المبعوث الدولي إلى ليبيا يدعو الليبيين إلى انتهاز فرصة تحول الاهتمام الخارجي إلى اتجاه آخر للعمل معا لتحقيق السلام في بلدهم. العرب [نُشر في 2017/12/03، العدد: 10831، ص(2)]أفق جديد أمام الليبيين روما - حث المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، السبت، سلطات البلاد التي تمزقها الحرب على انتهاز فرصة تراجع “التدخل الدولي” للإعداد للانتخابات العام المقبل. واتُهمت دول عدة بدءا ببريطانيا وفرنسا وصولا إلى مصر وتركيا وروسيا بالتدخل في ليبيا خارج إطار عملية الأمم المتحدة في محاولات لضمان مصالحها الخاصة. وأعرب سلامة عن أمله بأن يتم توفير الظروف الملائمة لإجراء انتخابات وطنية “في غضون أشهر عدة” داعيا الليبيين إلى “انتهاز فرصة تحول الاهتمام إلى اتجاه آخر” للعمل معا دون تدخل خارجي. وقال في مؤتمر صحافي في روما لمناقشة التحديات التي تواجهها منطقة المتوسط “أشعر بأن هناك كثيرا من التدخل في القضية الليبية عبر السلاح والمال وغيرهما”، لكنه أضاف أن هناك الآن “نافذة لأن التدخل لا يتم بالمستوى نفسه”. وأضاف المبعوث الأممي إلى ليبيا أن “الدعم الذي يتلقاه اللاعبون المختلفون (من الخارج) قد تراجع”، مؤكدا أن “هناك تراجعا في التدخل الدولي وعلى الليبيين العمل معا لبناء مؤسسات ثابتة”. وأعلن سلامة في سبتمبر الماضي عن خطة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بحلول العام المقبل في محاولة لإنهاء سنوات من الاضطرابات السياسية التي عمت بعد الإطاحة عام 2011 بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وأصر مرارا على دستور جديد يتم الاستفتاء عليه قبل الانتخابات فيما دعا إلى مؤتمر وطني لتوحيد صفوف كافة التيارات المؤثرة في البلاد. وقال “يجب ألا تكون الانتخابات حلا سريعا”، مضيفا أن على البلاد الالتزام بالشروط التقنية كتسجيل الناخبين وتبني قانون انتخابي. وأكد أن على “كل من يريد التصويت أن يكون قادرا على القيام بذلك بشكل آمن وبحرية. ينبغي كذلك على الأفرقاء السياسيين الاتفاق وقبول النتائج”. وأصر على ضرورة توافر “جميع الشروط” لإجراء الانتخابات. وبعد اتفاق تم التوصل إليه في مدينة الصخيرات المغربية في العام 2015 ودعمته الأمم المتحدة، تولت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج السلطة في طرابلس العام الماضي. إلا أن حكومة الوفاق تحاول جاهدة فرض سلطتها في مناطق أخرى من البلاد، وتحديدا في منطقة شرق البلاد التي يبسط المشير خليفة حفتر قائد قوات الجيش سيطرته عليها مدعوما بمجلس النواب المنعقد في طبرق (شرق).المبعوث الأممي يؤكد أنه على كل من يريد التصويت في الانتخابات أن يقوم بذلك بشكل آمن وبحرية، وأنه على الخصوم السياسيين الاتفاق وقبول النتائج ويتنافس على الشرعية في ليبيا حكومتان: حكومة الوفاق برئاسة السراج والتي تعمل من طرابلس (غرب) والحكومة المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب والتي يقع مقرها في مدينة البيضاء بشرق البلاد. وتواجه حكومة السراج مشكلات في السيطرة على كامل المنطقة الغربية، في ظل انتشار كبير للميليشيات المسلحة والتي تمارس أعمالا غير شرعية من بينها تهريب البشر والبضائع. والجمعة دعا وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون أثناء استقباله السراج “كل الأطراف الليبية إلى المشاركة بطريقة بناءة” في وساطة منظمة الأمم المتحدة. كما استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض السراج الذي يواجه صعوبات في بسط سلطة حكومته على مناطق شاسعة من ليبيا التي مزقها الانقسام بين سلطات سياسية متصارعة منذ 2011. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أصدرته الجمعة أن تيلرسون “جدد تأكيد دعم الولايات المتحدة الكامل لرئيس الحكومة فايز السراج ولحكومة الوفاق الوطني واتفاق الانتقال السياسي”. وأضاف البيان أن المسؤولين أشارا إلى “ضرورة دعم الأطراف الليبية والدولية لخطة العمل التي قدمها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا من أجل إحراز تقدم في عملية المصالحة الوطنية ووضع الأسس لتتمكن ليبيا من تنظيم انتخابات وطنية ناجحة”. وتعتبر الخارجية الأميركية أن اتفاق الانتقال السياسي الموقع في 2015 “لا يزال الإطار الصالح الوحيد للحل السياسي”، وطلب تيلرسون من كل الأطراف دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة “للمساعدة في التفاوض على تعديلات” هذا الاتفاق. وختمت الخارجية الأميركية بيانها بالقول “أي محاولة للتشويش على العملية السياسية بإشراف الأمم المتحدة أو لفرض حل عسكري للنزاع، ليس من شأنها سوى زعزعة استقرار ليبيا”، ما سيوفر مساحات جديدة للجماعات الجهادية من بينها تنظيم الدولة الإسلامية “لتهديد الولايات المتحدة وحلفائنا”. وقال السراج إن المعركة ضد الإرهاب لم تنته بعد، والعمل المشترك مستمر للقضاء على فلول تنظيم داعش أينما وجد في البلاد. وجاءت تصريحات السراج خلال لقائه ترامب بالبيت الأبيض بواشنطن، بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي الليبي السبت. وقدم السراج شكره للولايات المتحدة لدعمها حكومة الوفاق سياسيا وأمنيا، و”وقوفها بجانب ليبيا في أزمتها الحالية، ولموقف الإدارة الأميركية الواضح بأن الاتفاق السياسي هو الإطار الوحيد والمستمر حتى إجراء الانتخابات العام القادم، ولا مكان لحل عسكري”. واستعرض السراج وفق البيان الصادر عن مكتبه الإعلامي، “الوضع السياسي الراهن والتحديات التي تواجه البلاد، وتطرق حديث السراج إلى تحرير سرت الذي كان إنجازا مشتركا وقصة نجاح باهر تم في زمن قياسي بفضل تضحيات شبابنا البواسل والتعاون والتنسيق الكامل بين ليبيا والولايات المتحدة”. وأكد السراج إيمانه بالمنهج الديمقراطي والدولة المدنية وضرورة توحيد المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية تنفيذية. وبدأ السراج الجمعة زيارة إلى الولايات المتحدة بدأها بلقاء مع وزير الدفاع جيمس ماتيس ثم مع الرئيس دونالد ترامب.
مشاركة :