القمة الخليجية.. إصرار كويتي على لَمِّ الشمل

  • 12/2/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

محمود حربي | تستضيف الكويت قمة دول مجلس التعاون الخليجي يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، وسط أجواء إقليمية غير مريحة، وتعج بمشاكل كثيرة وخلافات متعددة، لم تسلم منها دول الخليج؛ بسبب الخلافات السياسية القائمة بين قطر من ناحية، والسعودية والإمارات، والبحرين من ناحية اخرى. رغم عدم وجود معلومات عن مستوى التمثيل في القمة او الحضور، فإن الدبلوماسية الكويتية قامت بواجبها على الوجه الاكمل من المشاورات الثنائية على اعلى المستويات لتهيئة الاجواء لإنجاح القمة، التي وصلت دعواتها من سمو أمير البلاد الى قادة دول مجلس التعاون، كالمعتاد، وبدأت الاستعدادات والتجهيزات في البلاد لاستقبال هذا الحدث الكبير الذي ينتظره كثير من ابناء دول المجلس، الذين أزعجهم الخلاف الطارئ داخل اهم التنظيمات الاقليمية في المنطقة، الذي يتمتع برؤية متجانسة، كما انه يلعب دورا محوريا في نشاط جامعة الدول العربية واستمرارية دورها في الدفاع عن القضايا العربية. جوهرة التاج ثمة إصرار كويتي الذي يقوده سمو أمير البلاد على ضرورة استمرار مسيرة منظومة مجلس التعاون الخليجي، باعتباره جوهرة التاج في الاستقرار الاقليمي في هذه الأوضاع المضطربة. فمجلس التعاون بالنسبة إلى الكويت قضية مصيرية مرتبطة بتاريخ الدبلوماسية الكويتية ودورها العربي والاقليمي المرتبط برؤية سمو الامير في العمل الدبلوماسي الذي تسير عليه الدبلوماسية في العصر الحديث. وكما يقول السفير عبدالله بشارة مندوب الكويت السابق في الامم المتحدة عن دور الكويت في انشاء مجلس التعاون الخليجي: «عام 1980 ومع انعقاد القمة العربية في العاصمة الاردنية، عمان، طرح سمو الامير الراحل الشيخ جابر الأحمد على قادة دول الخليج العربية فكرة الاتفاق على صيغة تحقق العمل الخليجي المشترك بشكل جماعي، وتشكّل تجمّعا متجانسا، يوفر درعا امنية وثقلا سياسيا وسوقا اقتصادية وهوية واحدة، قادرة على التأثير في الاحداث العربية والاقليمية. وتولى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وكان وزير الخارجية آنذاك، مسؤولية المتابعة والإعداد لقيام المجلس مع اخوانه وزراء خارجية دول المجلس وشكل فريقا من الدبلوماسيين والاكاديميين الكويتيين لوضع ورقة عمل يناقشها الخبراء الخليجيون، لرفعها الى وزراء الخارجية، الذين عقدوا اجتماعين لمناقشة الورقة في مسقط والرياض عام 1981، وفي 25 مايو من العام نفسه وقّع القادة على وثيقة اعلان قيام المجلس». تاريخ كبير من هنا يتضح ان سمو الامير والكويت يربطهما تاريخ كبير مع قيام المجلس، لذا فان سعي الدبلوماسية الكويتية الى لمّ الشمل الخليجي لمْ يتوقف منذ أن بدأت ازمة الخلافات الداخلية بين دول المجلس، وكانت الرؤية الكويتية واضحة بشأن ضرورة ابعاد المنظومة الخليجية عن اي خلافات اقليمية، ومن الواضح وجود اصرار سياسي كويتي على احتواء الخلافات في الاطار الخليجي. ولعل فرصة القمة الخليجية المرتقبة والتحرّكات الدبلوماسية الكويتية النشيطة والايمان الخليجي باهمية دور الكويت التصالحي المستند الى ركائز تعزيز مسيرة مجلس التعاون وضرورة حصار الخلافات وعدم تحوّلها الى ازمة تهدّد الوحدة الخليجية، كلها مؤشّرات وعوامل تصبّ في هذا الاتجاه. فالكويت لها دور بارز في حل الخلافات العربية، ولعبت الدبلوماسية الكويتية وساطة حميدة في رأب الصدع الخليجي في اوقات سابقة، حيث تملك رصيدا كبيرا من الثقة والمصداقية لدى اطراف الازمات، ومن امثلتها الخلاف السعودي ـــــ القطري عام 2014 الذي ادى الى سحب السفراء، حينما كانت الكويت رئيسة القمة العربية والقمة الخليجية، وتمكّن سمو الامير من لمّ الشمل بعقد قمة ثنائية سعودية ـــــ قطرية، أدت الى طيّ الأزمة وقوبل دور الكويت بتقدير كبير. دبلوماسية المصالحة كما نجحت دبلوماسية المصالحة التي يقودها سمو الامير في عقد لقاء مسقط بين السلطان قابوس وقادة الامارات المتحدة في 2011. الخليجيون والعرب ينتظرون القمة المقبلة ويعقدون آمالا كبيرة على اتزان وتوازن الدبلوماسية الكويتية لرأب التصدّعات الخليجية، ومن المؤكد ان سمو الامير سيقوم بالدور الاكبر في هذا الشأن، بما يملكه من رصيد كبير في دبلوماسية المصالحة وتحقيق الاستقرار. ولا شك في ان تجاوب قادة دول مجلس مع هذه الجهود وتقديرهم لدور الكويت سيدفع باتجاه مساعي الكويت لتحقيق المصالحة الخليجية؛ باعتبارها هدفا لكل الحريصين على استمرار الدور الخليجي في الاقليم، تحقيقا لرؤية الآباء المؤسسين لمجلس التعاون الخليجي، منذ ما يقرب من اربعين عاما. ولعل البيان الختامي الصادر عن القمة الاربعاء المقبل سيدعم موقف الكويت لمصلحة ابناء دول مجلس التعاون، واستقرار المنطقة وحتى يتفرّغَ المجلس لحل المشاكل الإقليمية الأخرى.

مشاركة :