ماكرون يدعو لـ«نزع تدريجي» لسلاح «الحشد» وحل الميليشيات في العراق

  • 12/3/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد لقاء ضمه في قصر الإليزيه ورئيس حكومة إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ونائبه قوباد طالباني، إنه سيطلع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في اتصال هاتفي بعد الاجتماع، على «التنازلات» التي يقبل المسؤولان الكرديان تقديمها من أجل إطلاق حوار مع الحكومة المركزية. وأضاف ماكرون، رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيدعو العبادي إلى «إطلاق الحوار فوراً ومن غير تأخير وفق ما التزم به»، عندما جاء إلى باريس في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بناء على دعوة من الرئيس الفرنسي. وبحسب الرئيس الفرنسي، فإن اعتراف حكومة كردستان بقرار المحكمة الفيدرالية بشأن وحدة العراق «يستجيب لما ينتظره» العبادي وللشروط التي وضعها. وفي هذا السياق، قالت مصادر قصر الإليزيه، إن باريس تعتبر أن «تنازلات» الجانب الكردي من أجل البدء ببحث جدي عن الحلول التي تعيد ترميم العلاقات بين بغداد وأربيل، وبالتالي رفع القيود التي فرضت على الإقليم بعد الاستفتاء، «كافية»، خصوصاً أنها تشمل قبول الأكراد بإشراف الحكومة المركزية على المنافذ والحدود الخارجية لكردستان العراق. وأكد ماكرون «قناعته» بأن هذه العناصر ستكون «كافية» من أجل حلحلة الوضع. ولهذا الغرض، فقد كرر الرئيس الفرنسي أن باريس «مستعدة لتضع نفسها في تصرف الطرفين» من أجل حل المسائل المستعصية والدفع نحو حلول سياسية التي هي «من مسؤولية الحكومة العراقية والإقليم». وبأي حال، فإن فرنسا تعتبر وفق رئيسها أن «قيام عراق قوي، متصالح، متعدد ويعترف ويحترم كل مكوناته شرط من شروط الاستقرار في المنطقة». وجاءت زيارة الوفد الكردي إلى باريس تلبية لدعوة ماكرون لتبرز أن «الوساطة» الفرنسية ما زالت قائمة. وقالت مصادر الإليزيه لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم التداول منذ 10 أيام بشأن الزيارة مع الحكومة العراقية التي لم تمانع في تحقيقها، شرط أن يتم التأكيد على عنصرين؛ الأول: التشديد على وحدة العراق وسيادته وسلامة أراضيه. والثاني: أن يعرب بارزاني عن «رغبته» في حصول تقدم في العلاقة مع بغداد. وتضيف المصادر الفرنسية أن ماكرون يؤمن بأن «الجيل الجديد» الممثل من جهة بنيجرفان بارزاني، ابن شقيق القائد التاريخي مسعود بارزاني، وبقوباد طالباني، نجل الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، قادر على الوصول إلى حلول حول المشكلات التي تسمم العلاقات بين أربيل وبغداد. وأفادت أيضاً بأنها «تنتظر» أن يطلق الحوار الذي تدفع فرنسا باتجاهه «في المستقبل القريب إن في بغداد أو غير بغداد»، ولم يعرف ما إذا كانت هذه المصادر تلمح إلى باريس لتستضيف الحوار الموعود كما فعل عندما جمع ماكرون رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر في ضاحية سيل سان كلو الواقعة غرب العاصمة الفرنسية، أم لا. حقيقة الأمر اليوم أن باريس تعتبر أن لها ورقة يمكن لها أن تلعب بها في الملف العراقي بالاستناد إلى علاقتها الجيدة مع الطرفين المتنازعين. وفي هذا السياق، أكد بارزاني أن حكومة الإقليم تنظر بإيجابية إلى الدور الذي يمكن أن تقوم به فرنسا من أجل «إيجاد مخارج» للمشكلات الموجودة مع بغداد. ولخصت مصادر الإليزيه دور باريس المقبل بأن الدبلوماسية الفرنسية تريد أن تلعب دور «المسهل» بين الطرفين، وأنها، بهذا الخصوص، تتواصل مع تركيا حول المسألة الكردية، كما أن الموضوع مطروح في اتصالاتها مع إيران. والظاهر اليوم أن لباريس تصوراً واضحاً لكيفية إحداث تقدم في الملف الكردي العراقي. ويقوم الموقف الفرنسي كما شرحه ماكرون على دعامتين؛ الأولى: العراق القوي الموحد المتمتع بسلامة أراضيه، والثانية: الاحترام الكامل لنصوص دستور عام 2005 ولتمتع كل مكونات الشعب العراقي ومن ضمنها الأكراد بكل الحقوق. وبحسب الرئيس الفرنسي، فإن الحوار يجب أن يقوم على 4 عناصر؛ أولها الاعتراف بشرعية رقابة الحكومة المركزية على الحدود الخارجية، وثانيها ما التزم به العبادي عندما جاء إلى باريس، وهو «ضرورة نزع السلاح التدريجي خصوصاً من قوات الحشد الشعبي التي رسخت وضعها في السنوات الأخيرة في العراق وأن يتم حل كل الميليشيات». ويقوم العنصر الثالث على الحاجة لأن يفضي الحوار إلى توزيع عادل لمخصصات الميزانية (الفيدرالية) بما يمكن كل المناطق من أن تلبي احتياجاتها، وأخيراً احترام منطوق المادة 140 من الدستور العراقي الخاصة بتحديد الأراضي «أي الخاصة بكردستان». وانطلاقاً من هذه العناصر، فإن باريس تدعو لحوار «في أسرع وقت»، وأنها مستعدة «للقيام بكل ما تستطيعه من أجل المحافظة على وحدة العراق وسلامته والاحترام الكامل للأكراد ولحقوقهم». وليس من المستبعد أن تثير تصريحات ماكرون بشأن نزع سلاح الحشد الشعبي كثيراً من اللغط خصوصاً بالنسبة للعبادي وللالتزامات التي قد يكون قدمها للرئيس الفرنسي. لكن مقابل ذلك، فإن ماكرون يسير خطوات كثيرة باتجاه مواقف الحكومة العراقية لجهة تبني مطالبها بشأن المنافذ والحدود الخارجية والتأكيد على تخلي الأكراد عن الاستفتاء ونتائجه، ولكن من غير أن يقولوا ذلك بشكل مباشر. وبخصوص هذه النقطة بالذات، فقد قال بارزاني لـ«الشرق الأوسط»، إن الإقليم «دخل مرحلة جديدة والاستفتاء انتهى وأصبح وراء ظهرنا ونحن أبلغنا موقفنا بهذا الموضوع وأعربنا عن التزامنا بقرارات المحكمة الفيدرالية الخاصة بوحدة العراق». أما لماذا لا تذهب سلطات الإقليم إلى حد القول إن الاستفتاء انتهى كأنه لم يكن، فقد جاء الجواب من المصادر الرئاسية التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الصعب» على الأكراد إنكار وجود استفتاء حاز على نسبة كاسحة من الأصوات. وما يتعين التأكيد عليه من زيارة بارزاني وطالباني معاً إلى باريس، أن باريس وأربيل تعتبران أن الأسس التي يمكن أن تطلق الحوار الوطني أصبحت معروفة للجميع. ولقد كرر ماكرون وبارزاني التأكيد مراراً على وحدة العراق وسلامة أراضيه وسيادته والتمسك بالدستور وكل بنوده. يبقى السؤال المطروح يتناول قدرة باريس على دفع العبادي إلى القبول بـ«التنازلات» التي قدمها المسؤولان الكرديان، علماً أن رئيس الحكومة المركزية يتعرض لضغوط قوية داخلية وخارجية، ولا يبدو اليوم أن الظروف أصبحت مهيأة لأن يسير بحل قوات الحشد الشعبي، أو أن يعتبر ما قدمه الأكراد كافياً لقلب صفحة الاستفتاء وما تبعته من تطورات.

مشاركة :