فيما أكدت تقارير وجودَ ضغوط روسية لتقارب أنقرة ودمشق، أعلن وفد النظام السوري انسحابه من محادثات جنيف 8، رابطا عودته إلى المفاوضات بسحب المعارضة السورية بيانها الذي يرفض أي دور لبشار الأسد في السلطة. وكان الأسبوع الأول من محادثات جنيف8، انتهى باختراق شكلي، تمثّل في نجاح المبعوث_الأممي حول سورية، ستيفان دي ميستورا، في إجراء محادثات متزامنة غير مباشرة كصيغة وسطية بين التفاوض المباشر الذي يرفضه وفد النظام والمحادثات المنفصلة التي كانت معتمدة سابقا. وتمكّن دي ميستورا من إجراء محادثات مع وفدَيْ المعارضة والنظام في وقت واحد، خلال التنقل بين قاعتين متجاورتين، تبعد إحداهما عن الأخرى 5 أمتار فقط، لكن هذه الخطوة لم تمنع إخفاقات كثيرة حول بنود جدول الأعمال. يأتي ذلك في وقت وجهت انتقادات لأنقرة بعد أعلانها قبل أيام استعدادها للانفتاح على النظام السوري، وإجراء اتصالات معه، وأعد مراقبون هذا التحرك التركي المفاجئ نتيجة الضغوط التي تلقتها أنقرة عقب التقارب الملحوظ مع روسيا. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قد صرح في وقت سابق، بأنه لا يستبعد عودة الاتصالات مع بشار الأسد حول أكراد سورية الذين تعتبرهم أنقرة أذرع حزب العمال الكردستاني المحظور، نافيا وجود أي تواصل مع النظام السوري خلال الفترة الراهنة. وساطة روسية إيرانية رأى مراقبون أن هذه المواقف التركية صدرت عشية قمة سوتشي الروسية الأخيرة، والتي جمعت إردوغان مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، حيث ذكرت مصادر دبلوماسية روسية أن بوتين يعكف على عودة الاتصالات بين النظامين التركي والسوري.من جانبهم، حاول المراقبون الأتراك والمقربون من دوائر الحكم، تخفيف التصريحات التي أدلى بها إردوغان إزاء الأسد، وأشاروا إلى أن هذه التصريحات لا تعني موافقة تركيا على بقاء الأسد، وإنما هي قبول مبدئي ببقائه في المرحلة الانتقالية القصيرة التي يحتمل أنها لن تتجاوز الأشهر الستة، عقب التوافق مع القوى الدولية والتمهيد للتسوية في سورية. مخاوف مشتركة من جانبها، رأت مصادر سياسية أخرى، أن خوف الأتراك من تحركات الميليشيات الكردية في سورية وغيرها، هو ما دفعهم إلى التقارب مع نظام الأسد، إلى جانب تضرر مصالح أنقرة خلال السنوات السبع الماضية في المنطقة، بسبب ما أسمته سياسة التشدد في التعامل مع قضية وجود الأسد.وأعربت المصادر عن اعتقادها بأن موسكو نفسها لن تتمسك ببقاء الأسد إلى ما لا نهاية، إلا أنها تسعى لضمان مصالحها في سورية وعدم التفريط فيها. كما أن الانزعاج التركي من الدعم الأميركي الكبير للميليشيات الكردية في سورية، دفع الأتراك لتوجيه بوصلتهم بعيدا عن الدول الغربية والاتجاه نحو القوى الآسيوية مثل الصين وروسيا اللتين تدعمان نظام الأسد بشكل كبير طوال السنوات السبع الماضية.
مشاركة :