الخط الأول للحماية من الإيدز هو تغيير مفهوم المجتمع وثقافته المعرفية حول مرض نقص المناعة، وحياة المُتعايشين معه - برأيي - أنَّنا في العقود الماضية تناولنا هذا الموضوع بطريقة تحتاج إلى تطوير وتغيير, جعلت الناس تتقزز من الحديث عنه أو التعرف على أسبابه المتنوعة وطرق الحماية، فلم يأت ذكر الإيدز على الألسن وفي المنابر والمنصات الإعلامية والتوعوية في مجتمعنا - غالباً - إلا من باب التخويف والتحذير وربطه بالمُمارسات غير الأخلاقية و المُنحرفة - كعقوبة قاتلة - تعني موت المُصاب ونهاية حياته وأسرته بل تدميرها بالكامل، وهذه الرسائل ربما كانت مُناسبة لبدايات مواجهة المرض في الثمانينيات الميلادية مع بساطة المُجتمعات، ولكنَّها بكل تأكيد غير مناسبة وغير مؤثرة في وقتنا الحاضر. الرسائل التوعوية الناضجة والمُكتملة التي تنظر للمسألة بشكل أعم وأشمل من كافة الزوايا التثقيفية حول التعايش وطُرق الانتشار كانت قليلة ونادرة من وزارة الصحة، الأكثر انتشاراً وتأثيراً هي اجتهادات تحذيرية فردية غير علمية، فيما كان الأولى توجيه الجهد وتركيزه نحو استراتيجية واضحة للمواجهة من الناحية الطبية حول أسباب الإصابة المتنوعة، وطُرق العلاج المُتقدمة والمُكتشفة ومسألة العدوى، الإنسانية بالنظر إلى الضحايا الأبرياء من المُصابين والمُتعايشين، وبكل تأكيد هذا لا يعني تجاهل أو إغفال الزوايا الرئيسة (الدينية والأخلاقية) التي هي الأساس في العفاف والسلامة بالابتعاد عن المخدرات والعلاقات الجنسية الشاذة خارج إطار مؤسسة الزواج، إذا ما استثنينا الإصابة بسبب الأخطاء الطبية مثل (نقل الدم) أو استخدام أدوات حلاقة حادة مُشتركة مع مجهولين.. الخ. أقدر كثيراً ما تقوم به وزارة الصحة من جهود للحماية والتوعية والمواجهة، خصوصاً تلك المُتعلقة بنشر أرقام وأعداد المُصابين (السعوديين والأجانب) وأعمارهم - يمكن الاطلاع على تفاصيل أوسع في بيان الوزارة الأخير - وهي جهود مقدرة في مجتمع مُتمسك بفضل الله بالتعاليم الإسلامية والأخلاقية التي جعلتنا من أقل الدول في نسب الإصابة - رغم ارتفاع مُعدلات الإصابة في منطقتنا - مما يتطلب أن تُغيِّر الوزارة مشكورة من استراتيجيتها الإعلامية في المواجهة، برفع مستوى الشفافية في الخطاب الإعلامي والتوعوي الإعلاني لطرق الحماية من العدوى لناحية المُمارسات الخاطئة، والاستفادة من تجارب حملات دول سبقتنا ووجدت في التوعوية والتثقيف المُباشر بهذه الطريقة خير سلاح للحد من انتشار الإصابة، وعدم الخجل أو التخوف من النتائج العكسية لهذه الرسائل، مع وضع الاشتراطات الصحية الضامنة لعدم انتقال العدوى عن طريق أي خطأ. اليوم هو الأول من ديسمبر اليوم العالمي للإيدز، سنوات طويلة ونحن نعمل لناحية التوعية بأهمية الكشف والفحص بخجل، وأعتقد أنَّ الوقت حان لنتقدم بشفافية وصراحة كاملة أكثر نحو طرق ومُقترحات الحماية للحد من انتشار العدوى والإصابة، فالمجتمع أكثر وعياً وتقبلاً لمثل هذه الجهود. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :