شهدت العاصمة اليمنية صنعاء أمس تمرداً على «التمرد» أو انقلاباً على «الانقلاب»، باستعادة القوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح غالبية الثكن والمقرات التي احتلتها ميليشيا الحوثي، وقال صالح في تصريحات خاصة لـ«الراي» إن «زمن الميليشيات انتهى ولا تعايش بعد اليوم بين الدولة والدويلة»، مشدداً على أن الفضاء الطبيعي لليمن هو الفضاء الخليجي، ومشيداً بدور دولة الكويت التي «بذلت الكثير لإنهاء الأزمة». وفيما توجه الرئيس السابق إلى دول الجوار المشاركة في التحالف العربي لدعم الشرعية عارضاً فتح «صفحة جديدة»، أشاد التحالف بـ «الانتفاضة المباركة» لتخليص اليمن من الميليشيات. وفي تصريحاته لـ «الراي»، أكد صالح أن اليمن لا يستقيم بمعادلة «دويلة داخل دولة»، وأن «لا تعايش بين الدولة والميليشيات»، مضيفاً: «تحملنا الكثير من أنصار الله (الحوثيين) لكننا فضلنا سلوك طريق التفاهم، أما وقد كان الخيار أمامنا بين حماية الدولة والمؤسسات وأرواح أهلنا في كل اليمن وبين استمرار النهج الميليشيوي، فلا بد أن نفعل ما فعلناه لأن التاريخ لا يرحم». وقال ان الحوثيين سبب رئيسي من اسباب ما يعانيه اليمن من الخارج (من قبل التحالف ) ومن الداخل «فهم ينتقمون من الثورة والجمهورية والوحدة»، وشدد «على فتح صفحة جديدة مع دول الجوار والمتحالفين معها» وتعهد بعد إعلان وقف النار وفك الحصار خصوصا حصار المطارات، الدخول في التفاوض مباشرة عبر سلطة شرعية ممثلة بمجلس النواب، والقضاء على الميليشيات من أي طرف كانت حوثية أم غيرها، ثم العمل على مرحلة انتقالية. وإذ أكد أن «فضاءنا (كيمنيين) الطبيعي هو الفضاء الخليجي»، قال علي صالح: «مهما حصلت تباينات مع دول الخليج فلا بد من الاتفاق والتعاون». كما أشاد الرئيس السابق بالجهود التي بذلتها الكويت لتقرب وجهات النظر والتوصل إلى حل سياسي، قائلاً «للكويت دين سياسي علينا فقد بذلت الكثير لإنهاء الأزمة بسياسة عاقلة وحكيمة». وكان صالح دعا في خطاب متلفز، صباح أمس، جميع اليمنيين إلى «انتفاضة رجل واحد للدفاع عن الثورة والحرية ضد هذه الجماعة (الحوثية) التي... تعبث باليمن منذ ثلاث سنوات»، مشيراً إلى «ما يعانيه الوطن من ثلاث سنوات عجاف، لا مرتبات ولا دواء ولا طعام ولا أمان.. يزجون الأطفال الصغار بمعارك عبثية». ووصف الحوثيين بأنهم «جزء لا يتجزأ» من الأسباب التي دفعت التحالف العربي للتدخل عسكرياً في اليمن، عازياً هذا التدخل إلى تصرفات الحوثيين «الحمقاء ليس فحسب مع الداخل بل ومع الآخرين». وحض اليمنيين على مواجهة الحوثيين في كل مكان، كما طالب القوات المسلحة بعدم قبول أوامرهم وألا تنفّذ سوى «تعليمات المؤسسة العسكرية الممثلة بالقيادات الوطنية التاريخية» على حد قوله، والتي ذكر أن مرجعيتها هي حزب «المؤتمر الشعبي العام». ودعا صالح «الأشقاء في دول الجوار» وأعضاء التحالف العربي إلى وقف الحرب «وفتح المطار والسماح بدخول المواد الغذائية ونقل الجرحى ودخول العالقين، وسنفتح صفحة جديدة معهم للتعامل بحكم الجوار، سنتعامل بشكل ايجابي. ويكفي ما حصل في اليمن، وما حصل لليمن». وتعهد لدول الجوار بـ «التحاور المباشر كسلطة شرعية ممثلة بمجلس النواب» الذي قال إنه هو الممثل الشرعي للبلاد والذي سيتحمل المسؤولية خلال الفترة المقبلة، مناشداً جميع المتحاربين على جميع الجبهات بوقف إطلاق النار فوراً. من جهته، سارع التحالف العربي الداعم للشرعية إلى الترحيب بتصريحات صالح، مشيراً إلى أن «استعادة حزب (المؤتمر الشعبي) في اليمن زمام المبادرة وانحيازهم لشعبهم ستخلص اليمن من شرور الميليشيات الطائفية الإرهابية... التابعة لإيران»، في إشارة إلى الحوثيين. جاءت هذه التطورات بعد انفجار المعارك في صنعاء، فجر أمس، بين قوات حزب «المؤتمر الشعبي العام» الموالي لعلي صالح، وميليشيات الحوثيين، ما أدى إلى سقوط الكثير من القتلى والجرحى. وتفوقت القوات التابعة لصالح، المدعومة من القبائل، بعد معارك طاحنة اشتدت وتيرتها، خلال النهار، على ميليشيات الحوثي وطردتها من كثير من مؤسسات الدولة والمعسكرات في صنعاء ومناطق أخرى، وسط انهيارات متسارعة في صفوف الحوثيين. وفي تقرير لمراسل «الراي» من صنعاء الزميل طاهر حيدر، نقل عن مسؤول في حزب المؤتمر أن الحوثيين كانوا يخططون لقتل كل من علي عبدالله صالح ونجل شقيقه طارق محمد عبد الله صالح وأخيه محمد بن محمد عبدالله صالح ووزير الخارجية هشام شرف، واعتقال غالبية قيادات حزب المؤتمر لفرض سيطرتهم على كل الدولة في صنعاء وإعلان دولة دينية على غرار ايران. ووفق المسؤول فإن علي صالح علم بالخطة كما علم بنية السيطرة الكاملة على صنعاء، خصوصاً أن جنود وضباط الحرس الجمهوري الذين لم تصرف رواتبهم إلا بعد الذهاب بهم لجبهات القتال، أكدوا للرئيس السابق أنهم تلقوا دورات حوثية تغسل عقولهم وتدفعهم إلى أداء القسَم والولاء لزعيم الحوثيين عبدالملك وليس لليمن.
مشاركة :