البحر المتوسط يهدينا وجبة سمك محشوة بالنفايات البلاستيكية تعتبر القمامة البحرية قضية بيئية خطرة في البحر الأبيض المتوسط بل في كل بحار ومحيطات العالم. وتتفاقم المشكلة بسبب التبادلات المحدودة بين حوض المتوسط والمحيط، والسواحل المكتظة بالسكان، والتي تتكثف فيها الأنشطة السياحية، ومختلف الملوثات الأخرى من القمامة القادمة من الأنهار والمناطق الحضرية المحيطة بها.العرب [نُشر في 2017/12/06، العدد: 10834، ص(20)]أكوام النفايات تقتل البحر روما - يعدّ البحر المتوسط أحد أكثر البحار تلوثا في العالم، ولكن المشكلة قد تتفاقم لتصبح المخلفات البلاستيكية داخله مثل السمك، بحسب ما قاله خبير أوروبي. وقال الدبلوماسي الإسباني ميغيل غارسيا، “حاليا، من بين كل ثلاثة كيلوغرامات سمك يتم استخراجها من البحر، هناك كيلوغرام من البلاستيك”. ما يعني أننا سنأكل ثلثي السمكة في وجبة غداء مثلا والثلث الآخر من بقايا البلاستيك. وأضاف غارسيا، "التقديرات تشير إلى أنه بحلول عام 2030، من الممكن أن يكون الأمر بمثابة كيلوغرام سمك وكيلوغرام بلاستيك". وأشار باحثون إلى أن التلوث البلاستيكي البحري انتشر ليصبح مشكلة عالمية بعد نصف قرن فقط من استخدام المنتجات البلاستيكية على نطاق واسع، داعين إلى وضع استراتيجيات عاجلة لمعالجة هذه المشكلة. وأبدوا قلقا خاصا حيال الميكرو- بلاستيك، أي القطع البلاستيكية الصغيرة جدا التي يقل طولها عن خمسة مليمترات. وقد تبيّن أن أكثر من 80 في المئة من النفايات البلاستيكية في البحر المتوسط تقع ضمن هذه الفئة، وهي تشكل خطرا كبيرا على الأحياء البحرية التي تبتلعها، فتطلق مواد كيميائية في جهازها الهضمي تتراكم في أنسجتها وتعرض الثروة السمكية للخطر، كما قد تعرض المستهلكين لتسمم كيميائي.1500 نوع من الأحياء البحرية والنباتية معرضة للانقراض في المتوسط وحذر خبراء من أن جزئيات البلاستيك الصغيرة الموجودة في المأكولات البحرية يمكن أن تكون خطيرة على صحة الإنسان. وأكد البحث على أن مستهلكي المأكولات البحرية يأكلون قطعا صغيرة جدا من البلاستيك (أقل من ميليمتر) لا يرونها بالعين المجردة، مضيفا أن هذه المواد قد تكون لها آثار غير صحية على جسم الإنسان. وكشف باحثون من جامعة غنت في بلجيكا أن أكثر من 99 في المئة من هذه الجزئيات الصغيرة تتواجد في جسم الإنسان، مضيفين أنه جرى العثور على هذه “الشظايا البلاستيكية” في بلح البحر والمحار والأسماك الصدفية الأخرى. وقال برونو دومنتيه الباحث في علم الأحياء البحرية “في الكثير من الأحيان تصعب إزالة هذه النفايات الميكرو- بلاستيكية من خلال حملات التنظيف، نظرا لصغر حجمها، فليس هناك شيء يمكننا القيام به للتخلص من هذا الخطر، فإذا قمنا بعملية تبخر لهذه النفايات البلاستيكية فإنها ستبقى في النهاية داخل العوالق، لهذا فنحن بحاجة ضرورية لوضع حدّ للتلوث بالنفايات البلاستيكية من خلال حملات التوعية وتطبيق إجراءات وقواعد أكثر صرامة". وقال غارسيا الذي يشغل منصب نائب الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، وهو منتدى إقليمي تعاوني يدعمه الاتحاد الأوروبي، إنه على الرغم من تزايد الوعي بشأن تلوث البلاستيك في البحر، "مازالت لدينا معلومات قليلة نسبيا في البحر المتوسط حول الحجم الحقيقي للتلوث، والتداعيات على صحة الحياة البحرية وحتى على حياة الإنسان”. لقمة البلاستيك تعود إلى بطوننا سامة وأشار إلى أن معظم التلوث يحدث بسبب منتجات البلاستيك، "المستخدمة لمرة واحدة" مثل الأكياس والزجاجات، التي تتآكل ببطء وتتحول إلى جزئيات بلاستيكية يتناولها السمك أو يمكن رصدها في مياه الشرب. هناك ما لا يقل عن 20 صنفا من البلاستيك تدخل في العديد من المنتجات، ويعدّ من أخطر المواد أثناء عملية التصنيع، لأن جميع أنواع أكياس البلاستيك المستعملة في التسوق أو حفظ المواد الغذائية مصنّعة من مشتقات البترول، أضيفت إليها مواد كيميائية. وتعد الأكياس البلاستيكية مواد لدنة مصنوعة حراريا من مواد كيميائية، مثل البولي- أثيلين، وغيرها من المواد المستخرجة من البترول. ويكون تركيبها الكيميائي على شكل جزيئات طويلة ومتكررة ومتصلة مع بعضها بعضا وهذا يؤدي إلى أنّ تحللها في الطبيعة صعب جدا ويحتاج إلى المئات من السنين. إضافة إلى كونها كتلة غير قادرة على التحلل، فهي مادة ضارة ومؤذية من الناحية الصحية وتتسبب في أمراض سرطانية، خاصة تلك المصنوعة من مادة البولي- فينيل كلوريد. وقال الخبير في شؤون البحر المتوسط لدى مجموعة أوشين البيئية، ريكاردو أغويلار، إن هناك نحو 1500 نوع من الأحياء البحرية والنباتية معرضة للانقراض. ولعله من قبيل المبالغة القول إن البحر المتوسط سيصير فاقدا للحياة ولكنه يعاني من خطر شديد بالنسبة للتنوع النباتي والحيواني. وكانت منظمة غرين بيس المعنية بشؤون البيئة قد أصدرت تقريرا مطلع هذا العام خلص إلى أن 96 بالمئة من المخلفات الطافية في البحر المتوسط هي مخلفات بلاستيكية، كما أنها توجد على عمق يصل إلى نحو 3 آلاف متر. وتشير المنظمة المهتمة بشؤون البيئة إلى أن نحو 20 بالمئة من النفايات البحرية تأتي من السفن والمنصات البحرية، بينما يرد الباقي من اليابسة، وأكثر النفايات المطروحة على الشواطئ مكونة أساسا من الأكياس والزجاجات والحاويات والمشروبات البلاستيكية وبقايا شباك الصيد والحبال، التي يتم إلقاؤها عرضيا على اليابسة وفي البحر وتحملها الرياح وحركات المد والجزر والتيارات البحرية إلى الشواطئ، وقد تلتهمها الطيور والكائنات البحرية، وقد عثر على الكثير من الطيور البحرية وصغارها نافقة وفي معدتها وأمعائها الكثير من الأجزاء البلاستيكية مثل أغطية الزجاجات والولاعات والبالونات البلاستيكية. “وبالرغم من أن منطقة البحر المتوسط واحدة من أهم 25 موقعا للتنوع الحيوي في العالم، إلا أنها -وللأسف- تعاني حالة خلل في التنوع الحيوي كبيرة جدا”، كما يقول جون جلبير، المدير العام لمعهد تور دي فالات بفرنسا، المعني ببحوث الحفاظ على الأراضي الرطبة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
مشاركة :