أحمد أويحيى يقص أجنحة خصومه تمهيدا لخلافة بوتفليقة بقلم: صابر بليدي

  • 11/30/2017
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

أحمد أويحيى يقص أجنحة خصومه تمهيدا لخلافة بوتفليقةأثار إيعاز رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، إلى الدوائر الأمنية بفتح تحقيقات في ما عرف بالفساد المالي في الانتخابات المحلية الأخيرة، علامات استفهام حول نواياه في محاربة تغلغل المال السياسي، أو تصفية حسابات مع حليفه جبهة التحرير الوطني، الذي حامت حوله شبهات تتعلق بممارسات غير قانونية، رافقت عملية إعداد قوائم المرشحين.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/11/30، العدد: 10828، ص(4)]عين أويحيى على قصر المرادية الجزائر- أمر رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى مصالح الأمن بفتح تحقيقات معمقة، حول ظروف مشبوهة طالت الانتخابات المحلية الأخيرة، لا سيما ما أثير حول تغلغل المال السياسي، في حسم هوية بعض قوائم المرشحين، فضلا عن شراء ذمم الناخبين أثناء عملية الاقتراع. وتضع هذه الخطوة قوى سياسية في الواجهة، وتفتح المجال أمام تصفية حسابات بين أكبر أحزاب السلطة. وكان حزب جبهة التحرير الوطني عرف مرحلة من الغليان والاحتقان الداخلي، بسبب ما عرف بـ”الغموض الذي لف عملية إعداد قوائم المرشحين، ودخول ممارسات وضغوطات تجرمها القوانين وأخلاقيات الممارسة السياسية، كالرشوة والمحسوبية والمحاباة”. وأقدم الأمين العام لجبهة التحرير جمال ولد عباس، في غضون الأيام التي تلت الانتخابات، على إقالة مدير ديوانه وأحد أعضاء المكتب السياسي. ولم يقدم ولد عباس توضيحات حول قرار التوقيف المفاجئ، إلا أن مصادر من داخل الحزب رجحت أن تكون العملية على صلة بالممارسات التي أحاطت بظروف إعداد قوائم الترشح، وأنها خطوة استباقية لرفع الحرج عن نفسه أمام مؤيديه في هرم السلطة. وسبق لقيادة الحزب أن أوقفت عضو المكتب السياسي، والبرلمانية السابقة عن محافظة بومرداس سليمة عثماني، بعد ثبوت ضلوعها في عملية رشوة، تعلقت بترتيب وصدارة بعض قوائم الحزب، خلال الانتخابات التشريعية الماضية. وجاء ذلك عقب قيام مصالح الأمن حينئذ بفتح تحقيق، بعد البلاغ الذي تلقته من أحد المرشحين من محافظة قسنطينة، طلب منه دفع مبلغ يناهز 70 ألف دولار. ويرى مراقبون أن إيعاز أويحيى إلى مصالح الأمن بفتح التحقيقات المذكورة، واعترافه كزعيم لحزب التجمع الوطني الديمقراطي بوقوع تجاوزات وتزوير وتلاعب في الانتخابات، يعتبران خطوة لافتة تعزز انتقادات المعارضة السياسية للاستحقاقات الانتخابية، واتهامها للسلطة بالتزوير، وهو ما يحرج السلطة ذاتهاأحمد أويحيى أصبح أكثر قوة ونفوذا، حيث عزز موقع حزبه في المشهد السياسي، على حساب حزب الأغلبية . وبحسب هؤلاء فإن الضحية الأولى للتحقيقات المتوقعة ستكون “الحليف الخصم” في معسكر الموالاة، جبهة التحرير الوطني، قياسا بالجدل الداخلي والخارجي، الذي أثير حول تغلغل المال السياسي في العملية الانتخابية، لا سيما بعد ظهور جمال ولد عباس، رفقة بعض رجال الأعمال النافذين. ولا يستبعد أن تكون الخطوة من قبيل تصيد أحمد أويحيى للذرائع الممكنة، وتوظيف نفوذه في رئاسة الوزراء، لتصفية الحسابات مع جبهة التحرير الوطني، في إطار صراع طفا على السطح بين “الحليفين الخصمين” حول نوايا وطموحات الطرفين، بشأن خلافة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في قصر المرادية العام 2019. وكانت تقارير إعلامية تحدثت خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر مايو الماضي، عن ضلوع جمال ولد عباس في “عمليات مشبوهة، بعد عثور أعوان الاستخبارات على مبالغ مالية هامة وملفات ترشح ببيته العائلي في إقامة الدولة بنادي الصنوبر بالعاصمة، أثناء إعداد قوائم الحزب في الانتخابات النيابية الأخيرة”. وأشارت المصادر حينئذ إلى ضلوع نجله في العملية وتحدثت عن “فراره من قبضة التحقيقات نحو فرنسا”، وهو ما لم ينفه جمال ولد عباس، وتحدث حينها عما أسماه بـ”ثقته في مصالح الأمن وفي القضاء الجزائري”، لإظهار الحقيقة. ويجمع مراقبون على أن التهافت اللافت على الترشح في قوائم الحزب، والصراعات الشخصية في مختلف الاستحقاقات الانتخابية، ينمان عن مصالح وحسابات ضيقة. ويرى هؤلاء أن الإنفاق المبالغ فيه للتموقع الجيد في قوائم الترشح، وحتى شراء المراتب والذمم خلال الترشيحات، يهدفان إلى الحصول على الحصانة وتوظيف المنصب في المصالح الشخصية، وليس الاكتفاء بالعائدات والمزايا المعروفة عن المنصب التمثيلي. ويعيش الحزبان حربا باردة حقيقية، تجلت في ملاسنات غير مسبوقة بين أويحيى وولد عباس، في أكثر من مناسبة. ومن غير المستبعد أن يكون أويحيى بصدد استثمار الانطباع المتنامي لدى السلطة، بضرورة تغيير هرم حزب الأغلبية، من أجل الإطاحة بولد عباس من على رأس جبهة التحرير الوطني قبل تفاقم الصراع، ما سيمكن من قطع الطريق على طموحاته السياسية. وكان أحمد أويحيى انتزع خلال الأسابيع القليلة الماضية صلاحية مثيرة من رئاسة الجمهورية، تتعلق بإشرافه المباشر على بعض القطاعات والمشاريع المهمة في البلاد، في مجالات السكن والبنى التحتية والاستثمارات الحكومية، مما يعني سحب صلاحيات وزراء القطاعات المعنية، المنحدرين من حزب جبهة التحريرالحاكم. ويكون أويحيى بذلك سحب البساط تدريجيا من أغلبية جبهة التحرير الوطني في الحكومة وفي البرلمان، بعدما استعان بهم لتمرير أكبر مخططاته المؤلمة للجبهة الاجتماعية، والتمهيد لتحقيق طموحه في الجلوس على عرش قصر المرادية، رغم تأكيده أنه لن يكون منافسا لبوتفليقة في أي استحقاق. وبات أحمد أويحيى أكثر قوة ونفوذا في المدة الأخيرة، مقارنة بالفترات التي أشرف عليها على الحكومة أو بعض الحقائب الوزارية السابقة، حيث عزز موقع حزبه في المشهد السياسي، على حساب حزب الأغلبية. كما وسع من مهامه وصلاحياته في الجهاز التنفيدي، فضلا عن الاستفادة من منصبه في تصفية حساباته مع خصومه في المشهدين الرسمي والسياسي، مما يعزز فرضية تخطيطه لشغل عرش قصر المرادية بعد أشهر من الآن.

مشاركة :