اتفقت عدد من الصحف الأميركية والبريطانية على أن اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، تم جرّاء تخاذل سعودي ومصري وإماراتي بحق القضية الفلسطينية، من أجل التقارب مع تل أبيب. ورأت الصحف الغربية، في مقالات لكتابها وتقارير لصحافييها ترجمتها «العرب»، أن «المستبدين العرب» أصبحوا غير مهتمين بالقضية الفلسطينية، معتبرين أن مواجهة إيران ستتم من خلال التحالف مع إسرائيل (العدو اللدود لطهران). وأكدت أن قرار ترمب خطوة حمقاء ستتسبب بكارثة للعالم العربي والولايات المتحدة أيضاً؛ حيث أصبحت مصالح أميركا مهددة في أنحاء العالم كافة.اعتبر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يكن ليصدر قراراً بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل من دون داعمين إقليميين، مشيراً إلى أن ما أسماه «محور المستبدين العرب» مكون من ولي العهد السعودية محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. وقال هيرست -في مقال له بموقع «ميدل إيست آي» البريطاني- إن ترمب حطم أي ادعاء قائل إن الولايات المتحدة قادرة على التوسط في صفقة بين إسرائيل وفلسطين، فلا يمكن أن يكون هناك «حياد» الآن، فمن دون عاصمتها القدس، لا يمكن أن توجد دولة فلسطينية.. ومن دون ذلك تكون المسألة مسألة وقت، قبل أن تبدأ انتفاضة أخرى. وتابع أن رمزاً قوياً مثل القدس هو وحده يمكنه أن يوحد الفلسطينيين المعارضين لبعضهم البعض، مثل محمود عباس من فتح وإسماعيل هنية من حماس، ويوحد السجناء في جميع السجون الإسرائيلية، وفلسطينيي عام 1948، وغزة، والضفة الغربية، ومخيمات اللاجئين، والشتات، فالقدس وحدها تتحدث إلى مليارات المسلمين في جميع أنحاء العالم». وأكد الكاتب أن ترمب لم يصدر هذا القرار وحده، ولا يستطيع أن يصدره ما لم يكن لديه أي مؤيدين إقليميين، خاصة الأوتوقراطيين العرب. وقال إن الدعم الغريب المغري جاء من محور من المستبدين العرب، الذين لديهم طموح جيوسياسي كبير مثل محافظهم المليئة بالمال، «وهم يعتقدون حقاً أن لديهم القدرة على فرض إرادتهم.. ليس فقط على شظايا الدولة الفلسطينية، بل على المنطقة ككل». واستطرد هيرست أن «هناك شبكة من الدول البوليسية الحديثة قيد التكوين في المنطقة، وترتدي ثوب الليبرالية الغربية البراق، وكلها ترى الليكود كشركاء طبيعيين لهم، وجاريد كوشنر بصفته محاورها السري». وذهب الكاتب للقول إن «ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أجبر محمود عباس -الرئيس الفلسطيني المريض- على الإذعان لهذا القرار، فقد نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية -عن مصادر متعددة- قولها إن بن سلمان قال لعباس: إما أن توافق على الشروط -لا قدس.. ولا حق للعودة- أو تفسح المجال لشخص آخر يقوم بذلك. وقال عدد من المسؤولين إن بن سلمان سعى لتجميل الصفقة من خلال الدفع المباشر لعباس، الذي رفض ذلك». وأضاف هيرست أن تهديدات بن سلمان تم الترتيب لها من قبل جوقة من الكتاب والصحافيين السعوديين الذين ابتعدوا عن دعم القضية الفلسطينية، ودعوا إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأكد أن المحور الذي يقف وراء ترمب يتكون من أولياء العهد وحكام الأمر الواقع في السعودية والإمارات ومصر والبحرين، مشيراً إلى أن بن سلمان وبن زايد والسيسي كلهم تابعون لترمب. وأضاف أن الحصار المفروض على قطر، ومحاولة إجبار سعد الحريري على الاستقالة كرئيس للوزراء في لبنان، وتفكك مجلس التعاون الخليجي، وتشكيل تحالف عسكري واقتصادي بين السعوديين والإماراتيين، كلها أمور لم تكن لتحدث من دون ضوء أخضر من ترمب. واختتم الكاتب مقاله بالقول: «لا يمكن لأي فلسطيني -سواءً كان قومياً أو علمانياً أو إسلامياً أو مسيحياً- أن يقبل خسارة القدس عاصمة له، وسنرى بالضبط ما يعنيه هذا في الأيام والأسابيع المقبلة. هناك 300 ألف من المقدسيين المقيمين في (العاصمة الإسرائيلية الجديدة)، لكنهم ليسوا مواطنين، وقد ألقى ترمب قنبلة يدوية وسطهم».;
مشاركة :