عواصم - وكالات: قال الكاتب السعودي الشهير جمال خاشقجي لمجلة دير شبيجبل الألمانية أنه «في أوائل نوفمبر، أرسل إليّ الأمير الوليد بن طلال رسالة نصية طويلة يوبخني فيها على كتابات لي في صحيفة واشنطن بوست وفاينانشيال تايمز، وفي تلك الكتابات، كنت قد تجرأت على انتقاد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بسبب سياسة الاعتقالات! والأمير الوليد هو مستثمر ملياردير ومالك فنادق، وابن شقيق الملك السعودي، وكان رئيسي عندما كنت مديرا لقناة أخبار العرب التي مولها، وبعد 3 أعوام من التطوير، أطلقنا القناة من المنامة،عاصمة البحرين، في فبراير عام 2015، لكننا بقينا على الهواء لمدة 11 ساعة فقط، قبل أن تغلق الحكومة البحرينية القناة. لماذا؟ على الأرجح لأننا منحنا وقتا من البث لناشط معارض بنفس القدر الذي منحناه للحكومة.وكنت قد تواصلت مع الوليد بشكل متكرر في الأشهر الـ 12 التي سبقت اعتقاله، على الرغم من أن هذا لم يكن مفاجئا. وكنت محظورًا من كتابة عمودي الخاص في صحيفة الوطن السعودية، ومؤخرًا، أدرجت في القائمة السوداء من قبل صحيفة الحياة، والتي هي أيضا خاضعة للملكية السعودية، كما طلب مني الامتناع عن الكتابة بحسابي في موقع «تويتر»، بعد أن انتقدت مرارًا قرار الحكومة باحتضان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وعندما كنت أسأل مرارًا وتكرارًا: من الذي طلب منك هذا؟ كان الجواب دائما هو المسؤولون الحكوميون وحلفاؤهم، وكانت رسالتهم واضحة، إما التوقف والكف عن الكتابة أو المخاطرة بالتعرض للعواقب؛ في البداية سيمنعونك من السفر، ثم تأتي الإقامة الجبرية، وربما السجن بعد ذلك. وأعرف من خلال التجربة أنه لا توجد الآن مسافة بين الموقف الحكومي الرسمي وما يسمح لنا كمواطنين بأن نقوله، لقد كان لدينا حرية أكبر بكثير في الماضي، لم نكن أحرارًا في كلامنا تماما، ولكن لم نكن مطالبين أيضا بالطاعة العمياء، وفي كثير من الأحيان، لم تكن القيادة هي التي تواجه مشكلة مع ما نكتب أو نقول، بل العلماء والقيادة الدينية كانوا أكثر حساسية بكثير. أما الآن، لا تتسامح الحكومة مع أي شكل من أشكال النقد، سواء كان انتقادًا سياسيًا من النوع الذي يمارسه رجل الأعمال المعتقل حاليا «جميل فارسي»، أو مطالب بالديمقراطية ومزيد من التسامح مثلما طلب رجل الدين المعروف «سلمان العودة»، الذي اعتقل في سبتمبر. ومنذ أصبح «محمد بن سلمان» وليًا للعهد، أصبح القصاص سريعًا ومفاجئا، أما أنا فقد تم تحذيري، وقد أصبحت أبكم، لكن ليس أصم، ومنذ ذلك الحين، أصبحت أكثر حرصا وحذرا. ولم تكن تزعجني تلك المسافة التي أبقى عليها الوليد بيني وبينه،ولم تكن رسالته، التي أرسلها إلي قبل 48 ساعة من اعتقاله، لتكون أكثر تأييدا ل «بن سلمان»، لقد شجعني الوليد على دعم مشروع ولي العهد، وقال لي: «إن الدولة السعودية الرابعة، التي يجري بناؤها تحت قيادة أخي الأمير محمد بن سلمان، وبلادنا بحاجة إلى عقول حادة مثلكم، يجب أن تعودوا إلينا وتشاركوها أفكاركم معنا». وقبل أن تتاح لي الفرصة للرد، ألقي القبض عليه، إلى جانب 10 أمراء آخرين وعشرات المسؤولين، باتهامات بالفساد والرشوة وغسل الأموال، وقد هيمنت عمليات الاعتقال على العناوين الرئيسية، وفي الشهور الثلاثة الماضية، سجن أكثر من 70 من المثقفين ورجال الأعمال ورجال الدين البارزين، بتهم تهدف بوضوح إلى قمع أي شكل من أشكال النقد، ومعظمهم غير معروف خارج المملكة، على عكس أولئك «المسجونين» في فندق ريتز كارلتون بالرياض، كما أن معظمهم ليسوا راديكاليين، ويدعم العديد منهم الإصلاحات، بما في ذلك السماح للنساء بالقيادة. إن ما يحدث في الرياض اليوم يعد تغييرا جذريا قد ينتج في الواقع نظام حكم أكثر إنصافا، ومع ذلك، ليس هذا ما حدث، على الأقل حتى الآن، وبدلا من ذلك، أصبح لدينا مرشد أعلى يتمثل في محمد بن سلمان، حتى قبل أن يصبح الملك الفعلي للدولة من خلال موجة من الاعتقالات أعطته سلطة مطلقة، مدنية وعسكرية على حد سواء.
مشاركة :