اختتمت فعاليات منتدى حوار المنامة بنسخته الـ 13 بجلسة حملت عنوان «الصراعات الاقليمية والإرهاب: الخيارات السياسية»، حيث اجمع فيها المشاركون على ضرورة الحفاظ على المكاسب المتحققة من الانتصار على تنظيم «داعش» الإرهابي بعد اعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس السيطرة على آخر معاقل «داعش» في العراق. وأكد المشاركون أن ايران ماتزال الراعي الاكبر للمليشيات الارهابية والتي نجحت في نشرها في عدة مناطق على مستوى المنطقة لتحقيق مآربها في نشر الفوضى والطائفية والتطرف لضمان مصيرها الوجودي واضعاف خصومها. كما اكدوا أن الأمن السيبراني في عالم الانترنت اصبح على رأس الاولويات لمكافحة الارهاب والمتطرفين بدلا من التركيز على الحلول السياسية والعسكرية التقليدية في القضاء على براثن الارهاب. وقال البروفسور توبي دودج مدير مركز الشرق الاوسط في كلية لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية ان الاعلان عن تحرير العراق من «داعش» يعتبر امرا في غاية الاهمية في الوقت الحاضر، ولكن ثمة تشاؤم ينبع من امكانية استدامة الامن والاستقرار في العراق مع قرب الانتخابات الوطنية في مايو خلال العام المقبل 2018 وكيفية تحقيق استدامة سياسية. ولفت دودج الى ان الانتصار العسكري يجب ان يرافقه نجاح سياسي، من خلال عدم تهميش جميع مكونات الشعب العراقي من قبل الحكومة العراقية وتقديم خدمات افضل للجميع دون اي تمييز على اساس طائفي او مذهبي او حتى سياسي. ويرى دودج ان العراق امامه فرصة ذهبية للعودة الى الاستقرار من خلال انجاح الانتخابات الوطنية من خلال تخطي المسألة الطائفية ومحاربة الفساد بعيدا عن الهوية الطائفية وانهاء نظام المحاصصة على المستوى الحكومي. ولفت دودج الى ان التحديث الماثل امام العراق ما بعد «داعش» هو في كيفية ازالة سلاح الحشد الشعبي الشيعي والذي اصبح عبئا على الحكومة العراقية وادماج افراده في صفوف الجيش العراقي الموحد. وأكد دودج انه لنجاح العراق في تعزيز عوامل الامن والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي لا بد من الطائفية ان توضع جانبا وان يتقدم السياسيون لطرق اخرى في التعامل مع مشاكلهم ودفع المواطنين للانتخاب عبر سياسة موحدة تتعامل مع العراقيين كمواطنين سواسية وتعزيز الوطنية وتسريح السلاح من المليشيات والنهوض بنوعية الخدمات الحكومية المقدمة لجميع افراد الشعب العراقي. بدوره، قال خبير الشؤون الجيوسياسية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، جون رين ان: الشرق الاوسط اصبح مركز جدول اعمال المجتمع الدولي بسبب الارهاب الذي رافقنا لفترة طويلة اقليميا ودوليا»، واضاف «علينا ان نكون قادرين على محاربة الارهاب وفعالين في الوقت المناسب، خاصة وان الارهاب يمر بمراحل متغيرة مع التفكير بخصائص الجيل الجديد من التهديد الارهابي». وتابع رين: «لقد رأينا مستوى عال من التكيف في اوساط خصومنا، وعلينا توقع ان الارهابيين مستعدون للتخطيط لجيل جديد من القدرات والاهداف والاستراتيجيات غير التقليدية. فلن يقوموا بتكرار ما قاموا به سابقا، وعلينا ان نفترض ان الارهابيين لن يستخدموا نفس القدرات، واللجوء الى العالم الالكتروني بصورة افضل من اي وقت مضى، واستخدامها كسلاح عابر للحدود مع تأثير مضاعف للغاية». واكد رين ان محاربة الارهاب لم تعد جهدا فرديا، بل مجهود جماعي بين جميع الدول ولا يمكن عمل اي دولة بمعزل عن أخرى في هذا الشأن، والاستجابة الدولية يجب ان تكون الحل في اي مواجهة جديدة مع التطرف والارهاب. وذكر رين ان تطور العالم الافتراضي له علاقة وثيقة بديمغرافية الشرق الاوسط، خاصة اذا ما علمنا بأن منطقة الشرق الاوسط وبالاخص الخليج العربي تعتبر من الاقاليم المتقدمة رقميا على مستوى العالم في استخدام الانترنت، مؤكدا ان الفضاء السيبراني هو الفيصل في حربنا على الارهاب في المرحلة القادمة. واختتم رين حديثه بالقول: «علينا قلب الاولويات ووضع الفضاء السيبراني على رأس الاولويات، وجعل مسألة التعاطي مع التحديات المجتمعية اولوية رئيسية اخرى لمنع بروز الارهاب، مدعما بالعمليات العسكرية لتجنب وقوع المزيد من الضحايا وتقديم مزيد من التضحيات». من جهته، توقع ايميل هوكايام الخبير السياسي في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، ان تستمر حالة الفوضى السياسية في المنطقة مع تزايد تعقيد الملف السوري وارتفاع وتيرة العنف بعدة اشكال وتفاقم ازمة اللاجئين التي سيكون لها تبعات سلبية في السنوات القليلة المقبلة. ولفت هوكايام الى ان شعور الربح والنصر يعم الجميع بعد نجاح الجهود الدولية في محاربة «داعش»، ولكن هناك مخاوف من عودته في ظل الفوضى السياسية والامنية الحاصلة في سوريا واستمرار ايران في مشاريعها المتطرفة في المنطقة، مع تزايد ظهور الميليشيات الشيعية المدعومة من قبل ايران والذين يملكون اساليب قتالية مخضرمة وقادرين على السيطرة على عدة مناطق. وبين هوكايام انه لابد من دق ناقوس خطر اندلاع حرب هائلة في المنطقة والتي تتوقعها القوى الاقليمية ان تقع في المستقبل مع تعقيد المشهد السياسي في كل من لبنان وسوريا. واشار هوكايام الى ان ايران باتت قوة صاعدة جديدة مع رعايتها لأنشطة ارهابية كثيرة، لتصبح خصما كبيرا واساسيا على مستوى المنطقة والعالم والتي عززت قدراتها على الصعيد العسكري والسياسي وحتى السيبراني. وأكد هوكايام ان ايران ماتزال العميل الاكبر في نشر الاسلحة على مستوى المنطقة لإحداث القلاقل في عدة مناطق ودول مع تبنيهم لبنية قيادية فعالة وتقنيات متطورة تستخدمها في التزامها بالمهام العابرة للأوطان، لتشكل بذلك تهديدا ارهابيا لا تقل خطورته عن الجماعات الارهابية الأخرى.
مشاركة :