الفن الإسلامي.. فرصة للتأمل ومساحة للسلام الداخلي

  • 12/14/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: غيث خوري تشكل الأعمال الفنية المشاركة في المهرجان، والتي عرضت أمس في متحف الشارقة للفنون، مسارات تشكيلية بصرية تحاول أن توظف مفاهيم الفن الإسلامي وتقنياته وعناصره في إطار رؤى متنوعة يقدمها فنانون عرب وأجانب، كل حسب مرجعياته الفكرية والفنية، حيث تحضر ثيمات الفن الإسلامي في أعمال متنوعة تستخدم وسائط فنية متعددة من الأقمشة والجص والخشب والتصوير والميكس ميديا، والتي تحاول في مجملها نقل أثر الفن الإسلامي في الثقافات وخصوصا الغربية منها، حيث بدأ تأثير هذا الفن منذ العصور الوسطى تقريبا، ولم تقتصر هذه التأثيرات الإسلامية في الفن الغربي على نمط أو عنصر بصري محدد، بل ظهرت بجلاء في نواح كثيرة، من الهندسة والرسم والنحت. تنسج الفنانة أبيغيل رينولدز من المملكة المتحدة في عملها «العالم الآن»، من خلال تجميعاتها النحتية والكولاج ثلاثي الأبعاد، صورا متباينة، متحررة من زمن تصويرها، مانحة إياها ارتباطات ومعاني جديدة. تتناول الفنانة في هذا العمل الطرز المعمارية الإسلامية داخل أوروبا، حيث تعرض مشاهد من قصر الحمراء في غرناطة، والذي بني منتصف القرن الرابع عشر، مستعينة بالصور الضوئية للمصور البريطاني تشارلز كليفورد، والتي كان قد التقطها منتصف القرن، من أجل ترميم تلك المباني بداية القرن الماضي، لتلصق فوقها تشكيلات ثلاثية الأبعاد مستلهمة من الفنون الإسلامية مبادئها الأساسية وعناصرها الجمالية، وبذلك تعيد صياغة ذلك التقارب الذي حدث في الماضي بين الحضارتين، والتأثيرات الفنية والفكرية المتبادلة فيما بينها.تُظهر الفنانة الألمانية إليسا ستروزيك شغفها بالزخرفة والفسيفساء الإسلامية، وبفكرة الأنماط المتكررة التي ترمز إلى اللامتناهي، وحقيقة أن الفن الإسلامي لا يحاول تكرار الطبيعة كما هي، بل ينقل ما تمثله.درست ستروزيك تصميم النسيج والأسطح في كلية فايسنزي للفنون في برلين، ويتخذ اشتغالها الفني مساحته بين الأعمال ثنائية وثلاثية الأبعاد، باستخدام المواد الصلبة واللينة معا، باستخدام الخشب و المنسوجات والمنحوتات.في عملها المسمى «نسيج خشبي» استلهمت ستروزيك الزخارف التقليدية والأنماط الهندسية المختلفة المصنوعة من الخشب، لتدمجها مع النسيج، وهي بذلك تحاول الجمع بين النظام الصارم للهندسة والنمو غير المنضبط للطبيعة وحركتها، وقد طورت الفنانة مادة مبتكرة، تقع في منطقة وسطى بين الصلابة والليونة، وهي ما أطلقت عليه «نسيج خشبي»، تتحدى من خلاله التوقعات المرتبطة بمادة أو فئة معينة من المواد التي يبدو شكلها ورائحتها مألوفة، إلا أن ملمسها غريب وهي قادرة على التحرك والتشكل بطرق غير متوقعة.ترى الفنانة الدنماركية بيا جنسن أن الأنماط الإسلامية تعكس الطبيعة وتمنح الناظر والمتأمل فيها شعورا بالسلام. ومن خلال عملها المعنون «تأمل- غرفة للوعي العميق» تقوم بخلق مساحة يختبر من خلالها المرء هذا الشعور بالسلام، كونه محاطا بنمط مستوحى من عنصر واحد وهو الشكل السداسي، المستخدم بكثرة في الهندسة والفن الإسلامي، حيث يتكرر الشكل السداسي في شكل لا نهائي، ويتحول إلى جدران ومقاعد في الغرفة، والتي يتخذ سطح جدرانها الداخلي لونا أبيض بينما يكون الجانب الخلفي منها أزرق اللون، لخلق انعكاس يظهر في الثقوب السداسية المتناغمة على السطح، وإرساء حالة تأملية ضمن الغرفة ومحيطها. إضافة إلى خلق مساحات يمكن أن يوضع فيها نباتات،وأصائص ورد، وهي هنا أيضا توظف مفهوم الحدائق باعتباره أحد أهم ملامح الحضارة الإسلامية، وأحد أهم الركائز في التكوين المعماري الإسلامي.تعتبر جنسن أن الهدف الأكثر أهمية بالنسبة إليها هو خلق تكوينات وظيفية تثري حياة الناس وتمدهم بالفرح اليومي، وترى أن تفصيلا أو جزءا من المحيط المكاني يمكن له أن يمنح المرء شعوراً بالصورة الكلية والكونية من خلال التدقيق في هذا الجزء. يأتي عمل الفنان النيوزيلندي بيتر ترفيليان «معلقة المثلثات الكروية»، ضمن سلسلة من التركيبات الفنية كبيرة الحجم، والتي تعتمد على العمارة في معظمها، مستخدما خامة الكربون، لتشكيل مجموعة من «القباب»، إذ يعتبرها الفنان عنصرا هندسيا متميزا ومتفردا في جماله وأصالته. في هذا العمل يقدم هذه القباب بشكل جديد مركزاً على الهيكل الذي يدعم ويربط القبة ببقية المبنى، عارضا للتمازج بين الأشكال المربعة والكروية، وما يخلقه هذا التمازج من منحنيات هندسية معقدة التصميم.يقدم الفنان بيتر وجيه من مصر عمله «ابتهالات ضوئية»، الذي يندرج تحت خانة فن الزجاج المعشق، والذي يعتبره الفنان من أجمل المفردات التراثية التي تزين نوافذ دور العبادة والبيوت القديمة، فإضافة لوظيفته في إدخال الضوء الطبيعي إلى المكان فهو يمنح الفضاء والبيئة الداخلية جمالاً أخاذا، من خلال شكله وألوانه الزاهية، وقد اشتهر حرفيو دمشق على مدى ألفي عام بتصنيعه، بنوعيه الدمشقي والتقليدي، لتقترن به معظم مساجد المدينة وبيوتها القديمة. ولم يبق اليوم من هؤلاء الحرفيين إلا القليل. استخدام وجيه اللون الأحمر وسط الرسومات رمزاً للمركزية والقوة، كذلك استخدام اللون الأصفر أو طيف الشمس، في الأشكال الهندسية المتصدرة مركز لوحة الخط العربي، تتبعها مجموعة من اللوحات بلونها الأخضر، وهي ترمز للخير والأرض، تليها لوحة بلونها الأزرق وترمز للسماء، وعلى هذه الأعمال نرى رسوما زخرفية وخطا عربيا وتشكيلات نباتية متنوعة.تركز أعمال الفنان الإماراتي عمار العطار، وهو مصور وفنان وسائط متعددة، على التوثيق والبحث والدراسة المنهجية لأوجه العادات الإماراتية وثقافتها المادية والمعنوية.وتأتي مشاركته تحت عنوان «صلاة»، وهي سلسة فنية تحقيقية من الصور التي تتمحور حول فعل الصلاة في الإسلام والتفسيرات الكامنة لكل حركة تفصيلية من هذا الطقس المقدس، وهي استمرار وتطوير لسلسلة سابقة حملت اسم «قاعات الصلاة» والتي صورت أماكن الصلاة الفارغة بدءاً من المساجد المؤقتة في الهواء الطلق إلى قاعات الصلاة في مراكز التسوق والشركات، حرص من خلالها العطار على توثيق الجماليات المساحات المعمارية في المساجد.تطلب إنجاز عمله «صلاة» عامين من العمل، وهو يدمج فيه معدات التصوير، والبطاقات البريدية القديمة والشرائح الضوئية المهملة، ويصنفها بدقة ويعرضها، حيث نرى في العمل تمثيلا لكل حركة يقوم بها المصلي بالتفصيل، ومراحل السجود والوقوف، والإشارات والمعاني التي تحملها كل تلك الحركات. فعاليات اليوم يشهد ثاني أيام المهرجان مجموعة متنوعة من المعارض والورش والمحاضرات المتخصصة في مجالات الفنون، والتي تناقش أثر الفن ودوره المجتمعي، حيث تقام محاضرة «دور الأثر في الطراز المعماري في سامراء» يقدمها أ.د. عبدالمنعم خيري في مقر بيوت الخطاطين (الساعة العاشرة صباحاً)، ويقام معرض «فن غرافيتي» للفنانين محمد عبدالعزيز ومجدي الكفراوي في القصباء (الساعة العاشرة والنصف صباحاً)، ويقام معرض «رسائل مجهولة» للفنان تيمو ناصر في مركز مرايا للفنون (الساعة 11 صباحاً)، وتقام ورشة «الزخارف الإسلامية» يقدمها إحسان حاكم غنام في مبنى شؤون الطلاب في جامعة الشارقة (الساعة 12 ظهراً)، وتقام محاضرة «نحن والآخر.. قصة تأثير الخط العربي في الفنون التشكيلية» في مسجد السلف الصالح في منطقة الجرينة في مدينة الشارقة (الساعة 5 مساء)، وتقام محاضرة «تقارب الحضارات بتمازج فنونها» في مسجد الشيخ راشد القاسمي في دبا الحصن (المنطقة الشرقية) (الساعة الرابعة والنصف مساء)، وتقام ورشة «إيقاعات لونية» في مركز سجايا فتيات الشارقة في كلباء (الساعة 5 مساء).

مشاركة :