مهدي مطشر فنان تركيبي يستنطق الفراغ ويصور الآخرضمن مهرجان البحرين الدولي للموسيقى الـ26، يقدم الفنان العراقي مهدي مطشر عملين تركيبيين “هو” و”ثلاث زوايا” ذات 135 درجة في مساحة مسرح البحرين الوطني بالمنامة، بعد أن قدّمهما خلال السنوات الماضية في دول مختلفة، فقد اشتغل على العمل الأول في 2010، بينما العمل الثاني كان منجزا منذ 2005.العرب زكي الصدير [نُشر في 2017/12/03، العدد: 10831، ص(14)]أعمال الفنان تستغل بطريقة حديثة قوانين الفضاء المحيط يعتبر نقاد الفن التشكيلي أعمال الفنان العراقي مهدي مطشر أعمالا قادرة على السباحة في عوالم أقرب إلى عالم الزوايا والطيات والفجوات منها إلى عالم القواعد والأطر والستائر، فهو كما يرى أحدهم معنيّ بالفراغ أكثر منه بالامتلاء. إنه يفضل النقاط التي يحبك فيها ما هو مرئي على المرئي ذاته. فأعماله وهي أبعد ما تكون عن الانغلاق على الفضاء الذي تدعو نفسها إليه على الدوام بأناقة وتواضع. يمكنها أن تفصح عن مزايا غير متوقعة للفضاء المحيط. إلا أن قوانين الفضاء التي تحترمها أعمال مطشر بدقة شديدة تظل قوانينها الخاصة، ناقوسها أو بوصلتها الخاصة، قوانين لم تنبثق عن سر سيميائي أو متعلق برياضيات باطنية سرية، بل عن جهد فكري يجد سببا له في النظرة ذات ‘البعد الواحد’ للوحة الفنية. دلالة الآخر ولدى زيارتنا للمعرض يواجهنا في مدخل ساحة المسرح الوطني العمل الأول ضمير “هو” في إشارة لكلمة عربية مكونة من حرفين؛ حلقي وهوائي. الحرف الممدود “الهاء” الذي ينشأ من تمازج بين حركتين، مركزية وأخرى لا مركزية. ومن حرف آخر هو “الواو” الذي يتبع ويتخذ تصميما حلزونياً. تنشأ من تشابك هاتين الحركتين حركة خلفية وأخرى أمامية تشبه عملية التنفس، الأولى كعملية أخذ نفس، والثانية كأداة لذلك. بهذه الرؤية التركيبية للحرفين يرى مطشر بأن “هو” ضمن عمله تعني حرفياً “الآخر، هو، ذلك الذي يعكس صورتي، ويشهد على إنسانيتي. كما أنها أصل كلمة الهويّة. ولكن إذا تجاوزنا المعنى اللغوي الأولي للكلمة فسنجد أنها تستعمل أيضاً من قبل الصوفيين للدلالة على الله”.مختلف مستويات الرمزية الذكية التي أسرها مطشر في هذا العمل تتماشى مع الجسم البشري؛ خطوط الركبتين، الحوض، الضفيرة ويتابع “تبدأ كلمة ‘هو’، والتي تكتب من اليمين في اتجاه اليسار باستخدام قلم من قصب خيزران جاف وحاد ومملوء بالحبر، بخط أسود غليظ كثيف لتنتهي شيئاً فشيئاً وتتقلص لتصبح رهيفة كشعرة الرأس”. ثلاث زوايا ويمكن للمشاهد ملاحظة أن العمل الفني الثاني يتركب من شبكة قائمة على تسلسل متتالي 1-5، 1-1، 1-5،…..، سواء أكان عمودياً، أفقياً، أو بالعرض قطريا. كما أن شكل مواد الخطوط المكوّنة لهذه الزوايا الثلاث المتتالية يتماشى مع هذا المنطق الفني، تماماً كالتركيبة العامة له، فبداية الزاوية الثانية تبدو في وسط الأولى بالطول، والثالثة تبدأ في وسط الثانية. وعليه فإن البنية الهيكلية المركبة في مجملها هي نتيجة لهذا المنطق الذي يدعم ركائزها ويساندها. هذا التركيب الهيكلي في الفضاء المكاني يحيلنا -بحسب مطشر- بشكل واضح إلى مفهوم الأرابيسك وإلى الفكرة الرئيسية التي تعتبر أن فن الرسم والنحت والهندسة كلها تنبع من مصدر قياس ومعيار وجودي واحد. فمختلف مستويات الرمزية الذكية التي أسرها مطشر في هذا العمل تتماشى مع الجسم البشري؛ خطوط الركبتين، الحوض، الضفيرة. كاتب من السعودية
مشاركة :