أعادت السلطات اللبنانية، أمس، افتتاح آخر المعابر الحدودية الشرعية المغلقة إلى سوريا، بموازاة بحضور وزير الداخلية في حكومة النظام السوري محمد الشعار، على الجانب السوري، والذي أعلن أنه «لا عوائق أمام كل من يرغب بالعودة إلى سوريا»، على الرغم من وجود أكثر من مليون نازح سوري داخل الأراضي اللبنانية. وأعلن الشعار أن «العلاقات اللبنانية السورية أكبر من أي تصريحات»، وأن «كل ما يخدم العلاقات الطبيعة بين البلدين من الممكن أن ينفذ». لكن مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم أشار إلى «التعاون مع الجهة السورية بما تفرضه الإجراءات والقوانين». وكان إبراهيم قد قال قبل ساعات على افتتاح المعبر إنه «لا علاقة لسياسة النأي بالنفس» بافتتاح المعبر، معتبراً أن «النأي بالنفس موضوع سياسي. أما التنسيق الأمني، فلم يتوقف» بين البلدين. وقال إبراهيم إن «التنسيق الأمني مع سوريا لم يتوقف طيلة الأزمة السورية، وكان له فوائد إيجابية في كل المراحل»، ورأى أن «الهدف من فتح المعبر الحدودي في القاع إعادة التواصل بين بعلبك الهرمل ومنطقة حمص»، آملاً في أن «يصار إلى اعتباره درجة أولى، ليساهم في عملية النهوض الاقتصادي». ووعد إبراهيم بـ«السعي الجدي لفتح معبر حدودي في منطقة القصر الحدودية، كون أهالي 15 قرية، غالبية سكانها من المواطنين اللبنانيين، يقيمون في قري ريف القصير السورية». ولفت تصريح لعضو كتلة «حزب الله» البرلمانية، النائب نوار الساحلي، الذي رأى أنها «خطوة أولى لعودة النازحين إلى سوريا»، معتبراً أن لقاء المسؤولين السوريين أمر طبيعي، وهذا سينعكس إيجابياً على لبنان، وقال: «العلاقة مع الإخوة السوريين أكثر من طبيعية، واليوم انتصرنا على الإرهاب». ولم يثر ربط افتتاح المعبر بعودة النازحين «الطوعية» إلى بلدهم أي اعتراضات من أطراف سياسية أخرى تعارض التنسيق مع النظام السوري، إذ اعتبر وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي أنها «خطوة مفيدة»، وهي «دعوة جيدة لأن يعود موالو النظام السوري إلى سوريا»، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «نريد أن يعود جميع النازحين إلى بلدهم، بهدف الحفاظ على عروبة سوريا، وكيلا نترك مجالاً للإيراني بأن يتحكم بالأراضي العربية والسورية، ومنعاً للتغيير الديموغرافي في البلاد». وقال المرعبي، وهو أحد ممثلي «تيار المستقبل» في الحكومة: «لا أشكك بجدية الدعوة، ومن يريد أن يذهب، يمكنه ذلك. أصلاً لم نغلق حدودنا بوجه الراغبين بالعودة، وقد وضعنا ملف إعادة النازحين بعهدة الأمم المتحدة لأننا لا نعرف إذا كانت المناطق التي ينوون العودة إليها آمنة أم لا، ولا يمكن ضمانة كلام المسؤولين السوريين في النظام. فبالنظر للمجازر والارتكابات، لا يمكن وضع أرواح إخواننا السوريين برقبتنا». وقال المرعبي: «أدعو (حزب الله) لإعلان انسحابه من سوريا، ونشر الأمم المتحدة لقوات أممية لحماية الناس، عندها أنا أضمن أن نصف نازحي سوريا الموجودين في البقاع اللبناني سيعودون إلى القلمون والقصير والزبداني»، وأضاف: «إذا أعلن الحزب انسحابه من تلك المناطق، سيعود سكانها إليها فوراً، كذلك إذا انتشرت قوات أممية على الحدود اللبنانية الشمالية مع سوريا، سيعود الآلاف من عكار والشمال إلى قراهم بريف حمص الغربي»، مشدداً على أن المعارضين «لا يمكن أن يعودوا إلا بالأمن والأمان». وأعادت السلطات اللبنانية والسورية، أمس، افتتاح معبر القاع - جوسيه بين البلدين، الذي جرى إغلاقه في عام 2012 جراء النزاع السوري، وسيطرة الفصائل المعارضة على الجهة المقابلة من الحدود. وافتتح المعبر من الجانب اللبناني المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، فيما حضر على الجانب السوري وزير الداخلية محمد الشعار، ومحافظ حمص طلال برازي. وقال إبراهيم، خلال حفل الافتتاح: «اليوم، وبعد إقفال قسري نتيجة العمل الإرهابي الذي تعرضت له المنطقة بأسرها، نحتفل وإياكم بافتتاح هذا المعبر». ولفت اللواء إبراهيم إلى أن «الاحتفال بافتتاح معبر جوسيه، وإعادة العمل فيه ليكون محطة أمن وأمان لأهل القاع واللبنانيين، وليضمن للوافدين من وإلى لبنان حرية الانتقال، بالتعاون مع الأشقاء من الجهة السورية، بما تفرضه القوانين والاتفاقيات، كما أنه يشكل ركيزة أساسية من دعائم السيادة الوطنية مع الالتزام التام بالمواثيق الدولية». وأشار إلى أن «أهمية هذا المعبر الحدودي تكمن في موقعه الجيوسياسي، ونحن هنا لنثبت حدود وطننا بالجهد والتضحية»، وتابع: «لكم منا يا أهل القاع كل الحب والعهد بالوفاء». وعلى الضفة السورية من الحدود، تجول الشعار في مباني المعبر، واستمع من القائمين عليه إلى عرض حول الإجراءات المتخذة لتسهيل حركة العبور للمواطنين، وأكد تفعيل حركة الدخول والخروج في المعبر، بدءاً من صباح يوم اليوم الجمعة، وتسهيل الإجراءات أمام المواطنين في مكاتب الأمانة الجمركية والهجرة، وقال إن المعبر «تمت إعادة ترميمه وتأهيله بعد تعرضه للتخريب على أيدي المجموعات الإرهابية». وقال محافظ حمص طلال برازي: «سيعود الأمر إلى ما كان عليه، وإن شاء الله تعود حركة الترانزيت من وإلى لبنان إلى ما قبل عام 2012». وباتت كل المعابر الحدودية الخمسة بين لبنان وسوريا تحت سيطرة قوات النظام من الجانب السوري، وهي جديدة يابوس (المصنع)، والدبوسية (العبودية)، وجوسية (القاع)، وتل كلخ (البقيعة)، وطرطوس (العريضة). وتوجد على طول الحدود اللبنانية السورية معابر كثيرة غير قانونية، معظمها في مناطق جبلية وعرة.
مشاركة :