في مشهد دموي مروع يعبر عن حالة انحطاط أخلاقي وفجور في الخصومة، قتل علي عبد الله صالح الرئيس اليمني السابق غدراً ورمياً بالرصاص على يد مسلحين حوثيين، اعتقلوه وهو في طريقه إلى مسقط رأسه في سنحان جنوب العاصمة صنعاء، بينما وصف زعيم ميليشيا «أنصار الله» عبد الملك بدر الدين الحوثي، مقتل الرئيس اليمني السابق عبد الله صالح بأنّه يوم «استثنائي وتاريخي»، من خلال خطاب غوغائي عج بحزمة من الأكاذيب والتدليس، عبر عن حالة تشفٍ وتبنٍ لعملية الغدر، التي ستكون بمثابة بداية لحرب جديدة، قد تكون طويلة، سواء من السبتمبريين أنصار «الشاويش» صالح، كما كان خصومه يلقبونه، إلى أنصار الفريق صالح، وما بينهما من أكثر من 40 عاماً من سنوات حكم صالح، رغم أن غالبية فترة رئاسة صالح لم يكن بالزمن الجميل لليمنيين، ولا حتى جيرانهم، فقرابة 45 في المائة من المواطنين تحت خط الفقر، و35 في المائة يعانون من البطالة، والدخل الحكومي لا يتجاوز 8 مليارات دولار والنفقات تفوق ضعف القيمة، وحروب متكررة، ولكن صالح كان يمثل الاستقرار لليمن واليمنيين والجيران، فقد حافظ على عروبة اليمن ووحدته رغم محاولات الانفصاليين المتكررة بزعامة البيض وغيره، وعدم تحوله إلى إسفين فارسي من خلال ميليشيات الحوثي ذات الولاء والتمويل الإيراني، وحافظ على حالة توازن قبلي.الغدر والتمثيل بجثمان صالح، الذي كان أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية بعد الوحدة بين اليمنيين، يعتبر عملاً غير أخلاقي، ويعبر عن حالة الفوضى والتخبط وإهدار القيم والانحطاط، التي تعاني منها ميليشيات الحوثي الانقلابية، ويعتبر محاولة لإطالة الحرب التي تخوضها ميليشيات الحوثي بالوكالة عن إيران في اليمن، في محاولة لتصدير النسخة الإيرانية من حكم ولاية الفقيه.الغدر بصالح جاء بعد إعلانه فك الارتباط بحلف الحوثي، الذي تورط فيه نتيجة لحسابات غير مدروسة العواقب، تجاهل فيه تاريخ الغدر والخيانة الطويل الذي تتصف به ميليشيات الحوثي، خصوصاً أن صالح كان حجر عثرة للحوثيين ومشروعهم، فقد خاض حروباً كثيرة ضد الحوثيين ومشروعهم الإيراني في اليمن، أكثر من مرة خلال الفترة من 2004 إلى 2010، إضافة إلى اتهامهم بالسعي إلى العودة بالبلاد إلى الحكم الإمامي.كان صالح عدو الحوثيين الأول قبل أن يصاب اليمن بحمى «الربيع العربي» التي انتهت باستقالة صالح، وتجرده من الحكم والمناصب وفقدان السيطرة في اليمن، ما دفعه إلى ارتكاب الخطأ والوقوع في فخ التحالف مع الحوثيين أعداء الأمس، وكانت تلك حسابات خاطئة من صالح وجماعته وحزبه، ولكن بعد سنوات من تحالفه مع الحوثيين، أيقن صالح ولو متأخراً أن مشروع الحوثيين ليس مشروعاً يمنياً وطنياً، بل مشروع إيراني استغل فيه صالح وحزبه للوصول إلى الهدف الإيراني.صالح الذي بقي يمارس العمل السياسي بعد تنحيه من خلال منصبه رئيساً لحزب المؤتمر الشعبي العام، وبعد حصوله على ضمانات خليجية بعدم الملاحقة، فمنح الحصانة التامة من الملاحقة القانونية والقضائية، إلا أن هذا لم يمنع الرئيس السابق صاحب التاريخ الطويل من الخبرة في المناورة مع الخصوم والقدرة على إجادة التحالفات، من الوقوع في فخ التحالف الخطأ مع الحوثيين، وهو صاحب التاريخ الطويل من العداء والحروب معهم، فكان كمن وضع الأفعى في حضنه، فلدغته أول ما تحسست الدفء.رغم أخطاء صالح وسوء تقديره لتحالفه مع الحوثيين، فإنه قبل مقتله دعا إلى التخلص من هذا الحلف، والسعي نحو المصالحة مع الداخل والخارج، ولكن رصاص الغدر الحوثي لم يمهله فسقط شهيداً ولو متأخراً.
مشاركة :