قمة إسطنبول تدعو للاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين

  • 12/14/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

دعت القمة الإسلامية الطارئة في إسطنبول جميع دول العالم إلى الاعتراف بالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولة فلسطين، وأكدت التمسك بخيار المفاوضات من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط على أساس حل الدولتين، معتبرة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل باطلاً، وبمثابة انسحاب لواشنطن من دورها وسيطاً في عملية السلام، كما أبدت استعداد الدول الأعضاء لعرض القرار الأميركي على الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا لم يتحرك مجلس الأمن الدولي في هذا الشأن.وأكد البيان الختامي، الذي صدر في ختام قمة منظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت في إسطنبول أمس، وسجلت حضوراً ضعيفاً لستة عشر من قادة الدول الأعضاء، مع تمثيل أقل من باقي الدول الأعضاء بالمنظمة، رفض الدول الإسلامية وإدانتها قرار الرئيس الأميركي غير القانوني بشأن القدس، واستعداد الدول الأعضاء لطرح المسألة على الجمعية العامة للأمم المتحدة في حال عدم تحرك مجلس الأمن الدولي بخصوص القدس.كما أكد البيان عزم الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي على مواجهة أي خطوات من شأنها المساس بالوضع القائم التاريخي، أو القانوني، أو الديني، أو السياسي لمدينة القدس، وتمسكها في الوقت نفسه بالسلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، مشدداً على أن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين. وفي السياق ذاته حث البيان جميع الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، على دعم وكالة بيت مال القدس الشريف لمساعدة المقدسيين على الصمود. كما حثهم على زيادة مساهماتهم في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، وطالب البنك الإسلامي للتنمية بدعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مدينة القدس، مناشداً جميع الدول الامتناع عن دعم قرار واشنطن، وعن نقل بعثاتها الدبلوماسية إلى القدس.وشدد «إعلان إسطنبول» على أن الدفاع عن القضية الفلسطينية يستوجب تحقيق المصالحة الوطنية، دون مزيد من الإبطاء على أساس الاحترام المتبادل والثقة والتوافق، وروح التضامن الوطني، وجدد في هذا الصدد دعم الدول الأعضاء لتحقيق هذه المصالحة، داعياً الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة لتحقيق التوازن في المنطقة.وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للقمة الإسلامية، في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، والرئيس عباس عقب القمة: إن القدس «هي عاصمة دولة فلسطين من الآن فصاعداً، وستبقى كذلك، وأؤمن بأننا أرينا للعالم كله مجدداً من خلال هذه القمة التاريخية، وبخاصة أصحاب القرار، أن القدس ليست وحدها، وأن الوساطة الأميركية بين إسرائيل وفلسطين لم تعد ممكنة، وقد انتهت هذه العملية... وهذا القرار لا قيمة له عندنا»، مشدداً على أن القرار الأميركي يعد انتهاكاً للقانون، وأن القدس خط أحمر، كما دعا الدول التي تدافع عن القانون الدولي والحقوق إلى الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة فلسطين.وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: إن القيادة الفلسطينية ستتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لإبطال إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف في القدس عاصمة لإسرائيل، معلناً نهاية الدور الأميركي في عملية السلام، وانتهاء الالتزامات الفلسطينية السابقة تجاه واشنطن أو تل أبيب.وأضاف عباس عقب انتهاء القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي: «حسب ميثاق الأمم المتحدة 3-27، فإنه يسمح لنا أن نقدم مشروعاً في مجلس الأمن، لا تستطيع أميركا التصويت عليه»، مشدداً على أن أميركا لم تعد وسيطاً في العملية السياسية: «ونحن لا نقبل بها كعرب وكمسلمين، ولم نعد نقبل بوسيط لا تتوفر فيه أبسط الشروط التي تؤهله ليكون وسيطاً نزيهاً وغير منحاز لإسرائيل».وفي أقوى تحدٍ للولايات المتحدة تعهد عباس بأن قرار ترمب لن يمر، وقال لمستمعيه في أعمال القمة الطارئة أمس «إذا مر وعد بلفور... فإنه لم ولن يمر وعد ترمب»، مضيفاً إن القدس «كانت وما زالت، وستظل إلى الأبد، عاصمة دولة فلسطين، وهي درة التاج، التي لا سلام ولا استقرار، دون أن تكون كذلك».وعدّ عباس قرار ترمب أنه أحادي وغير شرعي وباطل، ولم يخفِ أنه شكّل صدمة له؛ لأنه جاء «في الوقت الذي كنا فيه منخرطين في العملية السياسية، من أجل الوصول إلى سلام عادل وشامل في المنطقة»، لكنه أكد على أن الخطوات الأحادية للرئيس ترمب لن تعطي أي شرعية لإسرائيل في القدس.ودعا عباس دول العالم إلى مراجعة اعترافها بدولة إسرائيل ما دامت تصر على مخالفة قواعد القانون الدولي، وخرق جميع القرارات الدولية منذ إنشائها في عام 1948، كما طلب دعماً من أجل التوجه بمشاريع قرارات لمجلس الأمن، ولكل مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بهدف إبطال ما اتخذته الولايات المتحدة من قرارات بشأن القدس.وقال في هذا الخصوص، إنه سيذهب الأسبوع المقبل إلى مجلس الأمن من أجل الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة: «وإن لم ننجح سنتوجه في الأسبوع الذي يليه وهكذا، فهناك دول تقدمت عشرات المراتب للحصول على عضوية كاملة، وحصلت عليها بالنهاية».كما طلب عباس عقد دورة خاصة لمجلس حقوق الإنسان لتتحمل الدول الأعضاء مسؤولياتها نحو انتهاك القانون الدولي الإنساني، وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة، ودعوة المؤسسات الأممية ذات الصلة كافة للقيام بمسؤولياتها.وحذر عباس من الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، أو إنشاء أي بعثة دبلوماسية فيها أو نقلها إلى المدينة، باعتبار ذلك خرقاً للقانون الدولي، واعتداءً صريحاً على الأمتين العربية والإسلامية، وعلى حقوق المسيحيين والمسلمين، والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.وقال عباس إنه يتطلع أيضاً من الدول التي تؤمن بحل الدولتين لتأخذ خطوات عملية تجاه اعترافها بدولة فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، مبرزاً أنه ذاهب للانضمام إلى جميع المنظمات والمعاهدات الدولية باعتبارها حقاً طبيعياً، وبهدف تثبيت وجود دولة فلسطين في النظام الدولي.كما طالب عباس بتشكيل وقفية إسلامية دولية لدعم فلسطين والمقدسات بقيمة مليار دولار.ودافع بقوة عن الدول العربية والإسلامية، وتحديداً المملكة العربية السعودية، وقال: إن خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان قال له كلمة واحدة: «لا حل دون دولة فلسطينية عاصمتها القدس».وفي كلمته أمام القمة، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من أن «محاولات تهويد القدس ستفجّر العنف»، مشدداً على أن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل «يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة»، وأن الأردن سيعمل على منع محاولات تغيير الوضع القائم في المدينة.وأوضح العاهل الأردن أن «أغلب ما يشهده العالم العربي والعالم من حولنا، من انتشار العنف والتطرف، هو نتيجة لغياب حل عادل للقضية الفلسطينية، وما ترتب على ذلك من ظلم وإحباط».من جانبه، قال يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي: إن المنظمة «ترفض القرار الأميركي وتدينه، وتدعو دول العالم التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى أن تبادر بالاعتراف بها».ودعا العثيمين، إلى تحرك عربي إسلامي مشترك للتصدي للقرار الأميركي الأحادي بشأن القدس، مناشداً الدول الأعضاء بمنظمة التعاون مضاعفة الدعم المقدم للقدس، والمجتمع الدولي للانخراط بفاعلية في رعاية عملية سلام، وفق إطار زمني محدد لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام القائم على حل الدولتين.بدوره، شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أن أي مساس بوضعية القدس «يعني تهديداً صريحاً لحل الدولتين، ويفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات وخيمة».وقال شكري أمام القمة: إنه «من البديهي أن جوهر حل الدولتين هو الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية؛ وبالتالي فإن كل مساس بوضعية القدس يعني تهديداً صريحاً لحل الدولتين، ويفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات وخيمة»، مشدداً على أنه «لا يمكن أن تتحقق أي تسوية شاملة وعادلة ونهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا على أساس حل الدولتين، على أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية القدس الشرقية، عبر مفاوضات سياسية، يرعاها المجتمع الدولي».من جانبه، دعا الرئيس اللبناني العماد ميشال عون إلى مقاربة واضحة للحل تقوم على التقدم بشكوى عاجلة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة باسم مجموعة الدول الإسلامية لتعطيل القرار الأميركي، وإلزام الولايات المتحدة بإلغائه، والقيام بحملة دبلوماسية لزيادة عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين، والانتقال إلى اعتبارها دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، مع اتخاذ الإجراءات القانونية والسياسية والدبلوماسية اللازمة لاعتماد القدس الشرقية عاصمة لها، واتخاذ إجراءات عقابية موحّدة ومتدرجة، دبلوماسية واقتصادية، ضد أي دولة تنحو منحى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والدعوة المشتركة لشعوب المنطقة لتشكيل قوة ضغط شعبي تساند الضغط السياسي والدبلوماسي، والتمسك بالمبادرة العربية للسلام، والتوافق مع وسيط دولي نزيه للعمل على تفعيلها.من جهته، طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني باستثمار جميع الطرق الممكنة للحيلولة دون تنفيذ قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقال: إن «انتفاضة الشعب الفلسطيني خلال الأيام الماضية أثبت جلياً بأنهم لا يزالون يؤكدون على مطالبهم المشروعة»، مبدياً استعداد بلاده «للتعاون مع الدول الإسلامية للدفاع عن القدس دون أي تحفظ أو شرط مسبق».وسبق انعقاد القمة اجتماع لوزراء الخارجية للنظر في قضية القدس على خلفية قرار الرئيس الأميركي. وشارك في أعمال القمة 48 دولة من بين 57 دولة عضواً في منظمة التعاون الإسلامي، منها 16 على مستوى الرؤساء والملوك والأمراء، إضافة إلى رؤساء الوزراء من جيبوتي وماليزيا وباكستان، وعلى مستويات مختلفة من باقي الدول.كما شارك في القمة رئيس جمهورية شمال قبرص التركية مصطفى أكينجي، بصفة مراقب، فضلاً عن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي حلت بلاده ضيفاً على القمة.

مشاركة :