بعد 39 شهراً في السجون الأميركية، برّأت هيئة محلفين في واشنطن أحمد أبو ختالة الليبي (46 عاماً) من تهمة قتل السفير الأميركي السابق لدى ليبيا، كريستوفر ستيفنز، في هجوم استهدف مجمّعاً دبلوماسيا في بنغازي عام 2012 وراح ضحيته أربعة أميركيين منهم السفير. وعلى رغم تبرئته من أكثر التهم خطورة في القضية وهي تهمة قتل السفير، فإن أبو ختالة أدين في أربع تهم أخرى تكفي لسجنه مدى الحياة. وشكّلت تبرئة الليبي من تهمة القتل نكسة لجهود الادعاء الأميركي، علما بأن أبو ختالة نفى دوماً تورطه في الجريمة. وتشمل التهم الموجهة إلى أبو ختالة التي أدين بها ليلة أول من أمس: تقديم الدعم العسكري للإرهابيين؛ وتعريض حياة مواطنين أميركيين للخطر؛ وتدمير منشآت تابعة للحكومة الأميركية في بنغازي، فضلاً عن حمله السلاح والمشاركة في جريمة عنف. ولم تظهر فيديوهات كاميرات المراقبة في المجمع الدبلوماسي في بنغازي أي وجود لأبو ختالة في موقع الهجوم سوى بعد انتهاء الحادثة التي قُتل فيها السفير وثلاثة موظفين أميركيين آخرين، بينهم اثنان من وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وأكد المدعي العام في المحكمة أنه لا يوجد أي دليل على قيام أبو ختالة نفسه بإطلاق النار علي أي من أفراد البعثة الدبلوماسية في بنغازي، إلا أنه شارك في الهجوم من خلال مساعدته لآخرين في تنفيذ العملية. وأبو ختالة مسجون في الولايات المتحدة منذ يونيو (حزيران) 2014 عندما نجح فريق من القوات الخاصة الأميركية في خطفه من ليبيا ونقله للمحاكمة في أميركا بتهم قتل السفير والموظفين الآخرين في بنغازي. وقدّم الادعاء العام الأميركي أمام المحكمة شهادات لليبيين قالوا إن أبو ختالة كان يتحدث عن ضرورة التخلص من «الجاسوس الأميركي» في بنغازي، وقام بجمع الأسلحة مع أفراد من ميليشيات مسلحة قبل العملية بأيام قليلة. وذكر المدعي العام أنه تبيّن أن أبو ختالة كان على تواصل هاتفياً مع من قاموا بتنفيذ العملية، مؤكدا أن الأدلة المتوافرة لديهم كافية لإدانة أبو ختالة بتهمة التآمر والمساعدة في تنفيذ الهجوم. ويستعد المدعي العام حالياً لعرض مصطفى الإمام للمحاكمة، وهو متهم ثان بالتورط في الهجوم خطفته قوة كوماندوز أميركية من ليبيا قبل أسابيع. من جانبه، ذكر الدفاع أنه لا توجد أدلة واضحة على وجود أبو ختالة في موقع الحادث، حيث إن مصادر المعلومات ذاتها التي بنى عليها المدعي العام اتهاماته، تثبت أن أبو ختالة عاد إلى بيته قبل الهجوم على مبنى المخابرات الأميركية الملحق بالقنصلية في بنغازي. وقال الدفاع إنه من الصعوبة التعرف على هويات الأشخاص الذين ظهروا في سجلات كاميرات المراقبة، حيث إن الفيديوهات كلها ليست واضحة. وأشار إلى أن شهوداً ليبيين، استمعت إليهم المحكمة، كاذبون، وقاموا باصطناع قصص وهمية بسبب بغضهم لأبو ختالة، فضلاً عن أنهم مأجورون من قبل الحكومة الأميركية، بحسب رأي الدفاع. واستغرقت المحاكمة سبعة أسابيع أمام المحكمة الفيدرالية في واشنطن حيث استمعت هيئة المحلفين إلى شهادات من وزارة الخارجية والمخابرات المركزية. ويبدو أن عدم وجود أدلة واضحة وكافية خلق تحدياً صعباً أمام فريق المحققين والمحلفين، خاصة أن هذا النوع من القضايا يتعلق بالإرهاب وتتعدد فيه التهم وتختلط فيه الأوراق. وجاءت نتيجة المحاكمة مشابهة لحكم المحكمة الفيدرالية عام 2010 على التنزاني أحمد خلفان الذي نال البراءة من تهمة المشاركة في قتل دبلوماسيين أميركيين في التفجير الذي استهدف سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في شرق أفريقيا عام 1998 الذي راح ضحيته مئات المواطنين. إلا أن المحكمة حكمت على خلفان بالسجن مدي الحياة بتهمة التآمر في عمل إرهابي، على رغم تبرئته من التورط المباشر في التفجير. وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن أبو ختالة يواجه الآن عقوبة تصل إلى 15 عاماً في السجن حداً أقصى بسبب كل تهمة من تهم الإرهاب التي أدين بها، إضافة إلى عقود أخرى في السجن بسبب إدانته في اتهامات أخرى.
مشاركة :