بحث الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري أمس، بالقاهرة تطوّرات الوضع في الشرق الأوسط وتداعيات إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة ل«إسرائيل» ونقل سفارة بلاده إليها. وترأس الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، وفد دولة الإمارات في الاجتماع، كما شارك في أعمال الاجتماع الطارئ للجنة مبادرة السلام العربية الذي عقد بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية بالقاهرة على مستوى وزراء الخارجية للدول الأعضاء باللجنة برئاسة الأردن.وقال الدكتور قرقاش، إنه يجب ألا تكون محنة القدس مناسبة لجلد الذات وتوزيع الاتهامات، مضيفاً: لا يجب أن نسقط في اختبار القدس. وأوضح أن الإمارات تؤكد دعمها الكامل للتوصل لحل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، مؤكداً أنه يجب على الولايات المتحدة مراجعة قرارها بشأن القدس، موضحاً أن قرار ترامب بشأن القدس انحياز ضد حقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في المقررات الدولية، وشدد على أن قرار واشنطن لن يغير الوضعية القانونية لمدينة القدس. كما شدد على أن الإمارات تؤكد ضرورة الالتزام بقرار مجلس الأمن والقرارات الدولية بعدم إنشاء بعثات دبلوماسية في القدس أو نقل السفارات إليها، لافتاً إلى أن القدس جزء لا يتجزأ من أراضي فلسطين المحتلة وفقاً لحدود 1967.وأضاف، أن الإمارات تؤكد قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، مشيراً إلى أن ضرورة تكاتف الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني ووقف الانتهاكات «الإسرائيلية» التي تغذي العنصرية والإرهاب. وتابع، أن الإمارات تدعو الولايات المتحدة بالتراجع عن قرار اعتبار القدس عاصمة «لإسرائيل»، وقال: «لا يمكن أن نختبر في هذه المحنة ونفشل فيه ولا يجب توزيع اللوم والشتائم في هذا الأمر ولا يجب أن يتغلب علينا السقوط والاستسلام، فالقدس مكانها في الوجدان والعقل» وشدد قرقاش على ضرورة اتخاذ خطوات حازمة لبحث تطلعات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية.وكان الدكتور أنور قرقاش، قد شارك صباح أمس في «حوار المنامة» في البحرين، حيث أكد أن قرار الرئيس الأمريكي بمثابة هدية للتطرف، مشيراً إلى أن المتطرفين سيستخدمون ذلك لتصعيد لغة الكراهية.وأكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، خلال افتتاحه للجلسة، أن القرار الأمريكي باعتبار القدس المحتلة عاصمة ل«إسرائيل» تحركه في المقام الأول أغراض داخلية واضحة، وهو قرار باطل وما يبنى عليه باطل لا يترتب عليه أثر ووضعية قانونية للقدس لأن الوضعية ثابتة بناء علي قرارات وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الذي يرفض ضم «إسرائيل» للمدينة.وأوضح أبو الغيط خلال كلمته في اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ، أن القدس في نظر القانون الدولي هي أرض محتلة لا سيادة للاحتلال عليها، واعتراف الولايات المتحدة يها لا يغير من الحقيقة شيئاً ولا ينشأ أي أثر قانوني للقدس كأرض محتلة. وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى أن القدس في نظر القانون الدولي هي أرض محتلة لا سيادة للمحتل عليها.وطالب، المجتمع الدولي وكل مَن لم يعترف بالدولة الفلسطينية، إلى الاعتراف بها وبالقدس الشرقية عاصمة لها. وقال أبوالغيط، إنَّ القرار الأمريكي مستنكر ومرفوض ولا يمكن تبريره تحت أي ذريعة ويدين من أصدره. أكد أن هذا القرار يقوض الثقة العربية في واشنطن كوسيط وراع للمفاوضات ويدفع الفلسطينيين والعرب إلى إعادة النظر في دور أمريكا كوسيط نزيه في العملية. وأوضح أن رد الفعل العالمي على قرار واشنطن كشف مدى عزلة الموقف الأمريكي و«الإسرائيلي» لدوره السلبي على استقرار المنطقة.وثمّن أبوالغيط المواقف الدولية من قرار ترامب، مؤكداً أن الرد العملي على هذا القرار المجحف يكون بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وقال نحث الدول التي لم تعترف بعد بفلسطين على الاعتراف بها لأهمية ذلك أكثر من أي وقت مضى للانتصار للشرعية الدولية التي انتهكها القرار الأمريكي. وشدد أبو الغيط على أنه وبحسب القانون الدولي أرض محتلة لا سيادة لدولة الاحتلال عليها.وفي كلمته، أكد رياض المالكي وزير خارجية فلسطين، أن قرار ترامب يشجع منتهكي القانون الدولي على الاستمرار في سياساتهم، وهو ما يطلق العنان للعنف وعدم الاهتمام بالمواثيق والقوانين الدولية.وأضاف أن أي إعلان لن يغير من حقيقة أن القدس أرض محتلة وفق القانون الدولي، وهي غير قابلة للتصرف بموجب القانون الدولي، ولن تتغير تلك الحقيقة باعتراف ترامب أو إعلانه، مشيرا إلى أن دولة فلسطين تقدر موقف الدول العربية والغربية التي نددت بالقرار الأمريكي، ونخص بالذكر الأردن حكومة وشعباً ومصر والسعودية والكويت وجميع الدول التي وقفت بجانب قضيتنا الفلسطينية.وقال المالكي إن الرئيس الأمريكي أقدم على خطيئة بقراره مضيفاً أن القرار يُظهر عدوانية الولايات المتحدة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني. وأفاد بأن قرار ترامب يجرد الولايات المتحدة من أهليتها في صنع السلام في المنطقة، قائلاً: «قرار ترامب بشأن القدس مكافأة للاستعمار».وأكد المالكي، أن بلاده تعتبر الإعلان الأمريكي إساءة للقانون الدولي، موضحاً أن تغيير نظرة الولايات المتحدة تجاه فلسطين هو خرق صريح للقوانين الدولية واعترافاً بالاستعمار أمام مرأى دول العالم. وحذّر من أن «قرار واشنطن بشأن القدس له توابع سياسية وأمنية جسيمة وواسعة النطاق على المنطقة». واعتبر أن «الإدارة الأمريكية تنظر للقضية من زاوية ضيقة وتنساق وراء «إسرائيل»»، محذّرا من أن «»الدواعش» سيجدون في قرار ترمب فرصة لمواصلة إرهابهم.. قرار ترامب فرصة لمن يحاولون إثارة حرب دينية في المنطقة». وختم المالكي مؤكداً أن «لا سلام بدون الدولة الفلسطينية ولا دولة فلسطينية بدون القدس».ودعا وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي إلى مواجهة قرار الرئيس الأمريكي بفعل عربي مؤثر. وقدم الصفدي خلال الاجتماع الطارئ، خطة عمل تشمل التحرك مع المجتمع الدولي لتأكيد بطلان قرار الرئيس الأمريكي، وتشكيل وفد يزور العواصم المؤثرة، يعمل على التحرك جديا لحل الصراع على أساس الدولتين ويضمن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، إلى جانب حث المجتمع الدولي ومؤسساته على الاعتراف بدولة فلسطين.وقال سامح شكري وزير الخارجية المصري، إن اعتراف أمريكا أحادي ومخالف للقانون الدولي، ويعد جرس إنذار للعالم ويضع المنطقة على حافة الانفجار، وأضاف أن مصر ترفض جملة وتفصيلاً قرار ترامب، خاصة أنه يلقي بظلال وخيمة علي عملية السلام، قائله إن هذا القرار يعد تحولاً مؤسفاً في الموقف الأمريكي. وأشار إلى أن استخدام «إسرائيل» للقوة لفرض الأمر الواقع في القدس يعتبر عملاً غير قانوني. وطالب المجتمع الدولي بضرورة إيجاد السبل لتنفيذ حل الدولتين، مؤكداً أن الإرهابيين يحاولون استغلال التطورات الراهنة لتمرير أعمالهم. وتساءل.. أين القانون الدولي إزاء الحقوق الفلسطينية المهدورة؟.وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إن القرار الأمريكي بشأن القدس استفزاز للمسلمين، داعياً الإدارة الأمريكية للتراجع عنه. وأضاف أن الإعلان الأمريكي بشأن القدس قبل تسوية نهائية يضر مفاوضات السلام. وأكد أنه سبق وأن حذرت حكومة السعودية أن أي إعلان أمريكي بشأن القدس يسبق الوصول إلى تسوية نهائية سيضر بمفاوضات السلام، ويجعلها أكثر تعقيداً كما أن من شأن ذلك تقويض كل الجهود المبذولة في هذا الصدد، وتشكل استفزازاً لمشاعر المسلمين حول العالم. وقال، إن قرارات الشرعية الدولية تؤكد أن القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 وتعتبر كل الإجراءات والانتهاكات «الإسرائيلية» التي تستهدف مدينة القدس ومقدساتها وهويتها وتركيبتها الديمغرافية لاغية وباطلة. وشدد الجبير على أن السعودية تؤكد أن القدس تعتبر من قضايا الحل النهائي، الذي ينبغي أن يحدده مسار المفاوضات بين طرفي النزاع، والتي لا ينبغي أن تخضع لقرارات أحادية الجانب من شأنها التأثير على سير المفاوضات.
مشاركة :