أكد الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت، د. محمد الفيلي، أن حضور الحكومة جلسة مجلس الأمة، التي تمَّت الدعوة إليها، واجبة، لأنها حكومة تصريف العاجل من الأمور. ولفت الفيلي في دراسة خصَّ بها «الجريدة» بعنوان «ما هو عُمر حكومة تصريف العاجل من الأمور؟ وهل تستطيع المشاركة في جلسة خاصة لأمر عاجل؟». هل ينتهي عمر حكومة تصريف العاجل من الأمور بمجرد تعيين رئيس مجلس وزراء وتكليفه بتشكيل حكومته، أم ينتهي عمرها بتشكيل الحكومة الجديدة وأدائها للقسم المشار إليه في المادة 126 من الدستور أمام رئيس الدولة؟ الحكومة المستقيلة يمتد عمرها إلى حين تولي الحكومة الجديدة مهامها، وبغير ذلك تفقد فكرة تصريف العاجل من الأمور مبرر وجودها، وندخل في حالة فراغ حكومي، ولا يمكن تفسير المادة 103 من الدستور على نحو يعدم الغاية من وجودها ويزيل علة تشريعها عنها. تشكيل ونلاحظ في هذا الصدد أن الاختصاص الوحيد الذي يمكن لرئيس مجلس الوزراء المكلف ممارسته هو تشكيل حكومته، وليس له أن يمارس مهام رئيس المجلس قبل تشكيله على النحو المقر في المواد 56 و127 و128. قد يقول قائل إن بعض عبارات حكم المحكمة الدستورية في الطعنين 6 و30 لعام 2012 تفيد بأن حكومة تصريف العاجل من الأمور تنتهي صلاحيتها بتعيين رئيس مجلس وزراء جديد، وفي قناعتنا أن هذا الفهم غير دقيق للأسباب التالية: - المحكمة ذاتها تشير إلى الأمر الأميري بقبول استقالة الحكومة الصادر بتاريخ 28/11/2011، وقد ورد فيه «تقبل استقالة سمو الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح والوزراء، ويستمر كل منهم في تصريف العاجل من شؤون منصبه إلى حين تشكيل الوزارة الجديدة». وقد ورد في الأمر الأميري الصادر بتاريخ 30/11/2011 بتعيين رئيس المجلس «يعين الشيخ جابر المبارك الصباح رئيساً لمجلس الوزراء، ويكلف بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة، وعرض أسمائهم علينا لإصدار مرسوم تعيينهم». وواضح من مطالعة الأمرين الأميريين الواردين في حكم المحكمة أن حكومة تصريف العاجل من الأمور تستمر في عملها إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة وتوليها لاختصاصاتها بعد أداء القسم المشار إليه أمام رئيس الدولة سمو الأمير. مرسوم - بطلان مرسوم الحل في القضية المشار إليها ناتج عن صدوره عن حكومة مستقيلة «استعارها»، كما تقول المحكمة، رئيس مجلس الوزراء المكلف بتشكيل حكومته. إذاً يكون قرار الحكومة المستقيلة هو والعدم سواء إذا رفعه رئيس مجلس وزراء مكلف بتشكيل حكومته وهو لم يشكلها بعد. - تفسير القاضي للقانون يرتبط بالوقائع محل البحث واجتزاء عباراته وعزلها عن الواقعة محل الحكم يجعل فهم عباراته منقوصاً وغير دقيق. محل الفحص في الواقعة المشار إليها هو جواز أو عدم جواز إصدار مشروع مرسوم من حكومة مستقيلة يرفعه رئيس مجلس وزراء مكلف بتشكيل حكومته وهو لم يشكلها بعد. ولم تبحث المحكمة في موضوع صدور مرسوم عن حكومة تصريف العاجل من الأمور ويرفعه رئيسها المكلف بتصريف العاجل من الأمور وفق الأمر الأميري بقبول استقالته. وعليه فإن الاستناد إلى حكم «الدستورية» في الطعنين 6 و30 لعام 2012 لتقرير أن عمر حكومة تصريف العاجل من الأمور ينتهي بتعيين رئيس مجلس وزراء مكلف بتشكيل حكومة جديدة قبل أن يشكلها وتؤدي القسم المشار إليه في المادة 126 من الدستور يغدو استناداً على سند لا يحمله وتعويلاً على غير معول. وبعد تقرير أن الحكومة القائمة هي الحكومة المكلفة بتصريف العاجل من الأمور يكون أمامنا التعامل مع السؤال عن حضورها جلسة خاصة لمجلس الأمة لبحث موضوع عاجل. تصريف هل يجوز لحكومة تصريف العاجل من الأمور حضور جلسة خاصة لمجلس الأمة موضوعها بحث إقرار قانون ذي طبيعة عاجلة؟ عضوية الوزراء في مجلس الأمة توجب عليهم من حيث المبدأ حضور جلساته والمشاركة في أعماله متى تمت دعوة المجلس للانعقاد. وهذا المبدأ يأخذ تأكيداً إضافياً تقرره الفقرة الأخيرة من المادة 116 من الدستور، لأنها تنظم حالات الغياب الجائز (انظر لذات الكاتب دراسة بعنوان «المشكلة في ميعاد تشكيل الحكومة أم حضورها الجلسات؟»، وهي منشورة بجريدة «الجريدة» بتاريخ 20 نوفمبر 2017). والحكومة المستقيلة هي ابتداءً حكومة، وبهذه الصفة يظل وزراؤها أعضاء في مجلس الأمة إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، ولا يفقد وزراؤها صفة العضوية بمجرد تعيين رئيس مجلس وزراء مكلف بتشكيل حكومة جديدة. هل وصف نطاق اختصاص الحكومة المستقيلة بأنه في العاجل من الأمور فقط يتعارض مع مشاركتها في أعمال مجلس الامة؟ إذا قررنا بأن حضور الحكومة جلسات مجلس الأمة هو واجب عليها فإن أداء الواجب يغدو عاجلاً من الأمور، وبالتالي فإن مشاركتها في أعمال المجلس يدخل في إطار تحديد اختصاصاتها في هذه الفترة. إذا كانت مشاركة حكومة تصريف العاجل من الأمور في أعمال مجلس الأمة تدخل في نطاق اختصاصها فإن مشاركتها في أعمال جلسة خاصة لبحث موضوع عاجل تصبح ليست فقط جائزة، لأنها تدخل بطبيعتها في إطار العاجل من الأمور، ولكن أيضاً أقرب للواجبة.
مشاركة :