الأزمة السياسية لم تؤثر على الاقتصاد اللبناني

  • 12/15/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن الاقتصاد اللبناني يكتسب المزيد من الثقة وأثبت صحة سياساته النقدية اثر الأزمة التي عصفت بالبلاد الشهر الماضي بسبب اعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته المفاجئة ثم تراجعه عنها. وأثارت استقالة الحريري في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني والأزمة التي تلتها الخشية من تدهور الاقتصاد الهش أصلا وخوفا من تراجع تحويلات المغتربين اللبنانيين في الخليج كما سرت تكهنات عن احتمال تأثر وضع الليرة بالتطور المفاجئ. وقال سلامة خلال مقابلة في مقر مصرف لبنان في بيروت "السيولة لتمويل الاقتصاد بقيت متوفرة لأننا حافظنا على استقرار مالي خلال الأزمة حتى أنني اعتقد أنه سيكون هناك المزيد من الثقة بعد الأزمة". وتحظى المصارف اللبنانية بمصداقية ثابتة في العالم وتُعد بين الأكثر نشاطا في المنطقة. وأضاف أن "الثمن الذي خلفته الأزمة كان ارتفاعا في أسعار الفائدة على الليرة اللبنانية"، مشيرا إلى أن "المودعين الذين كانوا يحصلون على فائدة بين ستة وسبعة بالمئة على ودائعهم شهريا باتوا الآن يحصلون على ما بين ثمانية وتسعة بالمئة". ورغم ذلك، شدد سلامة على أن "المكافأة كانت بأن البلد أظهر مجددا مرونة اقتصادية وبأن سياستنا المالية صحيحة". القطاع المصرفي وخلافا للتكهنات، حافظت الليرة اللبنانية على استقرارها وذلك مرده إلى وجود "احتياطات مهمة بالدولار الأميركي" لدى المصرف المركزي، وفق سلامة الذي يرأس هذا المرفق الحيوي منذ 24 عاما وجرى اختياره مرتين كأفضل حاكم لمصرف مركزي في العالم من قبل مجلة "يورو ماني". وبفضل سيولة المصارف اللبنانية، فإن "لبنان قادر دائما على تمويل نفسه من خلال قطاعه المصرفي". وشهد لبنان في نوفمبر/تشرين الثاني أزمة سياسية بدأت بإعلان الحريري استقالته من منصبه. وعاد الحريري في الخامس من الشهر الحالي عن استقالته بعد تأكيد الحكومة سياسة "النأي بالنفس" حيال أزمات المنطقة وهو أمر وضعه الحريري شرطا للعودة عن استقالته، مشيرا إلى حزب الله بسبب الدور الذي يقوم به في نزاعات إقليمية أهمها اليمن وسوريا. وكان مصدر قريب من الحريري قال إن السعودية كانت تستعد لفرض عقوبات مالية على لبنان كما هددت "بطرد أكثر من 160 ألف لبناني يعملون في دول الخليج ودفع المستثمرين الخليجين إلى سحب استثماراتهم من لبنان" ردا على تدخلات حزب الله. لكن سلامة شدد على أن تأثير الأزمة مع السعودية معنوي أكثر منه اقتصادي. وقال "لم اتلق أي رسالة من السعودية في ما يتعلق بقرارات اقتصادية ضد لبنان"، مضيفا "ما هو أهم هو التأثير النفسي للأزمة مع السعودية". وأضاف "هذا التدهور المفاجئ في العلاقة شكل مفاجأة للبنانيين الذي لا يريدون فعلا أن يكون لديهم علاقة عدائية مع السعودية"، لافتا إلى أن السعوديين ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011 لم يكن لديهم دور كبير في الاقتصاد اللبناني. وسلامة معروف في القطاع المصرفي بسياساته النقدية الحذرة وحياده السياسي في بلد منقسم يقوم نظام الحكم فيه على توافق وتسويات بين الطوائف الرئيسية. وأكد أنه يريد "الحفاظ على القطاع المصرفي بمنأى من المشاكل السياسية في المنطقة". ثمانية مليارات من المغتربين وإلى جانب القطاع المصرفي، يعتمد لبنان بشكل أساسي على تحويلات المغتربين التي قدرت بثمانية مليارات دولار عام 2017، بينها 30 بالمئة من اللبنانيين في دول الخليج، وفق ما أكد سلامة. ولا يزال لبنان يعاني من تداعيات الحرب الأهلية التي دمرت البنى التحتية (1975-1990)، ومن ارتفاع المديونية التي تساوي 145 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ومن الفساد المستشري. ومنذ بدء النزاع السوري، أطلقت بيروت والمنظمات الدولية مرارا ناقوس الخطر حول الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي عززتها أزمة اللاجئين السوريين. ويأوي لبنان البلد الصغير ذو الامكانات الضعيفة نحو مليون ومئتي ألف لاجئ سوري يعيشون ظروفا انسانية صعبة بمعظمهم. ويُرتب وجودهم أعباء اجتماعية واقتصادية. ولفت سلامة إلى تأثير سلبي للنزاع السوري وأزمة اللاجئين على نمو الاقتصاد اللبناني الذي تراجع "من معدل ثمانية بالمئة سنويا إلى معدل يترواح بين واحد واثنين بالمئة". وقال إن الكلفة المباشرة لوجود هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين بلغ مليار دولار سنويا. ومن المتوقع أن يسجل العام 2017 نموا بنسبة 2.5 بالمئة على أن تبلغ نسبة التضخم 3.3 بالمئة فضلا عن ميزان مدفوعات سلبي بسبب الأزمة الأخيرة. ورغم ذلك أشاد سلامة "بمبادرات ذات مصداقية وناجحة من قبل المصرف المركزي تمكنت من الحفاظ على الاستقرار في اللحظات الصعبة". وأكد أنه ليس لديه أي قدرات خارقة تحمي الاقتصاد اللبناني. وقال مازحا "لا، لست هاري بوتر"، الشخصية الخيالية لرواية عن بطل ساحر.

مشاركة :