أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ردود فعل غاضبة بالدول العربية على المستويَيْن الرسمي والشعبي. وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الإدارة الأمريكية بهذا الإعلان "قد اختارت أن تخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية..". وأضاف قائلاً: "أمريكا اختارت أن تناقض الإجماع الدولي الذي عبَّرت عنه مواقف مختلف دول وزعماء العالم، وقياداته الروحية، والمنظمات الإقليمية، وذلك خلال الأيام القليلة الماضية حول موضوع القدس". وأضاف: "إن هذه الإجراءات تمثل مكافأة لإسرائيل على تنكرها للاتفاقات، وتحديها للشرعية الدولية، وتشجيعًا لها على مواصلة سياسة الاحتلال والاستيطان والأبارتهايد والتطهير العرقي". وتابع عباس بأن "هذه الإجراءات تصب في خدمة الجماعات المتطرفة التي تحاول تحويل الصراع في منطقتنا إلى حرب دينية، تجر المنطقة التي تعيش أوضاعًا حرجة لأتون صراعات دولية وحروب لا تنتهي، وهو ما حذرنا منه على الدوام، وأكدنا حرصنا على رفضه ومحاربته". وأردف قائلاً: "إن هذه الإجراءات المستنكرة والمرفوضة تشكل تقويضًا متعمدًا لجميع الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام، وتمثل إعلانًا لانسحاب الولايات المتحدة من ممارسة الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية عملية السلام". كما استنكرت مصر قرار ترامب، وشدد بيان للخارجية المصرية على أن اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية "يعد مخالفًا لقرارات الشرعية الدولية، ولن يغير من الوضعية القانونية لمدينة القدس باعتبارها واقعة تحت الاحتلال، وعدم جواز القيام بأية أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم في المدينة". وأعربت مصر عن قلقها من التداعيات المحتملة للقرار على استقرار المنطقة، و"تأثيراته السلبية" على عملية السلام. وأعلن شيخ الأزهر أحمد الطيب رفض الأزهر الشريف قرار ترامب، واصفًا إياه بـ غير المشروع". وحذر الطيب من التداعيات الخطيرة لإقدام أمريكا على الخطوة؛ لما يشكله ذلك من "إجحاف وتنكر للحق الفلسطيني والعربي الثابت في مدينتهم المقدسة، وتجاهل لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وملايين المسيحيين العرب. وشدد شيخ الأزهر على أن ما يعانيه العالم العربي والإسلامي من مشكلات وحروب "يجب ألا يكون ذريعة أو عذرًا للقعود عن التحرك الفاعل لمنع تنفيذ هذا القرار المجحف وغير المقبول". كما طالب المجتمع الدولي ومؤسساته بالأخذ بزمام الأمور و"إبطال أي شرعية لهذا القرار، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في أرضه المحتلة، وعاصمتها القدس الشريف". من جانبها، استدعت المغرب القائم بالأعمال الأمريكي معربة عن قلقها تجاه القرار. كما اعتبرت الأردن القرار يمثل خرقًا لقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، التي تؤكد أن وضع القدس يتقرر بالتفاوض، وتعتبر جميع الإجراءات الأحادية التي تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض "لاغية وباطلة". وأعلن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن القرار "يدمر" أي فرصة لحل الدولتين. وأضاف: "للأسف، قام الرئيس ترامب بتدمير أي إمكانية لحل الدولتين, أعتقد أن ترامب أبعد الولايات المتحدة عن القيام بأي دور في أي عملية سلام". دعوة إلى "وقفة عربية موحدة" أما الرئيس اللبناني ميشال عون فدعا الدول العربية إلى "وقفة واحدة لإعادة الهوية العربية إلى القدس ومنع تغييرها". مشيرًا إلى أن قرار ترامب أعاد عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الوراء عشرات السنين. وأضاف بأن القرار "قضى على كل محاولة لتقريب وجهات النظر بينهم"، محذرًا مما يمكن أن يحدثه القرار من ردود فعل تهدد استقرار المنطقة، وربما العالم أجمع. كما أعربت تونس عن قلقها لما يمثله القرار من "مساس جوهري بالوضع القانوني والتاريخي للمدينة، وخرق لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وللاتفاقات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التي تمت برعاية أمريكية، والتي تنص على أن وضع القدس يتم تقريره في مفاوضات الحل النهائي". ودعت تونس جميع أطراف المجموعة الدولية إلى "الامتناع عن اتخاذ أية خطوات أو إجراءات من شأنها أن تمثل اعترافًا علنيًّا أو ضمنيًّا بضم إسرائيل للقدس التي تعد جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967".
مشاركة :