من تسليم سلاح حزب الله إلى التسليم به ـ

  • 12/4/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لم تشهد دولة في العصر الحديث وضعا مماثلا وضع لبنان: أن يتحول حزب مذهبي جيشا آخر ويقاتل في دول أخرى. والمذهل أن إثارة هذه الظاهرة المخالفة الدستور والميثاقية أصبحت إشراكا، فيما التسليم بها بات شرعا. أول ما قام به الجنرال ديغول بعد التحرير سنة 1945 كان إنهاء سلاح المقاومة الفرنسية وإعادة سلطة الدولة. كل ميليشيات المقاومة نفذت الأمر وسلمت سلاحها باستثناء الحزب الشيوعي الفرنسي الذي ماطل شهرين قبل أن يخضع ويسلم. ويوم قرر تشي غيفارا سنة 1965 تعميم الثورة الكوبية الماركسية على أفريقيا وأميركا اللاتينية، استقال من حكومة كوبا، لئلا يحرج الدولة، وسافر إلى الكونغو برازافيل ثم إلى بوليفيا حيث ناضل واستشهد. حتى في إيران، بادر الإمام الخميني بعد الثورة إلى تنظيم جميع القوى العسكرية، الثوروية والمقاومة في إطار مؤسسات الدولة بإمرة مرشد الثورة، وهو عمليا الرئيس الأعلى للدولة. فما للدولة للدولة وما للثورة للثورة. وحدة السلطة شرط الوحدة الوطنية، ووحدة القرار ملازمة وجود الدولة. ولأن رسالة لبنان في هذا الشرق ليست تصدير الثورات والسلاح والمقاتلين، مع أن مقاتلينا من أشجع المقاتلين، ظاهرة حزب الله تستدعي حلا يعيد للدولة ما لها ويبقي للحزب ما له. مثل هذه الظواهر انتهت تاريخيا بواحد من الحلول التالية: استلام الحزب المسلح الدولة فيصبح الحزب الحاكم (الاتحاد السوفياتي). تسليم سلاح الحزب المسلح حتى ولو كان مقاومة للدولة (فرنسا). دمج الميليشيات المقاومة في جيش شعبي (الجزائر). وبقاء السلاح ووقوع التقسيم (دول البلقان بعد سقوط الاتحاد السوفياتي). وإذا كانت الديمقراطية والتعددية تحولان دون اعتماد الحلين السوفياتي والجزائري، والشراكة الوطنية تنهى عن خيار التقسيم، فمنطق الديمقراطية والتعددية والشراكة والدولة يفرض الحل الفرنسي. غير أن هذا الحل تعترضه إشكاليتان: الأولى طائفية ميثاقية عقائدية في حال انخرط مقاتلو حزب الله، دون سواهم، في الجيش اللبناني أو في جهاز عسكري آخر، والأخرى وطنية لأن السلاح غير الشرعي ليس محصورا بحزب الله. هناك سلاح الفلسطينيين داخل المخيمات وخارجها، وسلاح التنظيمات الأصولية المتطرفة والتكفيرية في مدن وقرى معينة؛ ما يستدعي معالجة شاملة إذ لا يعقل أن ينزع السلاح من طرف لبناني ويترك مع الغرباء، لاسيما أن جميع هذه الأسلحة، صارت جزءا من الصراع السني/الشيعي بعدما كانت جزءا من الصراع العربي/الإسرائيلي. في هذا السياق، ماذا يمنع الدولة اللبنانية من نزع السلاح الفلسطيني وحماية المخيمات وقد صدرت قرارات سابقة بذلك؟ خلاف ذلك، لن يقبل حزب الله بأن يسلم مسدسا مهما كتبنا (وكتبت)، بل سوف يستخدم سلاح غيره حجة إضافية للاحتفاظ بسلاحه. مجموع هذه الإشكاليات تدفع بالوضع اللبناني نحو التدويل التصاعدي مع كل ما يرافق التدويل من خيارات مؤلمة.   سجعان القزي نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية ووزير العمل

مشاركة :