قصور الشريان التاجي.. مرض شبابي

  • 12/10/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

انتشر في الآونة الأخيرة مرض قصور الشريان التاجي وجلطات القلب الحادة بصورة تدعو للقلق والتوقف عندها، لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه المشكلة الخطرة التي تعوق قدرات وأنشطة الشخص المصاب، وأصبح الشباب هدفاً لسهام هذا المرض على الرغم من أنه كان في الماضي مرضاً مرتبطاً بكبار السن بدرجات أكبر، وتعود تسمية الشرايين التاجية بهذا الاسم إلى شكلها، حيث تلتف حول القلب وتتفرع منه وتتشابك عليه كأنها تاج، ومهمة هذه الشرايين الرئيسية هي تغذية القلب، فعلى الرغم من أن القلب هو المغذي الرئيسي لكل خلايا الجسم بالدم المؤكسج، إلا أنه لا يحصل على حصته من هذا الدم إلا عن طريق هذه الشرايين، التي تخرج منه لتعود وتغذي خلاياه بما يحتاج إليه.في هذا الموضوع سوف نتناول وظائف الشريان التاجي، والأسباب التي تؤدي إلى إصابته بالأضرار والأعطال، وطرح طرق الوقاية والعلاج الممكنة والمتاحة. أنواع الشرايين يعرّف الأخصائيون الشريان التاجي بأنه أحد شرايين القلب الأساسية والمهمة، ويتفرع من الشريان الأورطي، وهناك نوعان للشرايين التاجية هما الأيمن والأيسر، وينقسم الشريان التاجي الأيسر الى فرعين يطلق عليهما الشريان الأمامي اليساري النازل والشريان المنعطف، أما الشريان الأيمن فيقوم بضخ الدم إلى أجزاء البطين الأيمن، وينتهي بالشريان الخلفي النازل، ويميز الشريان بصفة عامة بمرونة عالية حتى يتدفق الدم بسلاسة إلى أجزاء الجسم كلها، ونفس هذا الأمر ينطبق على الشرايين التاجية، إلا أنه نتيجة لعدد من الأسباب تصاب هذه الشرايين أو بعضها ببعض الأضرار التي تسمى بمشكلة قصور الشريان التاجي أو مرض القلب التاجي، ونعني بالقصور هنا أن الشريان لا يؤدي مهمته على الوجه الأكمل المطلوب منه، ويعود القصور إلى تصلب في الشريان التاجي بسبب ضيق أو انسداد في هذا الشريان، وينجم هذا الضيق عن تراكم الصفائح المشبعة بالكولسترول أو الدهون الثلاثية في مجرى الشريان، وكذلك عدم انتظام مستوى السكر بالدم لفترات طويلة، وبالتالي يؤدي كل ذلك إلى عدم كفاية كميات الدم المتدفقة في الشريان التاجي، وهو ما يعني بطبيعة الحال أن القلب لن ينال حصته الكافية من الدم المؤكسج، وتتأثر وظائفه بالسلب ومنها في ضخ الدم إلى سائر أعضاء الجسم. احترس من الكولسترول يتفق الأطباء فيما بينهم على أن تكرار ارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة الدهون الثلاثية وارتفاع كمية الكولسترول الضار، تعد من أبرز أسباب الإصابة بمرض قصور الشريان التاجي، وذلك لأن الدهون الثلاثية تعمل على انسداد الشرايين الرئيسية ومنع تدفق الدم إلى القلب، ويضاف إلى أسباب الإصابة ارتفاع نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري، والبدانة والوزن الزائد، لذلك توجه النصيحة الدائمة لأصحاب الوزن الزائد باتباع حمية غذائية صحية، كما تلعب بعض العوامل الأخرى دوراً في بعض حالات الإصابة بمشكلة قصور الشريان التاجي، وهي الإجهاد والتعب والتعرض لدرجات حرارة عالية أو منخفضة جداً، وأيضاً شرب الخمور وبعض الأدوية وخاصة المنشطات، وتعاطي بعض المخدرات، ولاحظت بعض الدراسات ارتفاع معدل إصابة الشباب بمرض قصور الشريان التاجي، وأرجعت ذلك إلى زيادة الضغوط النفسية والانفعالات والتوتر والقلق الدائم وأيضاً قلة الحركة والنشاط، وأيضاً يلعب التدخين دوراً كبيراً في الإصابة بأمراض القلب ومنها قصور الشريان التاجي، وإليه يعزو كثير من الأطباء إصابة الشباب بهذه المشكلة المرضية الخطرة، بعد أن كان هذا المرض قاصراً فقط على كبار السن، بجانب بعض العوامل الوراثية الأخرى، وتعوّد الشباب على تناول الوجبات الجاهزة المدمرة لصحة القلب والجسم عموماً. ألم الصدر يخدع مرض الشريان التاجي الكثير من الأشخاص، بسبب عدم وجود العديد من أعراض مشكلة ضيق هذا الشريان في كثير من الأحيان، أو تكون الأعراض غير ملحوظة ولا يتم الالتفات لها، واعتبارها أعراضاً عابرة أو طارئة سرعان ما تختفي، ومن هذه الأعراض غير الملحوظة الألم البسيط داخل الصدر والذي يظهر في صورة نوبات على فترات، إلا أن الخطورة تكمن في إمكانية حدوث الإصابة بجلطة القلب، وهذه الأعراض لن يشعر مريض قصور الشريان التاجي بها إلا في حالة بذل جهد بدني، وهذا الجهد الذي لا يتجاوز المشي مسافة قصيرة أو صعود السلالم، عندها يشعر المريض بألم وضيق غير محتمل صادر من الصدر، وأحياناً يصل الألم إلى الذراعين أو العنق والفك، ويكون الألم مركزاً في الجانب الأيسر من الصدر، كما يكون مصحوباً بحالة عرق غزير، وتستغرق نوبة الألم مدة لا تقل عن 5 دقائق وممكن أن تصل إلى 30 دقيقة، وغالباً ما يحدث ذلك أثناء الليل أو في الصباح الباكر، وعند حصول المريض على راحة أو يتوقف الجهد البدني فإن هذه الآلام التي هاجمته فجأة سوف تتوقف، كذلك يشكو البعض وبخاصة النساء من ألم في البطن والذراع والظهر مع ألم الصدر، ويفسر الأطباء هذا الألم المفاجئ بأنه عند بذل أي مجهود سوف يقابله زيادة في ضربات القلب، وبالتالي يرتفع ضغط الدم بصورة ملحوظة، وهو ما يدفع القلب إلى بذل مجهود أكبر ليمد الجسم بالدم المطلوب نتيجة هذا المجهود، وفي نفس الوقت فيحتاج القلب إلى كمية أكبر من الدم لتغذيته وتقويته لتعزيز مهمة ضخ الدم، إلا أن الشرايين التاجية لا تسعفه بالكميات المطلوبة نتيجة لما أصابها من قصور ولا تستطيع الوفاء بما يحتاجه، فتحدث حالة الألم الشديد في الصدر، وهو ما يجبر المريض على التوقف عن المجهود، فتنعكس العملية، حيث يقل حاجة الجسم للدم ويتبعها انخفاض ضربات القلب وضغط الدم به، وبالتالي تكفي كمية الدم الواصل من الشرايين المصابة لحاجة القلب. العلاج الدوائي أفضل يبدأ طريق العلاج من مرض قصور الشريان التاجي بإجراء عدد من الفحوص والتي تشمل رسم القلب، حيث يبين رسم القلب النشاط الكهربائي للقلب، ثم يتبعه عمل الموجات فوق الصوتية، حيث يتم تمرير موجات صوتية إلى القلب والتقاط صور له، وكذلك عمل الأشعة المقطعية للحصول على صور مقطعية للقلب، وأخيراً يمكن اللجوء إلي إجراء الرنين المغناطيسي للقلب، وهو من الوسائل الآمنة والسريعة ونتيجتها دقيقة للغاية في فحص ضيق الشريان التاجي، وينقسم العلاج إلى شقين الأول الدوائي والثاني الجراحي، وعلي المريض ألا يلجأ للشق الجراحي مباشرة، وذلك لأن الأبحاث العالمية أثبتت أن استخدام الأدوية في علاج هذه الحالة أفضل بكثير من اللجوء إلى العمليات الجراحية، كما أنها غير مكلفة مقارنة بعمليات الجراحة ومضاعفاتها بسيطة، أما نسبة الخطورة والمضاعفات في العمليات الجراحية فهي أكبر، وفكرة العلاج الدوائي تعتمد على تقليل عدد ضربات القلب، بحيث لا تزيد على 60 دقة في الدقيقة، وأيضاً تنظيم وضبط معدل ضغط الدم، فلا يزيد على 130 على 80، وبهذه الطريقة سوف يتم تقليل المجهود الذي تبذله عضلة القلب، وبالتالي تكفي كميات الدم التي تصل إليهـا للوظائف والأداء المعقول، وعلى الرغم من وجود مشكلة ضيق الشرايين التي تغذي القلب، إلا أنها سوف تتسع مع مرور الوقت من خلال استعمال الأدوية المخفضة للكولسترول الضار، وكذلك تناول الأدوية التي تعمل على ضبط معدل السكر في الدم، وتعاطي الأسبرين للوقاية من حدوث أي تجلطات في الدم، مع النصحية الأهم وهي التوقف فوراً عن التدخين المدمر للصحة، أما بالنسبة للتدخل الجراحي فيتم عن طريق إجراء عملية القسطرة بهدف توسيع الشريان التاجي بالبالون، أو تركيب دعامة، ويمكن إجراء جراحة في القلب لتركيب وصلة شريانية للشريان المسدود، كما يمكن تناول الثوم والبصل في علاج مشكلة قصور الشريان التاجي، فلهما القدرة على تخليص الجسم من ترسبات الكولسترول، بالإضافة إلى حبوب البيرة التي تخفض نسبة الكولسترول. الفئة السنية المعرضة للإصابة أثبتت دراسة حديثة أن الإصابة بأمراض الشرايين التاجية والذبحة الصدرية بدأت تحدث في سن مبكرة بشكل محيّر، وذلك في كثير من دول العالم وخاصة الدول النامية والمنخفضة الدخل، وذلك يرجع إلى ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري بين فئات الشباب والأطفال، وانتشار مرض ارتفاع ضغط الدم أيضاً، وتسابق أعداد كبيرة من الشباب إلى التدخين، وغيرها من العادات الصحية غير السليمة، وأجريت هذه الدراسة على 11.7 ألف مريض في 19 دولة من أنحاء العالم، ومعروف علمياً أن عضلة القلب تقوم بتغذية الجسم بالدم من خلال الانقباض والانبساط بمعدل حوالي 70 دقة في الدقيقة لتقوم بذلك بضخ حوالي ما يقرب من 5 ليترات من الدم إلى الجسـم في غضون دقيقة واحدة فقط، وهذا يعني أنها تدق حوالي 100 ألف دقة على مدار اليوم كله، وتقوم في هذه الدقات بضخ أكثر من 7 آلاف لتر من الدم كل يوم بلا توقف، وتشير الدراسات إلى أن مشكلة مرض قصور الشريان التاجي تصيب بشكل أكبر الفئات العمرية التي تقع بين 30 و44 عاماً.

مشاركة :