محطة الضبعة: طموحات ومخاطر الحلم النووي المصري

  • 12/13/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعد سنوات من الانتظار، شهد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين في القاهرة الاثنين 11 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، توقيع عقد إنشاء أول محطة نووية مصرية في منطقة الضبعة على الساحل الشمالي بتمويل روسي. الإعلان قوبل بتفاؤل على الصعيد الرسمي، بينما لا يزال البعض متخوفا من مخاطر المشروع، الذي كشف عنه للمرة الأولى عام 2002 إبان عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك، على المستويين البيئي والصحي. شهد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين الاثنين 11 كانون الأول/ ديسمبر الجاري في القاهرة، التوقيع على اتفاق إنشاء أول محطة نووية مصرية في منطقة الضبعة على الساحل الشمالي المصري، والتي ستكون مخصصة لتوليد الكهرباء. ووقع العقد عن الجانب المصري وزير الكهرباء محمد شاكر وعن الجانب الروسي إليكسي ليخانتشيف مدير شركة الطاقة الذرية روساتوم. قرض باهظ الثمن ونصت الاتفاقية التي وقعت نسختها الأولى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، على أن يقدم الطرف الروسي، قرضا لمصر بقيمة 25 مليار دولار، من أجل تمويل أعمال إنشاء وتشغيل المحطة النووية. ويبلغ أجل القرض 22 عاما، بفائدة 3 بالمئة سنويا على أن يبدأ سداد أول قسط عام 2029. وتتكون المحطة من أربعة مفاعلات نووية من الجيل" III+" بقدرة إنتاجية 1200 ميغاوات للمفاعل الواحد وبإجمالي 4800 ميغاواط. ويدير المشروع الشركة الروسية للطاقة الذرية روساتوم، والتي ستقوم بإنشاء المحطة وتعليم وتدريب العاملين بها، كما تتكفل بوضع المفاعلات داخل المحطة ثم بمتابعة أعمال الصيانة والتصليح فيما بعد. المشروع النووي المصري من أنشاص إلى الضبعة وتاريخيا، بدأ حلم إنشاء محطة نووية مصرية منذ خمسينيات القرن الماضي، إبان عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وظهر الروس حينها كداعم قوي لمصر، وتعاونت موسكو مع القاهرة لإنشاء أول مفاعل نووي للأبحاث والتدريب في أنشاص، شمال شرق القاهرة عام 1961. وتوالى طرح المشاريع النووية المصرية في عهد عبد الناصر بالتعاون مع السوفييت ثم في عهد خلفه محمد أنور السادات بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى بداية ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنها كانت جميعها تجارب لم تكتمل. وعام 1983 طرحت مصر مواصفات مناقصة لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 900 ميغاواط، إلا أنها توقفت عام 1986 بعد حادث محطة تشيرنوبل، للتأكد من أمان المفاعلات النووية. وفي عام 2002، أعلنت مصر إبان عهد الرئيس السابق حسني مبارك عن نيتها في إحياء مشروع إنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية بمنطقة الضبعة على الساحل الشمالي المصري، كمكان ملائم لاستيعاب هذا المشروع القومي لكن المشروع لم ير النور كذلك، حيث لم تلق الدراسات التي أجريت على المشروع ترحيبا من الدول العاملة في مجال التكنولوجيا النووية. انتقادات للمشروع وبقي المشروع متوقفا، حتى العام 2014، حين أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إحياءه مجددا، وتقدمت 6 شركات من الصين وفرنسا واليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وروسيا لإقامة محطة الضبعة النووية، قبل أن تفوز بها الشركة الروسية، وفقا لجريدة الأهرام المصرية. ومنذ الكشف عن مشروع الضبعة، وجهت انتقادات كثيرة للنظام المصري لأسباب إنسانية واقتصادية وصحية وبيئية. فعلى المستوى الإنساني، وجهت العديد من الانتقادات بعد مصادرة أراضي سكان المنطقة وتهجيرهم قسرا عام 2003، وبعيد اندلاع ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، اجتاح عدد من سكان المنطقة الأراضي بالقوة ودمروا ما فيها، محدثين خسائر تقدر بمليار جنيه بحسب صحيفة الأهرام المصرية. واستمر الأهالي في الاعتصام داخل المنطقة حتى العام 2013، حين عقدت لقاءات بين مسؤولين أمنيين والمعتصمين أدت إلى إخلاء المنطقة. ثم أعلنت السلطات المصرية العام 2016، أنها تمكنت من السيطرة على أرض المشروع وتسليمها بالكامل لهيئة الطاقة النووية، مع صرف مبالغ تعويض للأهالي بلغت 134 مليون جنيه مصري. أما على الصعيد الاقتصادي، فالمشروع تعرض منذ الإعلان عنه... إلى هجوم من قبل مستثمرين الذين كانوا يرون في المنطقة الواقعة على الساحل الشمالي المصري أرضا خصبة لإنشاء مدن سياحية تدر المليارات إلى الدخل القومي المصري، مطالبين باختيار موقع آخر للمشروع النووي أقل جذبا للسياحة. أي مخاطر قد تنتج عن المحطات النووية؟ أما المخاطر التي قد تنتج عن المحطات النووية بصفة عامة، فتتركز في المقام الأول في احتمال التعرض لتسريب إشعاعي أو لانصهار نووي ناتج عن الإهمال أو إساءة معالجة مياه التبريد. ولكن خبراء الطاقة النووية يرون أن محطات الجيل الثالث آمنة إلى حد كبير حيث أنها تعتمد على تكنولوجيا متطورة من التحكم الآلي والذي يؤدي إلى تأمين المفاعل في حالة استشعار أي خطر يتعرض له للمفاعل. ولكن يظل الخطر من الإهمال البشري في عدم اتباع قواعد الأمان، مصدر قلق رئيسي بالرغم من ذلك. وتشكل النفايات النووية نقطة هامة أخرى تؤرق الكثير من المصريين على المستويين الصحي والبيئي، حيث أن النفايات النووية الناتجة عن المحطة النووية لا تتحلل مع الوقت، وتكون خطيرة على البيئة وعلى صحة الإنسان، ما لم يتم دفنها وفق معايير وظروف أمنية مشددة. فوائد المحطة ويرى مؤيدو المشروع المصري أن الطاقة النووية أصبحت ضرورة اقتصادية في أي بلد تسعى للنمو، حيث أنها أنظف للبيئة كونها لا ينتج عنها ثاني أكسيد الكربون، كما أنها تساعد في توليد الكهرباء وبالتالي توفير الغاز الطبيعي الذي كان يستخدم في هذا المجال للاستفادة منه في مجالات صناعية أخرى. يذكر أن إجمالي إنتاج مصر من الكهرباء بلغ 31450 عام 2015 ويعتمد بنسبة 70 بالمئة في الوقت الحالي على الغاز الطبيعي (أرقام رسمية لعام 2015). كما يطمح المشروع إلى سد عجز الكهرباء التي تعاني منه مصر، وبالتالي خفض سعر التكلفة على الدولة والمواطن على حد سواء. وتسعى مصر من خلالخطة 2030(استراتيجية التنمية المستدامة) إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتبلغ 44 بالمئة بحلول عام 2030، مقابل 9 بالمئة فقط حاليا، وبالتالي المساهمة في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 10 بالمئة. ويرى بعض خبراء الطاقة أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح نحو مزيد من الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الكهرباء، والذي تطمح الحكومة المصرية في تحقيقه مع تشغيل المحطة النووية الجديدة التي ستعمل بكامل طاقتها بحلول العام 2029.   شيماء عزت نشرت في : 13/12/2017

مشاركة :