تشكِّل السمنة أحد عوامل الإصابة بسرطان الثدي، ولكن لماذا؟ سلّطت دراسة حديثة الضوء على هذا الموضوع وكشفت العمليّة التي تزيد السمنة من خلالها عدوانيّة خلايا سرطان الثدي. بعد دراسة أنسجة سرطان الثدي لدى الفئران والبشر، لاحظ الباحثون ارتفاعَ سيتوكينات محدّدة في الدم، وهي بروتينات تنتجها الخلايا المناعيّة تخفض عمل أنزيم كربوكسيلاز أسيتيل التميم 1 (ACC1). تؤدّي هذه العمليّة إلى تراكم نذير الحمض الدهنيّ المدعو أسيتيل التميم الذي يزيد القدرة النقليّة في خلايا سرطان الثدي، أي تفشّيها في أجزاء أخرى من الجسم. اللافت أنّ الفريق وجد ارتفاعاً ملحوظاً في السيتوكينات المعوقة لكربوكسيلاز أسيتيل التميم 1 في أنسجة سرطان الثدي التابعة للنساء البدينات. د. ستيفن هيرتزيغ، المؤلّف المشارك للدراسة ومدير معهد السكّري والسرطان في {هيلمولتز زينتروم} في مدينة ميونيخ وبروفيسور في التحكّم الأيضي الجزيئي في جامعة {تيكنيشه يونيفرسيتات} في مدينة ميونيخ الألمانيّة، نشر وفريقه النتائج التي توصّلوا إليها في مجلّة Cell Metabolism (أيض الخلايا). يشكِّل الانبثاث سبب الغالبيّة الساحقة من الوفيّات الناتجة عن سرطان الثدي، إذ تنتشر الخلايا الخبيثة في مناطق أخرى في الجسم من بينها الرئتان أو العظام. عامل خطير يُعتبر الوزن الزائد أحد العوامل الراسخة التي تؤدي إلى سرطان الثدي. في الواقع، بعد المرور في انقطاع الطمث، تصبح النساء البدينات أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي بنسبة 40-20% مقارنةً باللواتي يتمتّعن بوزنٍ صحّيٍّ. كذلك ترتبط السمنة بارتفاع خطر انبثاث سرطان الثدي وانخفاض نسبة البقاء على قيد الحياة جرّاء المرض. مع هذا، فلا تزال الآليّات الدقيقة الكامنة وراء الرابط بين السمنة وبين سرطان الثدي غير واضحة. لاكتشاف المزيد بهذا الشأن، تحقّق د. هيرتزيغ وزملاؤه من نشاط الأنزيم كربوكسيلاز أسيتيل التميم 1 في خطوط خلايا سرطان الثدي المشتقّة من الفئران، كذلك في أنسجة الثدي التي أُخذت من المريضات المصابات بسرطان الثدي النقيل. أشارت الدراسات السابقة إلى أنّ كربوكسيلاز أسيتيل التميم 1، الذي يؤدّي دوراً في تجميع الأحماض الدهنيّة، قد يكون متورّطاً في هجرة الخلايا السرطانيّة. سمنة تزيد إصدار السيتوكين كشفت التحقيقات أنّ خلايا سرطان الثدي تخفّف مستويات كربوكسيلاز أسيتيل التميم 1 مقارنةً بالخلايا الصحية، خصوصاً لدى النساء البدينات، من ثم تراكم أسيتيل التميم الذي يغيّر عوامل النسخ، أو البروتينات التي تنظّم التعبير الجيني، بطريقة تعزّز هجرة خلايا سرطان الثدي. وأشارت تحقيقات إضافيّة إلى أنّ السمنة تؤدّي إلى زيادة في إطلاق نوعين من السيتوكينات، الليبتين وعامل النموّ المحوّل بيتا، في مجرى الدم. يمنع نوعا السيتوكينات هذان كربوكسيلاز أسيتيل التميم 1 في خلايا سرطان الثدي. استخدم الباحثون جسماً مضادّاً لقطع مسار مرتبط بإطلاق الليبتين في خطوط خلايا سرطان الثدي البشري، الذي، في المقابل، يمنع تثبيط كربوكسيلاز أسيتيل التميم 1، فوجدوا أنّ هذه الطريقة منعت الخلايا السرطانيّة من التنقّل. يؤمن الباحثون، استناداً إلى النتائج التي توصّلوا إليها، أنّهم ربّما اكتشفوا علاجاً جديداً محتملاً لسرطان الثدي. ويختمون: {قطع مسارات الإشارات وتبديل الجينات المرتبطة بالانبثاث ربما يشكلان هدفاً علاجيّاً. يخفّ خطر الانبثاث أو تكرار الأورام قبل القيام بجراحة استئصال الورم كجزءٍ ممّا يُسمّى العلاج المساعد الجديد}.
مشاركة :