منى البدوي التهريب والوصفات الطبية أول ما يشير له المستشارون القانونيون عند الحديث عن تعاطي المؤثرات العقلية، خاصة بين فئة الشباب، والتي أكد المحامون تزايد أعدادهم؛ بسبب سهولة الحصول عليها، وأيضاً تطور أساليب التهريب، وهو ما يتطلب مواجهته بوضع الوصفات الطبية تحت دائرة الرقابة، وتحديث وتطوير آليات الضبط وأدوات رجال الضبط المستخدمة في كشف المهربين. فالخطورة هنا لها جانبان، الأول يتعلق بالكشف باستمرار عن طرق جديدة للتهريب، ويتحايل فيها المهربون على الإجراءات المتبعة، وفي المقابل اهتمام متزايد برفع كفاءة وقدرات رجال الضبطيات، والتضييق على المتعاطين الذين يجدون أحياناً مبتغاهم بسهولة مستنكرة.يقول المستشار القانوني أحمد محمد بشير، إنه من خلال التواجد المستمر في أروقة المحاكم، والاطلاع على القضايا، نجد أن أغلبية المؤثرات العقلية التي يتم ضبطها مصدرها دول الجوار، وما يتم ضبطه لا يتجاوز 30% مما يتم إدخاله للدولة، نتيجة تطور وسائل وأساليب التهريب، الأمر الذي لا بد أن يوازيه تطور في آليات الضبط، وتوعية أفراد الضبط، من خلال دورات مكثفة، وإطلاعهم على أحدث المستجدات في مجال التهريب.وأشار إلى عدد من طرق التهريب، التي تؤكد أهمية تطوير آليات الضبط، وتوعية وتدريب رجال الضبط بالطرق الحديثة للتهريب، مشيراً إلى أن سيدة قامت بوضع مواد مخدرة في حفاضة طفل، و آخر تسلم الحبوب بالبريد المسجل، وأن آخرين يروجون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يتطلب مواكبة التطور الحاصل في عالم تهريب وترويج وبيع المؤثرات العقلية والمواد المخدرة. زيادة أعداد المتعاطين وأكد بشير على ضرورة إجراء دراسة فعلية اجتماعية؛ للكشف عن أسباب زيادة الإقبال على طلب المؤثرات العقلية، تتضمن دراسة الحالة النفسية والسلوكية للطلبة من المرحلة الابتدائية تحديداً «بداية سن المراهقة»؛ لمعرفة سبب لجوء الشباب إلى هذه المؤثرات، والوقوف على الأسباب الحقيقية للإقبال عليها، ومدى تأثير ضعف الوازع الديني والتفكك الأسري ورقابة الأهل في الانسياق للمروجين وتعاطي المؤثرات العقلية.وأشار إلى الوصفات الطبية التي يتم بيعها من قبل بعض ضعاف النفوس، وإلى ضرورة إيجاد آلية رقابة مستمرة على وصفات المؤثرات العقلية، ومتابعة الكميات التي يقوم الطبيب بوصفها، وأيضاً مراقبة إيراداتهم البنكية، حيث إن الثراء المفاجئ من الأمور التي لا بد أن تثير شكوك الرقابة، لافتاً في الوقت نفسه إلى وجود وصفات مزورة ليس لها أصل طبي، وهو ما يمكن كشفه من خلال نظام الربط الإلكتروني في الصيدليات والأدوية المراقبة، حتى يتأكد الصيدلي من أن الوصفة صادرة من عيادة مرخصة وطبيب مزاول للمهنة، ومن هوية الشخص المذكور بالوصفة. التحايل بالوصفات الخارجية وذكر علي أحمد الصايغ مستشار قانوني أن الوصفات الطبية الخارجية واحدة من طرق التحايل على القانون، مشيراً إلى ضرورة التضييق على سبل التحايل، من خلال تصديق الوصفات المصروفة خارج الدولة من قبل سفارة الدولة أو القنصلية وكاتب العدل.وعن الوصفات التي يصرفها داخل الدولة أشار إلى أهمية تغليظ العقوبات المتعلقة بالمؤثرات العقلية، وإيجاد آليات تقنين تسهم في الحد من تعاطيها دون حاجة أو بيعها، من خلال عدم ترك قرار صرف دواء مؤثر عقلي أو مخدر لطبيب واحد فقط وإنما تصديق الوصفة من ثلاثة أطباء، وتوجيه الأطباء نحو استخدام البدائل الطبية المتاحة. مجهر الرقابة وطالب محمد السيد الزرزور، مستشار قانوني، بوضع الوصفات الطبية تحت مجهر الرقابة، خاصة الصادرة من المستشفيات أو المراكز الطبية الخاصة؛ حيث إن بعض تفاصيل قضايا تعاطي المؤثرات العقلية كشف وجود وصفات طبية لمؤثرات عقلية يتم سحبها من الصيدليات؛ بهدف بيعها للشباب، مشيراً إلى ضرورة إعادة النظر في كمية المؤثرات العقلية التي يتم صرفها للمريض الواحد.وأكد أهمية تقليص كميات الأدوية المحظورة، والتي يتم صرفها كعلاج، ومراعاة عدة أمور عند تحديدها، مثل عمر المريض ومدى حاجته للكمية المصروفة؛ لتجنب تعاطيها أو حتى بيعها لآخرين. المؤثرات والمخدرات من جانبه أوضح حامد يسري مستشار قانوني أن المؤثرات العقلية تختلف عن المواد المخدرة؛ حيث إن الأولى والتي ينتج عن تناولها الهلوسة تصنع بشكل دوائي للعلاج، وتستخدم غالباً في علاج الأمراض النفسية، ويمكن إدخالها للدولة بطرق أسهل من المواد المخدرة، خاصة إذا كان مستخدمها يحمل وصفة طبية، مشيراً إلى أن بعض المواد المخدرة يمكن استخدامها في تصنيع الدواء مثل الموروفين.وأشار إلى أن البعض يقع تحت طائلة القانون؛ نتيجة الجهل بوضع المؤثرات العقلية القانوني، وأن بعض الأطباء يكتفون بكتابة الوصفات دون إحاطة المريض بضرورة الاحتفاظ بالوصفة، تجنباً للمساءلة القانونية، إلى جانب تكثيف برامج التوعية بأنواع المؤثرات والمخدرات المحظور تداولها بدون وصفة طبية، وأيضاً العقوبات المترتبة على حيازتها أو تعاطيها. من أروقة المحاكم روى المستشار القانوني خالد محمد تفاصيل واحدة من القضايا التي شهدتها أروقة المحاكم بالعين؛ حيث تعاطى شابٌّ مؤثراً عقلياً عن طريق صديق له أفاد بأن الكبسولة عبارة عن مسكن ألم، وبعد تناولها تم ضبطه من قبل رجال الشرطة، الذين ساورهم الشك بتصرفاته، ليتبين تعاطيه للمؤثر العقلي وإحالته للمحكمة. وبعد ثبوت عدم علمه وفقاً لمجريات التحقيق ومحضر الشرطة والنيابة وقناعة القاضي، تم إثبات انتفاء القصد الجنائي والحكم ببراءته.
مشاركة :