وجدت واشنطن نفسها معزولة الجمعة في مجلس الامن الدولي الذي عقد جلسة طارئة عبرت فيها الامم المتحدة عن "بالغ القلق" ازاء مخاطر تصاعد العنف اثر قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بشكل احادي بالقدس عاصمة لاسرائيل، في حين اكدت دول المجلس الاوروبية انه يخالف قرارات الامم المتحدة.ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ب"الإجماع الدولي الكبير المندد بالقرار الاميركي المخالف لكل قرارات الشرعية الدولية". وقال المنسق الخاص للامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الاوسط نيكولاي ملادينوف خلال الجلسة في كلمة عبر الفيديو من القدس انه تم اعلان "ثلاثة ايام غضب" من "السادس الى التاسع من كانون الاول/ديسمبر"، محذرا من مخاطر "التطرف الديني". واكد المسؤول الاممي على ان "القدس هي القضية الاشد تعقيدا" في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي وان المدينة المقدسة تمثل "رمزا" للديانات الاسلامية والمسيحية واليهودية مشددا على ان وحده "التفاوض بين الطرفين" هو الوسيلة لتقرير مصير المدينة المقدسة. ودعا نيكولاي ملادينوف قادة العالم الى "التحلي بالحكمة" لاعادة الهدوء الى المنطقة. اما السويد وفرنسا والمانيا وايطاليا وبريطانيا فقد اكدت في اعلان جاء في بيان لسفرائها اثر الجلسة ان اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل "لا يتطابق مع قرارات مجلس الامن الدولي" وان القدس الشرقية جزء من الاراضي الفلسطينية المحتلة. واكد السفراء الأوروبيون "ان وضع القدس يجب ان يحدد عبر مفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين تختتم باتفاق حول الوضع النهائي". وشددوا انه في هذا الاطار "يجب ان تكون القدس عاصمة لدولتي اسرائيل وفلسطين. وفي غياب اتفاق، لا نعترف باية سيادة على القدس". واضافوا انه "بناء على القانون الدولي وقرارات مجلس الامن ذات الصلة وخصوصا القرارات 467 و478 و2334 نعتبر القدس الشرقية جزءاً من الاراضي الفلسطينية المحتلة". كما شددوا على ان "الاتفاق على الحدود بين الدولتين يجب ان يتم على اساس خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967 وفق تبادل اراض يتفق عليه الجانبان. وان الاتحاد الاوروبي لن يعترف باي تغيير لحدود 1967 بما فيها في في القدس الا باتفاق الطرفين". وشدد السفراء ان قرار دونالد ترامب "لا يخدم فرص السلام في المنطقة" ودعوا "كافة الاطراف والفاعلين الاقليميين الى العمل معا للحفاظ على الهدوء". وقال السفراء الاوروبيون "نحن على استعداد للمساهمة في الجهود الصادقة لاحياء عملية السلام على قاعدة المعايير الدولية المتفق عليها، والمؤدية الى حل الدولتين. ونشجع الادارة الاميركية على تقديم مقترحات مفصلة من اجل التوصل الى اتفاق اسرائيلي فلسطيني". ورفضت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي "الخطب والدروس" وقالت ان بلادها "تبقى ملتزمة بعملية السلام" في الشرق الاوسط. وقالت ان ترامب لم يفعل سوى الاعتراف بالواقع القائم، طالما ان مقار الحكومة والبرلمان موجودة في القدس. وذكرت بأن ترامب أصر على ان قراره ليس له اثر على ما يقرره الفلسطينيون والإسرائيليون في نهاية المطاف. واضافت "أفهم ان التغيير صعب" لكن "تحركاتنا تهدف الى دفع قضية السلام" و"نحن نريد اتفاقا عبر التفاوض"، موضحة ان ترامب "لم يتخذ موقفا بشأن الحدود" وان "الوضع القائم مستمر على حالة في الاماكن المقدسة". وأظهر الاجتماع الذي دعت ثماني دول الى عقده من أصل اعضاء المجلس الخمسة عشر، عزلة الولايات المتحدة ازاء باقي الدول التي انتقدت القرار الأميركي بدرجات متفاوتة. ولا يملك مجلس الأمن سبل اعتراض نقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس، في حين تملك واشنطن حق النقض على اي قرار او اعلان يصدر عنه.وقال السفير المصري عمر ابو العطا ان قرار ترامب "انتهاك للشرعية الدولية" والقدس تبقى "مدينة محتلة". وأكد السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا أن "لا بديل عن حل الدولتين". واشار سفير الاوروغواي البيو روسيلي الى حلم جون لينون في "عالم يعمه السلام"، آملا تحقيقه في الشرق الأوسط. واعتبر عباس، "ان هذا الاجماع، (في مجلس الأمن) هو بمثابة رسالة دعم قوية لحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في أرضه وعلى رأسها مدينة القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين"، مؤكدا ان واشنطن "بهذا الموقف لم تعد مؤهلة لرعاية عملية السلام". أثار قرار ترامب غضبا عارما في العالمين العربي والاسلامي ورفضا عاما من شركاء واشنطن.
مشاركة :