جدة: إيمان أمان *تواجه شركات النفط والغاز تحديات كبيرة تتعلق بتلبية الطلب المستقبلي على الطاقة والمساهمة في تحسين الوصول إليها. * تلعب التكنولوجيا دورا مهما في الحد من الأثر البيئي للقطاع النفطي. * لا تزال نسب غازات الاحتباس الحراري في ارتفاع بنسبة 50% من مستوياتها التي كانت عليها في عام 1990م. * تجمع التوقعات بأن مصادر الطاقة من الوقود الأحفوري ستظل الشكل السائد للطاقة الموثوقة. في عام 2015م اتفقت حكومات العالم على اعتماد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الـ17 لعام 2030م، وبعد بضعة أشهر تعهدت 149 دولة اجتمعت في باريس في مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين، بضرورة التصدي لمشكلة تغير المناخ والعمل على التخفيف من آثار تغير المناخ من أجل تحقيق التنمية المستدامة. والعمل على اعتماد التدابير والسياسات والاستراتيجيات الوطنية التي تدعم الحد من الزيادة في متوسط درجة الاحترار العالمي إلى درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وسيترتب على اعتماد هذا التوجه للتحول العالمي تغير هيكلي إزاء الاستثمارات في الموارد الطبيعية وكيفية توفير الاحتياجات الإنمائية للبلدان من مصادر الطاقة المستدامة حول العالم. ولتحقيق ذلك لا بد من تضافر الجهود بين أصحاب المصلحة من خلال تفعيل الشراكات العالمية بين الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني. والجدير بالذكر أن شركات البترول الوطنية والعالمية لا بد من أن تلعب دورا حاسما في قضية تحول الطاقة عالميا، وذلك من خلال دمج الأهداف المتفق عليها بخفض الانبعاثات الكربونية من أنشطتها الصناعية في مواصلة تلبية الطلب على الطاقة الموثوقة في المستقبل. ارتباط قضية تغير المناخ مع هدف الوصول إلى الطاقة Energy Access: دخل اتفاق باريس التاريخي لتغير المناخ حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016م، بالإضافة لكون تغير المناخ هو الهدف الـ13 من أهداف التنمية المستدامة ويرمي إلى: الحض على العمل المناخي ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة إلى درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وساهمت عوامل عدة في ارتفاع نسب تركز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. ومن الواضح أن التحدي يتمثل في تلبية احتياجات الطاقة مع التقليل من استخدام احتياطات الوقود الأحفوري، حيث تشير التوقعات والاستشراف لمستقبل الطاقة حيث من المتوقع استمرار نمو الطلب العالمي على الطاقة خصوصا من البلدان النامية التي تشهد معدلات نمو سكانية مرتفعة مثل الصين والهند حيث يزداد الاهتمام بضرورة الحصول على الطاقة المستدامة والحديثة لتحقيق النمو الاقتصادي فمن دون الطاقة لا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى. وحول العالم يوجد 1.2 مليار شخص يعانون من فقر الطاقة، كما أن ما يقدر بنحو 2.7 مليار شخص – أي 38 في المائة من سكان العالم – لم يحصلوا على مصادر الطاقة الحديثة، بل كانوا يعتمدون بدلا من ذلك على أنواع الوقود الصلبة البدائية مثل الخشب والفحم والروث الحيواني. ويعد الفقر المدقع من الأسباب الرئيسية لعدم قدرة الناس على تحمل كلفة إمدادات الطاقة الحديثة ونقص الاستثمار في البنية الأساسية للطاقة. ويعني الهدف السابع من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (الحصول على خدمات الطاقة الحديثة المستدامة بسعر معقول). وهناك مساعٍ من المنظمات حول العالم لدعم التحول عن الوقود البدائي الملوث كوقود طهي في المناطق الفقيرة واستبدال ذلك بمواقد حديثة وآمنة تستخدم مثلا الغاز وتضمين مصادر الطاقة المتجددة بأنواعها كمصدر نظيف للطاقة. ولا ينبغي التقليل من شأن ضخامة تحدي الطاقة. وتريد البلدان أن تضمن أن لا يؤدي التحول إلى الانبعاثات صفرية الكربون إلى التضحية بالتنمية الاقتصادية والعمالة والأهداف الاجتماعية الأخرى. جميع البلدان والشركات سوف تحتاج إلى التخطيط لهذا النهج المتكامل والمتوازن؛ ينبغي أن يكون التوسع الواسع النطاق لخدمات الطاقة الحديثة متسقا مع التحول العميق لنظام الطاقة العالمي إلى انبعاثات صفرية الكربون بحلول النصف الثاني من هذا القرن. وهذه مهمة شاقة تدعو إلى أحكام حكيمة وتحقيق التوازن بين الأهداف.استخدام الوقود الأحفوري في البلدان النامية ينبغي للتقليل من إنتاج واستخدام الهيدروكربونات على الصعيد العالمي من أجل تحقيق الأهداف المتعلقة بالمناخ، أن تمنح البلدان الأكثر فقرا وقتا ومرونة إضافيين للتغلب على فقرها في الطاقة وفقرها العام. ولم تسهم هذه البلدان في تغير المناخ في الماضي، ولن يكون للاحتياطيات المعروفة ومعدلات الطلب المتوقعة في هذه البلدان أثر كبير على الميزانية العالمية للكربون. وفي كثير من البلدان الغنية بالموارد والأكثر فقرا، فإن البنية التحتية المحدودة للطاقة موجودة عموما حول الوقود الأحفوري. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يكون النفط والغاز مصدرا رئيسيا للإيرادات الحكومية بالنسبة للنفقات العامة الهامة الأخرى. ويقر اتفاق باريس بأن تحقيق انبعاثات صفرية من غازات الدفيئة الصافية يجب أن يتم في سياق أولويات التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، ولذلك فهو لا يدعو البلدان النامية إلى اتخاذ أهداف مطلقة لخفض الانبعاثات، بل تعزيز الانبعاثات وجهود التخفيف، والانتقال إلى تخفيضات على نطاق الاقتصاد كله بالاعتماد على طبيعة الظروف الوطنية لكل بلد. ويعني ذلك أن تخفيض الانبعاثات في البلدان المرتفعة الدخل قد يضطر إلى المضي بسرعة من أجل إعطاء مزيد من المرونة للبلدان المنخفضة الدخل (مثل أفق زمني أطول لجعل الانتقال إلى البلدان المنخفضة الدخل، الكربون) ضمن الميزانية العالمية للكربون. ولا تزال الطرق الدقيقة لإعطاء هذه المرونة الإضافية غير متفق عليها عالميا وغير مقيدة، كما أن المرونة النسبية التي تمنح لأفقر البلدان مقابل البلدان النامية المتوسطة الدخل تحتاج إلى مزيد من التحليل والإيضاح.أدوار وفرص لشركات النفط والغاز تتمتع شركات النفط والغاز بفرص هامة وملحوظة للمساعدة في تحقيق أهداف العالم من أجل الحصول على طاقة آمنة وموثوق بها وحديثة، سواء في إطار تطوير نماذج الأعمال الخاصة بها أو بالاشتراك مع الشركاء. أولا وقبل كل شيء، يجب على كل شركة في هذه الصناعة أن تعد نفسها للانتقال إلى نظام منخفض الكربون على مدى العقود المقبلة ودمج نهج الاستدامة في اتخاذ القرارات ونماذج الأعمال. وبفضل خطط تطلعية، ستصبح بعض شركات النفط والغاز اليوم شركات طاقة متنوعة للغد تقدم مجموعة من مصادر الطاقة المنخفضة الكربون، وسيتطلب المسار العالمي صفري الكربون، خيارات دقيقة داخل كل شركة بشأن الاستثمارات المستقبلية لتطوير التكنولوجيات المبتكرة ونشر موارد جديدة للطاقة. وعلاوة على ذلك، هناك فرص هامة لشركات النفط والغاز لتبقى شريكا مهيمنا مع حكومات العالم والمنظمات الأخرى لتلبية الطلب المستقبلي على الطاقة والصناعة.التحول من الفحم إلى الغاز الطبيعي تتنبأ معظم التوقعات من بيوت الخبرة والإستشارات العالمية، أنه حتى مع زيادة الاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة من مصادر الطاقة المتجددة (الشمس، الرياح، حرارة جوف الأرض…) سيستحوذ الوقود الأحفوري على نصيب الأسد من الطلب العالمي على الطاقة في عام 2040م. وعلى الرغم من ذلك، هناك فرص حقيقية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطاقة التقليدي، من خلال زيادة حصة الغاز الطبيعي محل الفحم في مزيج الطاقة (ينتج حرق الغاز الطبيعي نصف الانبعاثات الكربونية مقارنة مع الفحم) والاستثمار في تحسين كفاءة الطاقة وتطوير التكنولوجيا. ماذا بعد قمة باريس لتغير المناخ… التحديات والفرص لقطاع صناعة الطاقة: من الواضح للمتابعين والمراقبين لقطاع الطاقة العالمي، أن الخطط والأمنيات للانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، ولكن في الحقيقة فإن الطريق ليست واضحة… كيف السبيل لتحقيق هذا الهدف؟ بالنسبة لقطاع النفط والغاز لا بد أن يكون جزءا من الحل. ويبدو أن الأمور قد تغيرت وفي طريقها أيضا لمزيد من التغير لصناعة الطاقة عالميا بعد مؤتمر دول الأطراف الـ21 الذي عقد في باريس 2015م، حيث التوجه للاستثمار في التكنولوجيات الأنظف للطاقة. وفي الحقيقة تواجه صناعة الطاقة تحديا مزدوجا؛ الأول: يتمثل في تلبية احتياجات الدول المتنامية من الطلب على الطاقة الموثوقة والتنافسية، وتشير التوقعات إلى أن الطلب العالمي على الطاقة سيزداد بنسبة 35 في المائة خلال الفترة الممتدة إلى عام 2040! والتحدي الثاني: هو في المساعدة في العمل المناخي (الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة) حيث ترجع 40 في المائة من الانبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون للأنشطة الصناعية المتعلقة باستخدام مصادر الوقود الأحفوري وفي المقدمة الفحم الحجري. وبالتالي من الضروري لقطاع صناعة الطاقة أن يكون جزءا من الحل في مجابهة تحدي تغير المناخ، حيث بدأت شركات النفط والغاز العالمية في دمج «تغير المناخ» في استراتيجياتها وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة والاستثمار وتطوير مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح كمساند ومكمل لمصادر الطاقة التقليدية الموثوقة. ووفقا للوكالة الدولية للطاقة، فمن المتوقع أن ترتفع حصة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي الكلي من 1 في المائة إلى 10 في المائة، وأن النفط والغاز سيستحوذ على حصة تقارب 45 في المائة من الطاقة المستهلكة حول العالم في عام 2040م. ولتحقيق هدف تحسين صناعة الطاقة لا بد من العمل على تعزيز التنمية والاستثمار في الغاز الطبيعي باعتباره الوقود الأحفوري الأقل تلويثا للبيئة وينتج نصف الانبعاثات في توليد الكهرباء مقارنة مع الفحم. أيضا هناك فرص ومكاسب استثمارية في تنمية مصادر الطاقة المتجددة والوقود الحيوي، تحسين كفاءة الطاقة ومشاريع التقاط وحجز الكربون تحت الأرض وإعادة استخدامه في منتجات صناعية.
مشاركة :