامية موصلة. ورغم صعوبة التكهن بموعد وصول تطبيقات عملية حقيقية لهذه التقنية، بات ممكنا وضع تصور لها إذ أنها ستشمل قطاعين كبيرين بحسب كونجيلو وهما “الصحة” للمساعدة في تخطي صعوبات انعدام الحركة، والترفيه الموجه للعامة مثل ألعاب الفيديو. كما ابتكر باحثون في جامعة ويسكنسون ماديسون الأميركية لعبة فيديو إلكترونية تهدف إلى مساعدة الأطفال والشباب المصابين بمرض التوحد على حفظ توازنهم. وقالت رئيسة فريق البحث بريتاني ترافيرس إن التحديات التي تتعلق بحفظ اتزان الجسم تعتبر من المشكلات الشائعة لدى مرضى التوحد مقارنة بالأشخاص الأسوياء، مضيفة “نحن نرى أن برنامج التدريب المرتكز على ألعاب الفيديو يمكن أن يساعد مرضى التوحد على مواجهة تلك المشكلة المتعلقة بحفظ الاتزان”. وتعتمد لعبة الفيديو على مكافأة المشاركين الذين ينجحون في تقليد مجموعة من الحركات الخاصة بألعاب النينجا، وهو ما يساعدهم بشكل غير مباشر على زيادة قدرتهم على حفظ توازنهم وثباتهم. وتعتمد منظومة اللعبة على كاميرا لرصد الحركات من نوعية مايكروسوفت كينكت، ولوحة لحفظ التوازن خاصة بجهاز ألعاب وي من شركة ننتندو، علاوة على برنامج إلكتروني تم إعداده من خلال برنامج أدوبي إير على نظام تشغيل ويندوز. وأوضحت ترافيرس أن المشاركين في اللعبة يشاهدون أنفسهم على الشاشة وهو يقومون بحركات النينجا المختلفة، ويحصلون على مكافآت عند النجاح في تقليد تلك الحركات، وهذه هي الكيفية التي يرتقون فيها عبر المراحل المختلفة داخل اللعبة. وشارك 29 شخصا مريضا بالتوحد تتراوح أعمارهم ما بين 7 و17 عاما في البرنامج التدريبي الذي استمر على مدار ستة أسابيع اعتمادا على لعبة الفيديو المشار إليها. ومع انتهاء البرنامج، ظهرت بوادر تحسن ملحوظة على المشاركين، ليس فقط في ما يتعلق بالقدرة على تقليد الأوضاع الجسمانية المطلوب منهم القيام بها خلال لعبة الفيديو، بل أيضا في ما يخص القدرة على حفظ الاتزان خارج إطار اللعبة. ونقل الموقع الإلكتروني ساينس ديلي المعني بالأبحاث العلمية عن ترافيرس قولها إن القدرة على حفظ التوازن خارج سياق اللعبة هي مسألة بالغة الأهمية، موضحة أن المشاركين في التجربة يتمتعون ببراعة فائقة في ما يتعلق بالقدرة على تحقيق المكاسب في ألعاب الفيديو، ونحن نريد التأكد من أن التحسن الذي نراه لا يقتصر على لعبة الفيديو بل ينعكس أيضا على قدرات حفظ توازن الجسم.
مشاركة :