مع وقوع مجزرة الغوطتين في 21 أب (اغسطس) الاربعاء، توجهّت الانظار إلى رد الفعل العالمي على مثل هذه المجزرة، بخاصة في ظلّ تبادل اتهامات بين النظام السوري ومعارضته في ارتكاب المجزرة. وبعد نحو أسبوع على وقوع المجزرة، تنحسر التساؤلات حول ما اذا «ستسير الامور نحو التدخل من خارج مجلس الامن وتصاعد المواجهة الروسية - الاميركية، ام ان الضربات تشكل ضغطاً للإبقاء على التعاون بين الدولتين الكبرييين؟»، أو هل يتم تشكيل تحالف دولي من خارج مجلس الامن لتوجيه ضربة جوية للنظام، بعدما أبدت اكثر من 35 دولة كبرى واقليمية «استعداداً» للدخول في تحالف كهذا عبر تشكيل «تحالف الراغبين» انطلاقاً من مبدأ «المسؤولية في حماية» المدنيين، الذي اعتمد في الامم المتحدة في العام 2005. وفي حين ان القرار النهائي لا يزال غير واضح، إلاّ أن التحليلات تصب في خانة أن أمر توجيه الضربة العسكرية تمّ حسمه، ولا يزال الجميع في انتظار تحديد التوقيت. وفيما يلي جردة عن موقف الولايات المتحدة الاميركية، التي كانت تدخّلت تحت عناوين مختلفة وأسباب عدة، موجّهة ضربات عسكرية لعدد من الدول العربية والغربية منذ الحرب العالمية الأولى، معتمدة على خطاب يرتكز على "حماية أمنها وأمن مواطنيه" و"الحرية"، و"حماية المدنيين"، ومن أبرز محطات التدخل العسكري الأميركي في الدول العربية: ليبيا- نيسان (ابريل) 1986 قصفت الولايات المتحدة الأميركية ليبيا في 15 نيسان (أبريل) 1986 في عملية سميت "عملية الدورادو"، عبر عمليات جوية مشتركة بين القوات الجوية والبحرية وقوات المارينز الأميركية. وبدأت الخلافات بين البلدين عام 1973،عندما أعلنت ليبيا رسميّا أن كامل خليج سرت جزء من مياها الإقليمية، ورفضت أميركا هذا الإعلان، متذّرعة بأن "ليبيا لا تملك مقوّمات السيطرة على هذا الخليج الكبير"، ما تسبب في حدوث مناوشات بين البلدين عام 1981، انتهت بأحداث "سرت" في 15 نيسان 1986، إذ قامت 66 طائرة أميركية انطلق بعضها من قواعد بريطانية بشن غارة وقصف أهداف في العاصمة الليبية طرابلس، ومنطقة بنغازي. وبرر الرئيس الأميركي رونالد ريغان الهجوم في ذلك الحين باتهام ليبيا بـ"المسؤولية المباشرة عن الإرهاب الموجّه إلى الولايات المتحدة الأميركية والشعب الأميركي". وقال في خطابه التلفزيوني الذي أذيع بعد الهجوم بساعتين: "عندما تعرّض مواطنونا لهجوم أو لسوء المعاملة في أي مكان في العالم، بناءً على أوامر مباشرة من أنظمة معادية، فإننا سنرد طالما أنا في هذا المنصب". "عاصفة الصحراء"- آب (أغسطس) 1990 شاركت الولايات المتحدة كذلك في حرب الخليج الثانية، المعروفة باسم "عاصفة الصحراء" التي امتدت من كانون الثاني (يناير) إلى 28 شباط (فبراير) 1991. وهي حرب شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ضد العراق، بعد أخذ الإذن من الأمم المتحدة لـ"تحرير الكويت من الاحتلال العسكري". "منطقة الحظر الجوي في العراق"- منذ عام 1991 بعد انتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991 ، فرضت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا حظراً جوياً داخل العراق، فيما عرف بمناطق الحظر الجوي شمالي العراق وجنوبه، بحجة حماية الأكراد والشيعة. وانسحبت فرنسا عام 1996 لأنها اعتقدت أن "منطقة الحظر أخذت منحى أهداف أخرى غير الأهداف الأنسانية". إلا أن الولايات المتحدة أصرّت على أن الطلعات الجوية لمراقبة المنطقة تعتبر شرعية، مستندة على قانون مجلس الأمن الدولي رقم 688 في 5 نيسان (ابريل) 1991، والذي يشجب فيه مجلس الأمن "عمليات الاضطهاد" التي تمارسها الحكومة العراقية ضد المدنيين في بعض مناطق العراق. "غزو العراق"- آذار (مارس) 2003 على رغم تصريح كبير مفتشي الأسلحة في العراق هانز بليكس أن فريقه "لم يعثر على أسلحة نووية وكيمياوية وبيولوجية"، وأن الاسلحة التي تم العثور عليها هي عبارة عن صواريخ تفوق مداها عن المدى المقرر في قرار الأمم المتحدة 687 عام 1991، وافق الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ومحاولة منه لتفادي الصراع، على تدميرها من قبل فريق هانز بليكس. بدأت عملية غزو العراق في 20 آذار (مارس) عام 2003، من قبل قوات الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ومساعدة دول عدة منها بريطانيا. وشكلت القوات العسكرية الأميركية والبريطانية نسبة 98 في المئة من هذا الائتلاف. وكان الدافع الأساسي لعملية غزو العراق، بحسب المسؤولين الأميركيين هو "امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل"، و"عدم تطبيق العراق لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان التفتيش عن الأسلحة، بمزاولة أعمالها في العراق، بالإضافة إلى أسباب أخرى اعتبرت حينها "ثانوية" بالنسبة إلى السبب الرئيسي الأول. واسفرت الحرب الأميركية على العراق عن الاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين، وإعلان القوات الأميركية بسط سيطرتها على معظم المناطق في 9 نيسان (أبريل) 2003. "سورية... التالية على اللائحة؟"- آب (أغسطس) 2013 منذ بداية الأزمة السورية وقفت الولايات المتحدة إلى جانب المعارضة وهاجمت نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي اتهمته بممارسة العنف تجاه شعبه. وبدأت بعد مرور نحو 14 شهراً على الأزمة بالتهديد بالتدخل في سورية، خارج إطار الأمم المتحدة، إذا لم يوقف النظام حملته العسكرية، إلا أن الولايات المتحدة لم تنفذ تهديداتها حينها. بعد آذار (مارس) 2013، تزايد الحديث الغربي عن تدخل عسكري في سورية، بسبب أنباء عن استخدام السلاح الكيماوي في منطقة خان العسل في حلب. حينها تبادل النظام والمعارضة الاتهمات في شأن استخدام صاروخ مزوّد بمواد كيماوية. فحذر الرئيس الأميركي باراك أوباما من "أي استخدام للأسلحة الكيماوية في سورية"، مهدداً بـ"عواقب لذلك". وفي شهر آب (أغسطس) الجاري، قتل نحو 1300 شخص في الغوطتين الشرقية والغربية اختناقاً لتنشقهم مواداً سمية، تبادلت المعارضة والنظام في سورية أيضاً، مسؤولية ضرب المنطقة بأسلحة كيماوية. وأرسلت الأمم المتحدة فريقاً من المفتشين إلى سورية في الخامس والعشرين من آب الجاري، للتحقيق في مزاعم استخدام السلاح الكيماوي. وعلى أثر الهجوم الأخير بالكيماوي، بدأت تعلو أصوات الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، مهددة بتدخل عسكري وشيك في سورية. وأكدت أن هذه الضربة ستكون بهدف منع الحكومة السورية من استخدام الأسلحة الكيماوية. *اعداد
مشاركة :