العفو الدولية: أوروبا متواطئة في انتهاك حقوق المهاجرين بليبياانتقدت منظمة العفو الدولية طريقة معالجة ملف المهاجرين في ليبيا التي تنتهجها حكومات دول أوروبية، معتبرة أن هذه الحكومات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب في مراكز احتجاز المهاجرين من خلال ما تقدمه من دعم لخفر السواحل الليبي بهدف منع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا.العرب [نُشر في 2017/12/13، العدد: 10841، ص(4)]قضية إنسانية طرابلس - قال جون دالويسن مدير منظمة العفو الدولية في أوروبا، الثلاثاء، إن”الحكومات الأوروبية ليست فقط على علم تام بالتجاوزات ضد حقوق المهاجرين في ليبيا، وإنما هي متورطة فيها”. وأضاف أن “عشرات الآلاف (من المهاجرين) محتجزون إلى ما لا نهاية في مراكز مكتظة تتعرض فيها حقوقهم للانتهاك بصورة منظمة”. واتهمت منظمة العفو الدولية الحكومات الأوروبية بالضلوع في احتجاز مهاجرين في ظروف مروعة بليبيا. وانتقدت المنظمة مساعدة هذه الحكومات لخفر السواحل الليبي الذي اتهمته بالتورط في تجارة الرق. وأعلنت المنظمة الحقوقية في تقرير أن “الحكومات الأوروبية متورطة عن سابق علم في التعذيب والانتهاكات المرتكبة بحق عشرات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين المحتجزين لدى سلطات الهجرة الليبية في ظروف مروعة”. واتهمت المنظمة الأوروبيين بدعم “نظام معقد لانتهاك واستغلال اللاجئين والمهاجرين”، يتبعه خفر السواحل ومسؤولو مراكز الاحتجاز والمهربون بهدف واحد هو منع المهاجرين من عبور البحر المتوسط. ودعا دالويسن “الحكومات الأوروبية إلى إعادة النظر في تعاونها مع ليبيا في مجال الهجرة والسماح للناس بالسفر إلى أوروبا عبر السبل القانونية ولا سيما عبر إعادة إيواء عشرات الآلاف من اللاجئين”. وأضاف أن “عليهم أن يصروا على أن تنهي السلطات الليبية عمليات التوقيف الاعتباطية واحتجاز اللاجئين والمهاجرين”، داعيا إلى الإفراج “الفوري” عن كل الأجانب المحتجزين في مراكز الاحتجاز في ليبيا. وقال إنه “منذ نهاية 2016، اتخذت دول الاتحاد الأوروبي -ولا سيما إيطاليا- عدة إجراءات تهدف إلى إغلاق طريق الهجرة عبر ليبيا ومنطقة وسط البحر المتوسط دون أي اهتمام بعواقبها على المحتجزين” في ليبيا. وتقول المنظمة إن الحكومات الأوروبية قدمت مساعدات إلى هيئة مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تدير مراكز الاحتجاز في ليبيا، وقامت بتدريب رجال خفر السواحل الليبيين ومدهم بالتجهيزات لاعتراض المهاجرين في البحر. وتابعت المنظمة أن “المهاجرين واللاجئين الذين يعترضهم خفر السواحل الليبي ينقلون إلى مراكز احتجاز حيث يلقون معاملة مروعة”، مضيفة أن “20 ألف شخص لا يزالون محتجزين في هذه المراكز المكتظة التي لا تراعي أدنى معايير النظافة الصحية”. وبعد الفضيحة الدولية التي ظهرت إثر نشر صور عن تجارة الرقيق في ليبيا، أعلن الاتحاد الأفريقي الأسبوع الماضي عزمه إعادة هؤلاء العشرين ألف شخص إلى بلدانهم الأصلية خلال ستة أسابيع. وتخضع مراكز الاحتجاز لحكومة الوفاق الوطني الليبية التي تحظى بدعم الأسرة الدولية. وهناك الآلاف من المهاجرين المحتجزين في مراكز اعتقال أخرى تسيطر عليها فصائل مسلحة لا تخضع لأي سلطة. وقالت منظمة العفو إنها سألت العشرات من المهاجرين واللاجئين الذين تحدثوا عن “تجاوزات تعرضوا لها أو كانوا شاهدين عليها، متحدثين بشكل خاص عن الاعتقال التعسفي والتعذيب والعمل القسري”. وقال المهاجرون في شهاداتهم إن حراس مراكز الاعتقال يقومون بتعذيبهم لابتزازهم والحصول على ما معهم من مال. وأضافت المنظمة “إذا كان معهم المال، يتم الإفراج عنهم، حتى يمكن أن يُعادُوا إلى المهربين الذين يتولون تسفيرهم من ليبيا”. واتهمت منظمة العفو خفر السواحل الليبي بالتورط في تجارة البشر بالتعاون مع المهربين. ونقلت عن مهاجر من غامبيا ظل محتجزا لثلاثة أشهر أنه كان يتم تجويعه وضربه في مركز الاعتقال. وقال المهاجر “ضربوني بخرطوم بلاستيكي لأنهم كانوا يريدون المال مقابل إطلاق سراحي. إنهم يتصلون بعائلتك وهم يضربونك حتى ترسل (عائلتك) المال”. واتهمت المنظمة كذلك حرس الحدود الليبي بتعريض حياة المهاجرين للخطر، وتخويف المنظمات غير الحكومية التي تعمل في البحر لإنقاذ المهاجرين من الغرق. وذكّرت بحادث بين رجال حرس السواحل الليبيين ومنظمة “سي ووتش” الألمانية الذي قتل خلاله ستة مهاجرين على الأقل في 6 نوفمبر. ووجهت منظمة الأمم المتحدة، الاثنين، نداء عاجلا لاستقبال 1300 لاجئ “يعانون من أوضاع شديدة الهشاشة” في ليبيا، بعد الكشف عن معلومات حول تجاوزات فظيعة ترتكب بحق المهاجرين في هذا البلد. ودعت المفوضية العليا للاجئين في بيان إلى ضرورة إيجاد مراكز استقبال لهم بحلول مارس 2018. وأكد فولكر تورك، المسؤول عن الحماية في المفوضية، “أنه نداء يائس للتضامن وللتحرك بدوافع إنسانية”، مضيفا “علينا إخراج اللاجئين الذين تعتبر أوضاعهم الأكثر هشاشة من ليبيا في أسرع وقت ممكن”. وأضافت المفوضية “أن عددا كبيرا من اللاجئين وطالبي اللجوء والمحرومين من الجنسية يتعرضون لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في ليبيا، من بينها أشكال مختلفة من المعاملة غير الإنسانية والفظة والمهينة”. وتم في نوفمبر الماضي إجلاء مجموعة أولى من 25 مهاجرا إريتريّا وأثيوبيا وسودانيا من ليبيا إلى النيجر بانتظار نقلهم إلى فرنسا، بحسب ما أعلن المكتب الفرنسي لحماية المهاجرين والمحرومين من الجنسية. وتابع تورك “بسبب الحاجات الإنسانية الداهمة والتدهور السريع لشروط العيش في مراكز الاحتجاز في ليبيا، تعمل المفوضية العليا لحقوق الإنسان بفاعلية لتنظيم المزيد من عمليات الإجلاء باتجاه النيجر في الأسابيع والأشهر القادمة”. وأشارت المفوضية إلى أن اللاجئين الأكثر هشاشة هم الأطفال الذين لا يرافقهم أحد والأمهات العازبات والأشخاص الذين يعانون من أمراض خطيرة وأولئك الذين تعرضوا لتعذيب خطير خلال رحلتهم أو في مرحلة احتجازهم في ليبيا.
مشاركة :