الاستحقاق السياسي الأكثر ضرورة، للعام المقبل، هو تثبيت سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية بشكل أعمق وأفضل. ومن أبرز الاستحقاقات في لبنان، عام 2018، أيضا إنجاز الاستحقاق الانتخابي النيابي المقرر في مايو/ أيار 2018 وتأجلت الانتخابات النيابية مرتين، لمدة عامين في كل مرّة، ولم ينجح السياسيون في التوصل إلى اتفاق على قانون انتخابي حتى 16 يونيو/ حزيران الماضي. أزمة الاستقالة الهدف الأساسي لحكومة سعد الحريري، التي تشكلت في نوفمبر/ تشرين ثانٍ 2016، كان هو معالجة الأزمات الحياتية والأساسية المتراكمة منذ سنوات في لبنان. لكن الحكومة اصطدمت بـ"مساعٍ إيرانية لخطف لبنان، وفرض الوصاية عليه"، بعدما تمكنت جماعة حزب الله من فرض أمر واقع بقوة سلاحها"، وفق رئيس الحكومة. وهو ما دفع الحريري، في 4 نوفمبر/ تشرين ثانٍ الماضي، إلى إعلان استقالته من العاصمة السعودية الرياض جراء خرق حزب الله لسياسة نأي لبنان بنفسه عن الصراعات الخارجية. وعاد الحريري من الرياض إلى بيروت، في 22 نوفمبر/ تشرين ثانٍ الماضي، للمشاركة في إحياء ذكرى يوم الاستقلال عن فرنسا، واستجاب لدعوة وجهها إليه الرئيس اللبناني ميشيل عون بالتريث في الاستقالة. وسمحت جهود عون وماكرون للفرقاء في لبنان بإعادة تجديد مضمون التسوية السياسية، التي يتهم منتقدون جماعة حزب الله باستغلالها لصالح توجهات حليفتها إيران. ورست أزمة استقالة الحريري على مخرج دفعه إلى العودة عنها. ففي جلسة، يوم 5 ديسمبر/ كانون أول الجاري، أجمعت مكونات الحكومة، بمن فيها حزب الله على التزامها "النأي بنفسها عن أي نزاعات أو صراعات أو حروب أو عن الشؤون الداخلية للدول العربية، حفاظاً على علاقات لبنان السياسية والاقتصادية مع أشقائه العرب" وفي ضوء ما سبق، سيكون مدى تطبيق "سياسية النأي بالنفس" محددا رئيسيا للمسار السياسي في لبنان العام المقبل. أداء الحكومة بدأ عام 2017 مفعماً بالنشاط الحكومي والوفاق السياسي، وبدأت جلسات مجلس الوزراء تدرس اقتراحات قوانين. وأنجز مجلس النواب (البرلمان)، في 16 يونيو/ حزيران الماضي، قانون انتخاب، يعتمد على مبدأ النسبية مع الصوت التفضيلي، وهو هو أول قانون انتخابي في لبنان بهذا الشكل، مع تحديد موعد الانتخابات النيابية في مايو/ أيار 2018. وفي 18 يوليو/ تموز الماضي أنجزت الحكومة سلسلة الرتب والرواتب وبعض الإصلاحات الضرائبية. وأقرت الحكومة، في 3 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، التشكيلات القضائية، وبعدها التشكيلات الدبلوماسية، ثم عينت مجلسا اقتصاديا واجتماعيا. وفي التاسع عشر من الشهر نفسه، أنجزت الحكومة الموازنة العامة، بعد اثني عشر عاماً على غيابها. الوضع الأمني وشهد 2017 سجالات سياسية بين أهل الحكم في مقاربة ملفات حيوية وقضايا حياتية، مثل التطبيع مع النظام السوري، لحلّ أزمة اللاجئين السوريين في لبنان، وتعيين سفير لبناني في دمشق. وأمنياً تجاوز لبنان، في أغسطس/ آب الماضي، أزمة قتال حزب الله لـ"جبهة النصرة" في جرود عرسال البقاعية وجرود فليطة في القلمون الغربي، وأنتهى الأمر بإبرام صفقة أخرجت الجبهة بموجبها مسلحيها وعائلاتهم إلى إدلب شمالي غربي سوريا. وفي 19 أغسطس/ آب الماضي أطلق الجيش اللبناني معركة "فجر الجرود"، لتحرير بلدتي رأس بعلبك والقاع البقاعيتين من تنظيم "داعش"، وبالفعل حررهما بعد أحد عشر يوماً. فيما أبرم حزب الله وحليفه النظام السوري صفقة مع داعش سمحت للأخير بالخروج من الجهة المقابلة للحدود اللبنانية من الناحية السورية إلى منطقة دير الزور قرب الحدود السورية -العراقية، بحماية من قوات النظام السوري و"حزب الله"، ما أثار استياء كبيرا بين اللبنانيين. وبعد 3 سنوات و26 يوماً على اختطاف "داعش" لعسكريين لبنانيين، كشف التنظيم عن قتلهم، ومكان دفنهم. وفي يوم إعلان استقالة الحريري، 4 نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، قال مصدر أمني إن موكب الحريري تعرّض قبلها لتشويش من قبل جهاز إيراني و"كأنه يحضر لعملية اغتيال". وجرى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، والد سعد، عبر تفجير موكبه في بيروت، يوم 14 فبراير/ شباط 2005، وحمل أنصاره حزب الله وإيران مسؤولية اغتياله، وهو ما ينفيه الأخيران. وفي 23 نوفمبر/ تشرين ثانٍ الماضي أوقفت الأجهزة الأمنية الممثل المسرحي اللبناني، زياد عيتاني، بشبهة التخابر مع إسرائيل، ما شكل صدمة للكثيرين، لكون عيتاني معروف بأنه مثقف عروبي ومن مؤيدي المقاومة. ويبقى الوضع الأمني في لبنان دائماً على المحك، جراء صدور تحذيرات دورية من سفارات عربية وغربية بضرورة مغادرة رعاياهم لبنان؛ بسبب السلاح المتفلت المدعوم بغطاء من حزب الله. ويبقى استقرار الوضع الأمن ضروريا في لبنان لإجراء الانتخابات النيابية وعدم عودة الارهابيين إلى الأراضي اللبنانية.
مشاركة :