في غوطة دمشق أحلام الأطفال تقصفها الحرب ويبترها الجوع

  • 12/14/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ثنائية الخوف والجوع تكبّل أطفال الغوطة، وكلاهما يمنعانهم من التحصيل المعرفي، فالطالب الذي يذهب صباحا يعود منهكا من التعب بعد حصتين فقط لقلة الغذاء.العرب  [نُشر في 2017/12/14]طفولة وأدها القصف والحصار دمشق ـ في مدن وبلدات الغوطة الشرقية بريف دمشق السورية، تختزل نظرات الفزع في عيون الأطفال، وحرمانهم من الدراسة، معاناة طفولة وأدها القصف والحصار منذ أكثر من 5 سنوات. ففي تلك الرقعة الجغرافية المحاصرة، خمدت أصوات الأطفال بالمدارس، وماتت الأحرف بأعينهم، لتخبو أحلامهم المستقبلية تحت وقع القصف، ووطأة الموت المنبعث من ركام المدارس المدمرة، ومقاعد الطلاب التي تحولت إلى شظايا خشبية بفعل القصف. توليفة من العوامل اجتمعت في الغوطة الشرقية لتصنع منها "تراجيديا" إنسانية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ فقر مدقع يجعل السكان عاجزين عن توفير أدنى مقومات الحياة والمستلزمات المدرسية، وحصار فاقم من جوع الأطفال، وقصف يستهدف المدارس، ويقطف أرواح الأطفال اليانعة وهي منكبة على مقاعد الدراسة. وبتدمير المدارس، لم يتبق من حل أمام القائمين على العملية التعليمية سوى تحويل البيوت والمساجد إلى مدارس، وفي حال عدم توفر ذلك، يضطرون لمواصلة تعليم الأطفال بالمدارس المدمرة. وفي تصريح صحفي، قال محمد الشامي، وهو مدرّس بإحدى المدارس المنزلية (منزل تم تحويله لمدرسة) في بلدة المرج: "نعاني في المدرسة من عدة مشاكل، أهمها الحصار، ناهيك عن تعرض مدارسنا وقرانا إلى قصف عنيف من النظام وحلفائه". وأكد الشامي أنهم اضطروا لفتح مدرسة بهذه المنطقة النائية من المرج في منزل للسكن، بعد أن تجمع الناس في هذه البقعة الجغرافية. غير أن المنزل يطرح إشكالات عديدة باعتباره غير مؤهل لأن يكون مدرسة، لعدة أسباب، فـ "الطلاب والمدرسون يعانون أشد العناء من غياب الإضاءة، ما يجعل شرح الدروس وسط الجو المعتم أمر صعب، خاصة في فصل الشتاء الذي تغيب فيه الشمس لفترات طويلة"، وفق المدرّس. فقر وقصف وحصار الشامي لفت أن المدرسة تفتقر لأدنى المقومات التي تجعلها مؤهلة لاستقبال الطلاب، حيث لا توجد سوى دورة مياه وحيدة، بما أن المبنى مخصص بالأساس لسكن عائلة واحدة، فيما يرتادها فعليا 330 طالبا علاوة على الكادر الإداري والتدريسي. وضع مأساوي دعا الشامي إلى مساعدة القائمين عليه لتحسين الإنارة، وبناء دور المياه والمراحيض التي تستوعب العدد الكبير من الطلاب، مشيرا إلى وجود غرفة بدون سقف متواجدة في ملحق بجانب البناء. وعلاوة على معضلة القصف وغياب مقومات الدراسة، يواجه سكان الغوطة الشرقية غلاء المواد الغذائية، جراء الحصار، ما تسبب في ارتفاع حالات الإغماء في صفوف الطلاب، مؤخرا، بسبب قلة الغذاء. السوري أبو محمد، وهو أب لـ 4 أطفال في عمر الدراسة، قال معقبا عن الموضوع: "بتنا عاجزين عن إرسال أولادنا الى المدرسة، بسبب القصف بالطيران والمدفعية من قبل النظام". وأضاف أن "عدم توفر الكتب، وعجز الناس عن ابتياعها في حال توفرها بأعداد قليلة، إضافة إلى الرعب الدائم الذي يعيش فيه أطفالنا، جميعها عوامل جعلتنا نفضل عدم إرسالهم للمدرسة". ووفق أبو محمد، فإن ثنائية الخوف والجوع تكبّل أطفال الغوطة؛ وكلاهما يمنعانهم من التحصيل المعرفي، فالطالب الذي يذهب صباحا يعود منهكا من التعب بعد حصتين فقط لقلة الغذاء. كما أثرت قلة الغذاء على قدرة استيعاب الطالب، فلم يعد لديه قدرة على استيعاب المواد التدريسية التي يتلقاها، ما يجعل من ذهابه أمرا عبثيا وخال من النتائج الإيجابية. أطفال الغوطة.. أحلام وأدتها الحرب محمد خميس، طفل في الـ 12 من غوطة دمشق، يقول عن سبب عدم ذهابه إلى المدرسة، أنّ "الأقلام والدفاتر غالية، والكتب لا تتوفر في المدارس، ومدرسة في مدينة سقبا حيث نعيش تعرضت للقصف، ولذلك فضل أهالينا عدم إرسالنا إلى المدرسة". محمد قال إن لديه 3 إخوة وجميعهم في عمر الدراسة أيضا، غير أن والده يعجز عن إرسالهم إلى المدرسة بسبب غلاء المعيشة. وفي المدرسة ذاتها، ومن وسط الصف الثاني، تطل طفلة من بين زميلاتها، وتقدم نفسها ببراءة عجزت الحرب عن وأدها: "إسمي بيان، وعمري 10 سنوات، أدرس في صف ثاني". وأعربت الطفلة عن أملها في أن تحصل ورفاقها على مدرسة حقيقية مستقبلا، وأن يفك الحصار وتدخل الألعاب الى الغوطة الشرقية، قبل أن تخنقها العبرات وتعجز عن الكلام. أما نور الدين محمد، ذوالـ 13 ربيعاً، فيتمنى، من جانبه، أن يصبح طبيبا، وأن يفك الحصار وتتغيرالأوضاع الصعبة في الغوطة الشرقية. وبصوت طفولي صاف، يضيف للأناضول: "أتمنى أن تصبح الأوضاع أفضل، لأتمكن من تناول الفطور صباحا قبل الذهاب إلى المدرسة". وبذات النبرة البريئة المشحونة رغما عنها بآلام الكبار، تابع: "أتمنى أيضا أن تنخفض الأسعار، فسعر الكيلو غرام الواحد من السكر يبلغ اليوم 13 ألف ليرة سورية، أريده أن يصبح بـ 200 ليرة".

مشاركة :