ما يزال اللاجئون يجتازون طريق البلقان إلى أوروبا، حيث كان من المفترض أن تقطع الصفقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، طريق المهربين. تقرير لماريانا كاراكولاكي، و ديمتريس توسيديس من خيوس، سالونيك، بلغراد وسيد. عندما وصل محمد (اسم مستعار) ، 27 عاما إلى اليونان، كان يعلم مدى صعوبة الوصول إلى أوروبا؛ لكنه كان يأمل في أن يقترب من حلمه الأوروبي بمجرد وصوله إلى البر الرئيسي اليوناني. هذا هو ما وعده به المهربون في تركيا، غير أن الواقع كان مختلفا جدا. DW التقت محمد في جزيرة خيوس خلال الصيف وتابعته خلال رحلته الطويلة. وبحلول سبتمبر / أيلول وصل محمد أخيرا إلى أثينا. وتتلخص قصة محمد القادم من الكويت بأنه "بدون" أي "بلا جنسية"، وعلى الرغم من أنه كان من السهل له نسبيا الحصول على الحماية الدولية في اليونان، إلا أنه لم يطلب اللجوء في خيوس وقرر عدم تسجيل نفسه في الجزيرة. القيود المفروضة على اتفاق 2015 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، والتي تنص على إبقاء اللاجئين في الجزيرة لحين البت في طلبات لجوئهم، حتى يتم فحص طلبات اللجوء، كان يعني شيئا واحدا لمحمد: أن يجد وسيلة مختلفة للسفر، حيث وجد لاجئاً سوري يشبهه في الجزيرة اليونانية، ودفع له 800 يورو ليشتري الوثائق الخاصة به، ثم اشترى تذكرة للعبارة إلى أثينا وغادر خيوس. وبدأت فترة انتظار أخرى في أثينا، عاش محمد خلالها في شقة صغيرة بالقرب من ميناء بيرايوس بانتظار تعليمات من مهربه. مر شهران، لم يكن محمد يعلم كيفية استمرار رحلته، إذ كان يعتقد في البداية أنه سيسافر إلى إيطاليا عبر ميناء باتراس، وهو أحد أقدم نقاط الخروج للاجئين والمهاجرين في اليونان. "مرحبا من سالونيك" وبعد شهر ونصف من وصوله إلى أثينا، صدرت تعليمات من المهرب إلى محمد بأن يأخذ القطار إلى سالونيك، حيث التقت بهDW هناك مرة أخرى في فندق رخيص أرسله أليه مهربه ليقيم به مؤقتا. اليوم التالي سيكون آخر يوم له في اليونان، حيث أخبره مهربه وهو عراقي بموعد المغادرة. وقال محمد " لقد اتصل بي المهرب للتو، ويتوجب علي المغادرة حالا، لقد قال لي مسبقا بأننا سنغادر في فترة ما بعد الظهيرة، والآن تغير الموعد، لا أدري ماذا حدث". وتوجب على محمد بعدها أن يسير لمدة ساعتين إلى منطقة منعزلة، وذلك ليغادر سالونيك مع لاجئين آخرين في داخل شاحنة، وعن هذه التجربة قال محمد " كانت الشاحنة مكتظة بالرجال والنساء والأطفال"، وتابع " لقد كنت خائفا جدا". وبمجرد وصوله إلى مقدونيا، انتظر محمد مدة يومين في أحد المنازل، بالقرب من الحدود الصربية، على أمل الحصول على تعليمات جديدة من المهرب، حيث تمكن بعد فترة انتظار من الوصول إلى بلغراد. وهناك كان على محمد أن ينتظر مرة أخرى، ويصف محمد فترة انتظاره ومكوثه في بلغراد: "كان البيت مكتظا بلاجئين من جنسيات مختلفة، لم يكن لدينا الطعام الكافي، ولم يسمح لنا المهربون المشرفون علينا، وهم من باكستان، أن نعرف أين نحن بالتحديد". ولاحظ محمد أن المهربين لديهم شبكة اتصالات ضخمة، تمكنهم من التحرك في أوساط السكان المحليين، والسلطات، وحتى بين المهاجرين اللاجئين. الآلاف يعبرون طريق البلقان وطبقا للإحصاءات الصادرة عن فرونتكس، وهى وكالة حدودية تابعة للاتحاد الأوروبي، فإن حركة المهاجرين مستمرة على طول طريق غرب البلقان التي تضم دول اليونان ومقدونيا وصربيا. وفي الفترة الممتدة بين كانون الثاني/ يناير وحتى تشرين الأول / أكتوبر من هذا العام (2017)، تم رصد 964 9 شخصا، معظمهم ينحدرون من أفغانستان والعراق وباكستان. وفي الأسبوعين الأولين من شهر تشرين الثاني / نوفمبر، أفادت وكالة الأمم المتحدة للاجئين أن 307 لاجئا ومهاجرا جديدا وصلوا إلى صربيا إما باتباع طريق تركيا - اليونان –مقدونيا، وذلك عبر الجزر اليونانية، وإما عن طريق أحد أقدم طرق الهجرة: تركيا - بلغاريا – صربيا. ووفقا للاجئين والمهاجرين الآخرين الذين تقطعت بهم السبل في المنطقة نفسها مثل اللاجئة جادالي واللاجئ أحمد اللذين التقت بهما DW، فإن سعر عبور تلك الحدود يتراوح ما بين 300 يورو إلى 1000 يورو. جادالى، 22 عاما، من أفغانستان وأحمد (اسم مستعار)، 19 عاما من باكستان انقطعت بهما السبل في صربيا لمدة عامين تقريبا، حيث يعيش كل منهما بالقرب من قرية سيد بالقرب من الحدود الصربية الكرواتية وحاولوا بكل وسيلة ممكنة الوصول إلى أوروبا. وقد وصل كلاهما إلى صربيا عبر الحدود البرية البلغاريا مع تركيا. ويوضح أحمد: "قضيت ثلاثة أشهر في تركيا، وثلاثة أشهر أخرى في بلغاريا، تم ترحيلي عدة مرات من سلوفينيا وكرواتيا، كما تنقلت بين ثلاثة مخيمات هنا في صربيا، وسأظل أحاول العبور بمفردي لأنني لا أملك مالا للمهربين. أولئك الذين لديهم المال، دفعوا للمهربين" (ودبروا أنفسهم). جادالي اتبعت طريقا مشابها، وعن هذا تقول "على الحدود المجرية، احتجزت لمدة ستة أشهر، قبل أن يتم إعادتي إلى صربيا". في انتظار مكالمة ولا يزال محمد في بلغراد على أمل أن يقوم مهربه بالاتصال به وإبلاغه بالخطوة التالية، ولدى محمد مقصدين إما المجر وإما رومانيا، ولم يلتق محمد بمهربه أبدا بشكل شخصي، فهما يتحدثان فقط عبر الهاتف. وبلغت تكاليف الرحلة بأكملها زهاء 4000 يورو ( لحد الآن) وبالرغم من عدم اللقاء الشخصي، إلا أن هناك ثقة متبادلة بين محمد والمهرب. الآن، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع في المدينة، ومحاولة فاشلة لتهريب نفسه من صربيا، قال محمد الذي يقضي أيامه في مقهى "بلاد ما بين النهرين" إنه يشعر وكأنه نقل الشرق الأوسط إلى وسط بلغراد، وعلى الرغم من الأغاني البوب الأمريكية القديمة التي تعزف دون توقف يبدو الجميع هناك وكأنهم ينتظرون المكالمة الهاتفية ذاتها. يقول محمد: "كل يوم أحدث نفسي: لن يمنعني أحد، وسأصل إلى إسبانيا، وهذه هي وجهتي النهائية". وأضاف: "آمل أن يكون الجميع في هذا العالم آمنا، وكل ما أريده هو جواز سفر، له نفس الحقوق التي يتمتع بها أي شخص آخر". ديميتريس توسيديس، ماريانا كاراكولاكي/علاء جمعة مهاجر نيوز
مشاركة :