لا يمر اسم المملكة العربية السعودية على شخص إلا ويتفكر بتعجب في تلك الدولة التي تحولت من صحارى خطرة يتنقل مستوطنوها من أهل البادية على قوافلهم؛ بشكل بدائي، وجبال وعرة تشق فيها الحياة على سكانها، فضلاً عن المارين بها وما قد يتعرضون له من مصاعب كبيرة، ورجال ونساء يقدُمون من شتَّى أصقاع الأرض ليمرون بكل هذه العوائق سنوياً حتى يقومون بفريضة الحج والعمرة في مكة المكرمة، ليعودوا يوماً ويحكون لأبنائهم قصصا غريبة عن أشخاص يعيشون في تلك البلاد؛ إلى كيان مختلف تماماً عن ما كان يظنه العالم بأجمعه في نظرتهم إلى المستقبل. فعلى الصعيد الاجتماعي كان السكان في شتى مناطق المملكة قبل توحيدها يتعايشون في ما بينهم في مجتمعات صغيرة وبثقافات مختلفة تماماً عن بعضهم البعض وحتى عن ثقافة المجتمع السعودي حالياً، إلى أن انصهرت كل هذه العادات والتقاليد لتشكل مجتمعا متجانسا جداً تحكمه الهوية السعودية التي لم تطمس العادات السابقة لأي مجتمع أو قبيلة. وتمكن أبناء تلك الصحراء الجافة من تغيير واقع الانطوائية الجماعية في المجتمعات الصغيرة لاسيما المحافِظَة منها، بالالتحام مع بقية أفراد هذا النسيج السكاني من أبناء هذه الأرض وحتى مع أبناء الثقافات المتعددة في بعض مناطق المملكة مثل منطقة مكة والمدينة والمنطقة الشرقية. تلك التشكيلة السكانية العريقة تمكنت من تكوين ثقافة واحدة تجمعهم، كما تجمعهم أرضٌ واحدة. وبعيداً عن الإنجازات، توحيد جميع هذه المناطق وإعلانها كدولة موحدة تجمع كل هذه الأطياف والأعراق والقبائل تحت راية واحدة دون امتيازات لعرق أو لقبيلة أو غيرها على حساب الآخرين هو شيء جدير بالاحتفال.
مشاركة :