قال أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود، الدكتور مطلق سعود المطيري: "لعبة خلط الأوراق المصاحبة للمشهد السياسي الحالي تستدعى لحظة توقُّف للتأمل والقراءة المتأنية؛ لأنها بقدر غرابتها، وبقدر ما تثيره من رياح كراهية تجاه السعودية، فإن تداعياتها بعد أن يهدأ الغبار سوف تكون شديدة التأثير على مجمل العلاقات العربية ـ العربية. وأضاف: دعونا نتفق بداية أن السعودية قامت وستظل بما تراه واجبها نحو فلسطين، ولن يعيقها جحود أو كراهية البعض لها عن الوفاء. وهذا هو الفارق بين من يتبع الحق ومن يتبع الأحقاد وهوى النفوس وخلط الأوراق وقَلْب الحقائق استجابة لهوى ومرض ووضاعة التوجه". وزاد: "تشابك العلاقات الدولية للمملكة، وحجم التحديات بالمنطقة، ثم التهديدات الإيرانية المتزايدة لمختلف العواصم العربية، فرضت تحديات وأعباء جسيمة على السياسة الدفاعية والدبلوماسية السعودية لمواجهة الخطر الإيراني. فعلى النقيض من عواصم عربية ودولية كثيرة لم تستجب السعودية لتلك الضغوطات وتنأى عن الانخراط في قضايا أمتها العربية والإسلامية، بل وقفت سدًّا منيعًا في مواجهة مخططات الطغيان واستباحة الأوطان التي تمارسها إيران وأذنابها من منابر وعواصم عربية بكل أسف، سواء من بيروت أو الدوحة أو صنعاء أو دمشق". وقال: "وبقدر رؤيتها لحجم التهديدات الإيرانية وخطورتها جاء اشتباكها بكل ما تملك من عتاد وسلاح وأرواح شهدائها.. ورغم جبهات القتال التي تستنزف جهودها الدبلوماسية والاقتصادية فإنها لم تتنصل من تعهداتها المالية تجاه الأشقاء في فلسطين؛ فتحملت رواتب جميع الدبلوماسيين الفلسطينيين لسنوات طوال، بل إن رواتبهم سجلت ارتفاعًا ملحوظًا عن رواتب الدبلوماسيين السعوديين أنفسهم". مؤكدًا أن قوافل الإغاثة وحملات التبرعات لم تتوقف يومًا ما عن دعم صمود الأشقاء. جهود الوساطات لم تهدأ منذ النكبة حتى يومنا هذا.. سيل من المبادرات السياسية والإنسانية والاقتصادية لدعم الصمود الفلسطيني عملاً بوصايا الآباء المؤسسين. وقال: "تاريخ السعودية ممتد من العطاء، لا ينكره سوى حاقد أو غادر أو مأجور، لكنها الأزمات والمحن التي تُظهر ما في الصدور من ظلام العقول وحقارة الضمائر". وأضاف: "الحقيقة الماثلة لدينا في ذلك المنعطف الحرج الذي تمر به الأمة الإسلامية أن هناك ربطًا مضللاً بين فعل الإدارة الأمريكية واجترائها على الحقوق التاريخية والقانونية للأشقاء الفلسطينيين وثوابت القانون الدولي تجاه القدس من ناحية، ومساعي وجهود مخلصة تقودها السعودية في السر والعلن لاسترداد الأراضي الفلسطينية المحتلة من أيدي الصهاينة من ناحية أخرى". وأردف: "ووسط ذلك فاجأ الرئيس الأمريكي الجميع بقفزة إلى المجهول، لا يمكن لأي عاصمة عربية أو إسلامية أن تشاركه فيها؛ لأنها ببساطة شديدة توصف بأنها "من لا يملك أعطى لمن لا يستحق". وأكد أن السعودية لم تفتتح سفارة لإسرائيل فوق أراضيها، ولم تكن يومًا أكبر شريك تجاري لها، أو تشتري الغاز الفلسطيني المسروق، أو تحالف إسرائيل في الناتو، كما أنها لم تقدم التدريب إلى الطيران الإسرائيلي، أو تسمح بتصنيع أسلحة اليهود على أرضها. وتابع: "بل إن لمحة رقمية سريعة خلال هذا الأسبوع لما بثه منبر الدوحة الأكثر كراهية المعروف باسم (قناة الجزيرة) ستكتشف لنا أنها قدمت 38 تقريرًا ومقالاً ضد السعودية، و26 ضد مصر، و35 ضد اليمن، و19 ضد الإمارات، وصفرًا ضد إيران!.. ولم ينجُ أحد من رياح الكراهية سوى إيران!!! وركوب موجة العداء التي تحركها أصابع إيران بالمنطقة يخدم في نهاية الأمر المخطط المعادي، ويضعف من أواصر الترابط العربي، ويفكك صمود الأشقاء في فلسطين، لكنه لن ينال من المكانة الدينية والسياسية الرفيعة للمملكة.. فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله"، على حد وصفه.
مشاركة :